واستدل بعضهم بالآية على أن الجد واللعب في إظهار كلمة الكفر سواء ولا خلاف بين الأئمة في ذلك {إِن نَّعْفُ عَن طَائِفَةٍ مّنْكُمْ} لتوبتهم وإخلاصهم على أن الخطاب لجميع المنافقين أو لتجنبهم عن الإيذاء والاستهزاء على أن الخطاب للمؤذين والمستهزئين منهم، والعفو في ذلك عن عقوبة الدنيا العاجلة {نُعَذّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ} أي مصرين على النفاق وهم غير التائبين أو مباشرين له وهم غير المجتنبين. أخرج ابن إسحق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن كعب بن مالك قال من خبر فيه طول: كان الذي عفى عنه محشي بن حمير الأشجعي فتسمى عبد الرحمن وسأل الله تعالى أن يقتل شهيدًا لا يعلم مقتله فقتل يوم اليمامة فلم يعلم مقتله ولا قاتله ولم ير له عين ولا أثر. الآية 66 من سورة التوبة - الموقع الرسمي للشيخ أ. د. خالد السبت. وفي بعض الروايات أنه لما نزلت هذه الآية تاب عن نفاقه وقال: اللهم إني لا أزال أسمع آية تقشعر منها الجلود وتجب منها القلوب اللهم اجعل وفاتي قتلًا في سبيلك لا يقول أحد أنا غسلت أنا كفنت أنا دفنت فأصيب يوم اليمامة واستجيب دعاؤه رضي الله تعالى عنه. ومن هنا قال مجاهد: إن الطائفة تطلق على الواجد إلا الألف، وقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: الطائفة الواحد والنفر، وقرئ {يعف} و {لاَّ يُعَذّبُ} بالياء وبناء الفاعل فيهما وهو الله تعالى.
لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ۚ إِن نَّعْفُ عَن طَائِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ (66) ولهذا لما جاءوا إلى الرسول يعتذرون بهذه المقالة، والرسول لا يزيدهم على قوله {أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} وقوله {إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ} لتوبتهم واستغفارهم وندمهم، {نُعَذِّبْ طَائِفَةً} منكم {بِأَنَّهُمْ} بسبب أنهم {كَانُوا مُجْرِمِينَ} مقيمين على كفرهم ونفاقهم. وفي هذه الآيات دليل على أن من أسر سريرة، خصوصا السريرة التي يمكر فيها بدينه، ويستهزئ به وبآياته ورسوله، فإن اللّه تعالى يظهرها ويفضح صاحبها، ويعاقبه أشد العقوبة. وأن من استهزأ بشيء من كتاب اللّه أو سنة رسوله الثابتة عنه، أو سخر بذلك، أو تنقصه، أو استهزأ بالرسول أو تنقصه، فإنه كافر باللّه العظيم، وأن التوبة مقبولة من كل ذنب، وإن كان عظيمًا.
الجهل عدوُّ صاحبِه، ولم أرَ عدوًّا كالجهل فتْكًا بصاحبه؛ حيث يكبِّده أشدَّ الخسائر، ومع هذا يظل متشبِّثًا به، كأنَّه ثروته التي لا تنفد، وكنزه الذي لا يبلى. الجهل عدوُّ صاحبِه، ولم أرَ عدوًّا كالجهل فتْكًا بصاحبه؛ حيث يكبِّده أشدَّ الخسائر، ومع هذا يظل متشبِّثًا به، كأنَّه ثروته التي لا تنفد، وكنزه الذي لا يبلى. وهو كذلك... وقد ذَكَرَ لي أحدُ الإخوة أنَّ شخصًا ينتسب إلى الإسلام، ويُعَدُّ مِن أهله، يكنِّي النبي َّ صلى الله عليه وسلم بكُنْيَة ليست له، وبطريقة استهزائية، لا يرتضيها أدنَى الناس، ناهيك عن أشرفهم مقامًا، وأعلاهم رُتْبَة. وتلك الكُنْية هي "أبو جاسم"، وأحيانًا "أبو جسوم"! وذلك الفِعْل وسطَ حشدٍ مِن الناس يَضحكون لذلك، يَظُنُّونه فهمًا وثقافة، أعماهُم جهلُهم المركَّب. وهذه لا تليقُ بالنبي صلى الله عليه وسلم، ولا هي كُنْيَته؛ بل كُنْيَتُه صلوات ربي وسلامه عليه هي: "أبو القاسم"، وليست تلك الكُنْيَة. ولو أنَّك كَنيْتَ شخصًا بغير كُنْيَتِه، لانتفضَ وأنكَرَ عليك ذلك الأمْر مُصحِّحًا ما أخطأتَ به، فكيف بأكرم خَلْق اللهِ على الله، ولو فرضْنا جدلًا أنَّ شخصًا كُنْيَتُه "أبو جاسم"، هل يَرتَضِي أنْ يُقال له: "أبو جسوم"؟!