يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) يقول جلّ ثناؤه: ( يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ) يا أيها المتدثر بثيابه عند نومه. وذُكر أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم قيل له ذلك، وهو متدثر بقطيفة. * ذكر من قال ذلك: حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا يحيى بن سعيد، عن شعبة، عن المغيرة، عن إبراهيم ( يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ) قال: كان متدثرا في قطيفة. قراءة سورة المدّثر مكتوبة كاملة بخط كبير. وذُكر أن هذه الآية أول شيء نـزل من القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه قيل له: ( يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ).
وأيا ما كان السبب والمناسبة فقد تضمنت هذه السورة في مطلعها ذلك النداء العلوي بانتداب النبي [ صلى الله عليه وسلم] لهذا الأمر الجلل ؛ وانتزاعه من النوم والتدثر والدفء إلى الجهاد والكفاح والمشقة: ( يا أيها المدثر. قم فأنذر).. مع توجيهه [ صلى الله عليه وسلم] إلى التهيؤ لهذا الأمر العظيم ، والاستعانة عليه بهذا الذي وجهه الله إليه: ( وربك فكبر. والرجز فاهجر. ولا تمنن تستكثر. وكان ختام التوجيه هنا بالصبر كما كان هناك في سورة المزمل! وتضمنت السورة بعد هذا تهديدا ووعيدا للمكذبين بالآخرة ، وبحرب الله المباشرة ، كما تضمنت سورة المزمل سواء: ( فإذا نقر في الناقور ، فذلك يومئذ يوم عسير ، على الكافرين غير يسير. ذرني ومن خلقت وحيدا. وجعلت له مالا ممدودا ، وبنين شهودا ، ومهدت له تمهيدا ، ثم يطمع أن أزيد. كلا! إنه كان لآياتنا عنيدا. سورة المدثر | بصوت المقرئ - مشاري العفاسي - YouTube. سأرهقه صعودا).. وتعين سورة المدثر أحد المكذبين بصفته ، وترسم مشهدا من مشاهد كيده - على نحو ما ورد في سورة القلم ، وربما كان الشخص المعني هنا وهناك واحدا ، قيل: إنه الوليد بن المغيرة - [ كما سيأتي تفصيل الروايات عند مواجهة النص] وتذكر سبب حرب الله سبحانه وتعالى له: ( إنه فكر وقدر.
فأنزل الله تعالى: ( يا أيها المدثر. وربك فكبر. وثيابك فطهر. والرجز فاهجر ، ولا تمنن تستكثر. ولربك فاصبر).. وتكاد تكون هذه الرواية هي ذاتها التي رويت عن سورة " المزمل ".. مما يجعلنا لا نستطيع الجزم بشيء عن أيتهما هي التي نزلت أولا. قران سورة المدثر مكرر. والتي نزلت بهذه المناسبة أو تلك. غير أن النظر في النص القرآني ذاته يوحي بأن مطلع هذه السورة إلى قوله تعالى: ( ولربك فاصبر) ربما يكون قد نزل مبكرا في أوائل أيام الدعوة. شأنه شأن مطلع سورة المزمل إلى قوله تعالى: ( واذكر اسم ربك وتبتل إليه تبتيلا ، رب المشرق والمغرب لا إله إلا هو فاتخذه وكيلا).. وهذا وذلك لإعداد نفس الرسول [ صلى الله عليه وسلم] للنهوض بالتبعة الكبرى ، ومواجهة قريش بعد ذلك بالدعوة جهارا وكافة ، مما سيترتب عليه مشاق كثيرة متنوعة ، تحتاج مواجهتها إلى إعداد نفسي سابق.. ويكون ما تلا ذلك في سورة المدثر ، وما تلا هذا في سورة المزمل ، قد نزلا بعد فترة بمناسبة تكذيب القوم وعنادهم ، وإيذائهم للنبي [ صلى الله عليه وسلم] بالاتهام الكاذب والكيد اللئيم. إلا أن هذا الاحتمال لا ينفي الاحتمال الآخر ، وهو أن يكون كل من المطلعين قد نزل متصلا بما تلاه في هذه السورة وفي تلك ، بمناسبة واحدة ، هي التكذيب ، واغتمام رسول الله [ صلى الله عليه وسلم] للكيد الذي كادته قريش ودبرته.. ويكون الشأن في السورتين هو الشأن في سورة القلم على النحو الذي بيناه هناك.
ذات صلة تفسير سورة المدثر للأطفال سبب نزول سورة المدثر وصايا للنبي في بدء الدعوة قال الله -تعالى-: ﴿يا أَيُّهَا المُدَّثِّر* قُم فَأَنذِر* وَرَبَّكَ فَكَبِّر* وَثِيابَكَ فَطَهِّر* وَالرُّجزَ فَاهجُر* وَلا تَمنُن تَستَكثِرُ* وَلِرَبِّكَ فَاصبِر* فَإِذا نُقِرَ فِي النّاقورِ* فَذلِكَ يَومَئِذٍ يَومٌ عَسيرٌ* عَلَى الكافِرينَ غَيرُ يَسيرٍ﴾. [١] لما أراد الله -سبحانه- بدء نبوة سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-؛ أرسل إليه جبريل -عليه السلام-، فنزل عليه بصورته الحقيقية، ففزع منه النبي، وذهب إلى زوجته خديجة -رضي الله عنها- فقال لها: (دَثِّرُونِي وصُبُّوا عَلَيَّ مَاءً بَارِدًا) ، [٢] فنزلت الآيات بأمر الله له أن يقوم من دثاره وينذر الناس، ويخوّف أهل مكة من العذاب، ويدعوهم إلى الهداية. قران كريم سورة المدثر. [٣] وأن يكون مكبّراً ومنزهاً الله -تعالى- عن كل شرك، مطهراً لثيابه من النجاسات، هاجراً لعبادة الأصنام، ثم تدعو الآيات إلى عدم استكثار الجميل مما قد يُعطى وانتظار أن يُردّ له بالأكثر منه، بالإضافة إلى الصبر على تبليغ الدعوة، حتى إذا جاء البعث، وفزع الجميع منه، كان أصعب ما يكون على الكافرين. [٣] تهديد لزعماء قريش قال الله -تعالى-: ﴿ذَرني وَمَن خَلَقتُ وَحيدًا* وَجَعَلتُ لَهُ مالًا مَمدودًا* وَبَنينَ شُهودًا* وَمَهَّدتُ لَهُ تَمهيدًا* ثُمَّ يَطمَعُ أَن أَزيدَ* كَلّا إِنَّهُ كانَ لِآياتِنا عَنيدًا* سَأُرهِقُهُ صَعودًا* إنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ* فَقُتِلَ كَيفَ قَدَّرَ* ثُمَّ قُتِلَ كَيفَ قَدَّرَ* ثُمَّ نَظَرَ* ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ* ثُمَّ أَدبَرَ وَاستَكبَرَ* فَقالَ إِن هذا إِلّا سِحرٌ يُؤثَرُ* إِن هذا إِلّا قَولُ البَشَرِ﴾.