يُعبّر بالقلب عن المعاني التي تختص به، بما فيها العلم ، والروح، والشجاعة، وفي ذلك قوله تعالى: { أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَـكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} [٥]. يُشار إلى القلب بأنّه العلم والفهم، وفي ذلك قوله تعالى: { فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ} [٦]. الفؤاد الفؤاد هو القلب كما ذُكر في لسان العرب لابن منظوربأنه: القلب نظرًا لتفؤُّدِه وتوقُّدِه. هو القلب نفسه، إلا أنّه يُقال له الفؤاد إذا جاء بمعنى التفؤُّد؛ أي التوقد والوضوح، وفي ذلك قوله تعالى: { مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى} [٧]. ما هو الفؤاد - الفؤاد هو العقل الباطن !. الفؤاد أرق جزء في البدن، وأكثره تألمًا بأقلِّ الأذى، ومنه تصدر الأفعال القبيحة. الفرق بين القلب والفؤاد في السنة النبوية قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ( أَتاكُمْ أهْلُ اليَمَنِ، هُمْ أرَقُّ أفْئِدَةً وأَلْيَنُ قُلُوبًا، الإيمانُ يَمانٍ والحِكْمَةُ يَمانِيَةٌ، والفَخْرُ والخُيَلاءُ في أصْحابِ الإبِلِ، والسَّكِينَةُ والوَقارُ في أهْلِ الغَنَمِ) [٨] ، ومن هذا الحديث النبوي الشريف نستنبط الفرق بين القلب والفؤاد في السنة النبوية، وهو على النحو الآتي [٩]: بيّن الرسول -صلى الله عليه وسلم- بأنّ رقيق الفؤاد هو الأكثر رقة، وإنصاتًا للموعظة وتقبلّها.
قال: ثنا مهران, عن أبي جعفر, عن الربيع ( مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى) قال رأى محمد ربه بفؤاده. وقال آخرون: بل الذي رآه فؤاده فلم يكذبه جبريل عليه السلام. * ذكر من قال ذلك: حدثني ابن بزيع البغدادي, قال: ثنا إسحاق بن منصور, قال: ثنا إسرائيل, عن أبي إسحاق, عن عبد الرحمن بن يزيد, عن عبد الله ( مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى) قال: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل عليه حلتا رفرف قد ملأ ما بين السماء والأرض. حدثنا إبراهيم بن يعقوب الجوزجانيّ, قال: ثنا عمرو بن عاصم, قال: ثنا حماد بن سلمة, عن عاصم عن زرّ, عن عبد الله, أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " رأيْتُ جِبْريلَ عِنْدَ سِدْرَةِ المُنْتَهَى, لَهُ سِتُّ مئَة جنَاح, يَنْفضُ مِنْ رِيشهِ التَّهاويلَ الدُّرَّ والياقُوتَ ". حدثنا أبو هشام الرفاعي, وإبراهيم بن يعقوب, قالا ثنا زيد بن الحباب, أن الحسين بن واقد, حدثه قال: حدثني عاصم بن أبي النجود, عن أبي وائل, عن عبد الله, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " رأيْتُ جِبْريلَ عِنْدَ سِدْرَةِ المُنْتَهَى لَهُ سِتُّ مئَة جنَاح " زاد الرفاعيّ في حديثه, فسألت عاصما عن الأجنحة, فلم يخبرني, فسألت أصحابي, فقالوا: كلّ جناح ما بين المشرق والمغرب.
مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَىٰ (11) قوله تعالى: ما كذب الفؤاد ما رأى أي لم يكذب قلب محمد صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج; وذلك أن الله تعالى جعل بصره في فؤاده حتى رأى ربه تعالى وجعل الله تلك رؤية. وقيل: كانت رؤية حقيقة بالبصر. والأول مروي عن ابن عباس. وفي صحيح مسلم أنه رآه بقلبه. وهو قول أبي ذر وجماعة من الصحابة. والثاني قول أنس وجماعة. وروي عن ابن عباس أيضا أنه قال: أتعجبون أن تكون الخلة لإبراهيم ، والكلام لموسى ، والرؤية لمحمد صلى الله عليه وسلم. وروي عن ابن عباس أيضا أنه قال: أما نحن بني هاشم فنقول إن محمدا رأى ربه مرتين. وقد مضى القول في هذا في " الأنعام " عند قوله: لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار. وروى محمد بن كعب قال: قلنا يا رسول الله صلى الله عليك ، رأيت ربك ؟ قال: رأيته بفؤادي مرتين ثم قرأ: ما كذب الفؤاد ما رأى. وقول ثالث أنه رأى جلاله وعظمته; قاله الحسن. وروى أبو العالية قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل رأيت ربك ؟ قال: رأيت نهرا ورأيت وراء النهر حجابا ورأيت وراء الحجاب نورا لم أر غير ذلك. وفي صحيح مسلم عن أبي ذر قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم هل رأيت ربك ؟ قال: نور أنى أراه المعنى غلبني من النور وبهرني منه ما منعني من رؤيته.