حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا عمرو بن محمد العنقزي، عن أسباط، عن السديّ: { وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ} قال خزاعة يشف صدورهم من بني بكر. حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ، مثله. حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: { وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ} خزاعة حلفاء محمد صلى الله عليه وسلم. ويشف صدور قوم مؤمنين اسلام ويب. حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا عبد الله بن رجاء، عن ابن جريج، عن عبد الله بن كثير، عن مجاهد: { وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ} قال: حلفاء رسول الله صلى الله عليه وسلم من خزاعة. حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.
قال ابن عاشور: {قاتلوهم يُعَذِّبْهُمُ الله بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ} استئناف ابتدائي للعود من غرض التحذير، إلى صريح الأمر بقتالهم الذي في قوله: {فقاتلوا أئمة الكفر} [التوبة: 12] وشأن مثل هذا العود في الكلام أن يكون باستئناف كما وقع هنا. وجُزم {يعذبهم} وما عطف عليه في جواب الأمر. وفي جعله جوابًا وجزاءً أنّ الله ضمن للمسلمين من تلك المقاتلة خمس فوائد تنحلّ إلى اثنتي عشرة إذ تشتمل كل فائدة منها على كرامة للمؤمنين وإهانة لهؤلاء المشركين وروعي في كلّ فائدة منها الغرض الأهمّ فصرح به وجعل ما عداه حاصلًا بطريق الكناية. الفائدة الأولى تعذيب المشركين بأيدي المسلمين وهذه إهانة للمشركين وكرامة للمسلمين. الثانية: خزي المشركين وهو يستلزم عِزّة المسلمين. القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة التوبة - الآية 14. الثالثة: نصر المسلمين، وهذه كرامة صريحة لهم وتستلزم هزيمة المشركين وهي إهانة لهم. الرابعة: شفاء صدور فريق من المؤمنين، وهذه صريحة في شفاء صدور طائفة من المؤمنين وهم خزاعة، وتستلزم شفاء صدور المؤمنين كلّهم، وتستلزم حرج صدور أعدائهم فهذه ثلاث فوائد في فائدة. الخامسة: إذهاب غيظ قلوب فريق من المؤمنين أو المؤمنين كلّهم، وهذه تستلزم ذهاب غيظ بقية المؤمنين الذي تحملوه من إغاظة أحلامهم وتستلزم غيظ قلوب أعدائهم، فهذه ثلاث فوائد في فائدة.
{قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ الله بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ} [التوبة: 14]. وما الفرق بين العذاب والخزي؟ نقول: قد نجد واحدا له كِبْرٌ وجَلَدٌ، وإن أصابه العذاب فهو يتحمله ولا يظهر الفزع أو الخوف أو الضعف، ويمنعه كبرياؤه الذاتي من أن يتأوه، ولمثل ذلك هناك عذاب آخر هو الخزي، والخزي أقسى على النفس من العذاب؛ لأن معناه الفضيحة، كأن يكون هناك إنسان له مهابة في الحي الذي يسكن فيه، مثل فتوة الحي، ثم يأتي شاب ويدخل معه في مشاجرة أمام الناس ويلقيه على الأرض، هذا الإلقاء لا يعذبه ولا يؤلمه، وإنما يخزيه ويفضحه أمام الناس، بحيث لا يستطيع أن يرفع رأسه بين الناس مرة أخرى، والخزي هنا أشد إيلاما لنفسه من العذاب. ولا يريد سبحانه أن يعذب الكفار بأيدي المؤمنين فقط، بل يريد لهم الافتضاح أيضا، بحيث لا يستطيعون أن يرفعوا رءوسم. التفريغ النصي - تفسير سورة التوبة _ (4) - للشيخ أبوبكر الجزائري. وجاء الحق سبحانه وتعالى بنتيجة ثالثة لهذا القتال فقال: {وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ} [التوبة: 14]. وعلى هذا فعندما يقاتل المؤمنون الكفار يصيب الكفارَ العذاب والخزي والهزيمة. إذن {يُعَذِّبْهُمُ الله بِأَيْدِيكُمْ} مرحلة، {وَيُخْزِهِمْ} ، مرحلة ثانية {وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ} مرحلة ثالثة، ثم تأتي المرحلة الرابعة: {وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ} [التوبة: 14].
تفسير الآية رقم (15): قوله تعالى: {وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (15)}. مناسبة الآية لما قبلها: قال البقاعي: ولما كان الشفاء قد لا يراد به الكمال، أتبعه تحقيقًا لكماله قوله: {ويذهب غيظ قلوبهم} أي يثبت بها من اللذة ضد ما لقوة منهم من المكروه، وينفي عنها من الألم بفعل من يريد سبحانه من أعدائهم وذل الباقين ما كان قد برح بها، ولقد وفى سبحانه بما وعد به، فكانت الآية ظواهر الدلائل.