وقال جعفر بن سليمان ، حدثنا مالك بن دينار قال: أتينا أنسا أنا وثابت ويزيد الرقاشي ، فنظر إلينا فقال: ما أشبهكم بأصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- لأنتم أحب إلي [ ص: 364] من عدة ولدي إلا أن يكونوا في الفضل مثلكم ، إني لأدعو لكم في الأسحار. قال الدارقطني: مالك بن دينار ثقة ، ولا يكاد يحدث عنه ثقة. قال السري بن يحيى: قال مالك بن دينار: إنه لتأتي علي السنة لا آكل فيها لحما إلا من أضحيتي يوم الأضحى. قال سليمان التيمي: ما أدركت أحدا أزهد من مالك بن دينار. جعفر بن سليمان ، سمعت مالكا يقول: وددت أن الله يجمع الخلائق ، فيأذن لي أن أسجد بين يديه ، فأعرف أنه قد رضي عني ، فيقول لي: كن ترابا. قال رياح بن عمرو القيسي: سمعت مالك بن دينار يقول: دخل علي جابر بن زيد ، وأنا أكتب ، فقال: يا مالك ما لك عمل إلا هذا ؟ تنقل كتاب الله ، هذا والله الكسب الحلال. وعن شعبة ، قال: كان أدم مالك بن دينار في كل سنة بفلسين ملح. قال جعفر بن سليمان: كان ينسخ المصحف في أربعة أشهر ، فيدع أجرته عند البقال فيأكله. وعنه: لو استطعت لم أنم مخافة أن ينزل العذاب. يا أيها الناس النار النار. قال معلى الوراق: سمعت مالك بن دينار يقول: خلطت دقيقي بالرماد فضعفت عن الصلاة.
مالك بن دينار مالك بن دينار هو أبو بو يحيى مالك بن دينار البصري، تابعيٌّ من التابعين، ولد مالك بن دينار في الفترة التي عاش فيها عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- فالتقى به والتقى بأنس بن مالك خادم رسول الله الذي استقرَّ في البصرة، ويذكر المؤرخون أنَّ مالك كان زاهدًا في حياته، ورعًا تقيًا عفيفًا، اهتم بحديث رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- في حياته فحدَّث عنه سعيد بن جبير والحسن البصري أيضًا، وتذكر الروايات إنَّه توفّي سنة مئة وسبعة وعشرين وقيل: مئة وثلاثين للهجرة النبوية، وهذا المقال سيسلِّط الضوء على مدى صحة قصة مالك بن دينار وابنته التي ذكرها ابن الجوزي.
جعفر قال: سمعت مالك بن دينار يقول: إن البدن إذا سقم لا ينجع فيه طعام ولا شراب ولا نوم ولا راحة، وكذلك القلب إذا علق حب الدنيا لم ينجع فيه المواعظ. وسمعته يقول: بقدر ما تحزن للدنيا كذلك يخرج هم الآخرة من قلبك وبقدر ما تحزن للآخرة فكذلك يخرج هم الدنيا من قلبك. عن جعفر بن سليمان قال: جاء محمد بن واسع إلى مالك بن دينار فقال: يا أبا يحيى إن كنت من أهل الجنة فطوبى لك. فقال: ينبغي لنا إذا ذكرنا الجنة أن نخزى. عبد العزيز بن سلمان العابد قال: انطلقت أنا وعبد الواحد بن زيد إلى مالك بن دينار فوجدناه قد قام من مجلسه فدخل منزله وأغلق عليه باب الحجرة فجلسنا ننتظره ليخرج أو لنسمع له حركة فنستأذن عليه. فجعل يترنم بشيء لم نفهمه. ثم بكى حتى جعلنا نأوي له من شدة بكائه. ثم جعل يشهق وتنفس حتى غشي عليه. قال: فقال لي عبد الواحد: انطلق ليس لنا مع هذا اليوم عمل، هذا رجل مشغول بنفسه. الحارث بن سعيد قال: كنا عند مالك بن دينار وعندنا قارئ يقرأ: {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا} الزلزلة فجعل مالك ينتفض وأهل المجلس يبكون ويصرخون حتى انتهى إلى هذه الآية: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ} الزلزلة قال: فجعل مالك، والله، يبكي ويشهق حتى غشي عليه فحمل بين القوم صريعاً.
فانكسر ، وقال: الآن عرفتني حق المعرفة. قال حزم القطعي: دخلنا على مالك وهو يكيد بنفسه ، فرفع طرفه ثم قال: اللهم إنك تعلم أني لم أكن أحب البقاء لبطن ولا فرج. قيل: كان أبوه دينار من سبي سجستان ، وكناه النسائي أبا يحيى ، وقال: ثقة. قال جعفر بن سليمان ، عن مالك بن دينار: إذا لم يكن في القلب حزن خرب ، وعن مالك بن دينار قال: من تباعد من زهرة الدنيا ، فذاك الغالب هواه. وروى رياح القيسي عنه قال: ما من أعمال البر شيء ، إلا ودونه عقيبة ، فإن صبر صاحبها ، أفضت به إلى روح ، وإن جزع ، رجع. وقيل: دخل عليه لص ، فما وجد ما يأخذ ، فناداه مالك: لم تجد شيئا من الدنيا ، فترغب في شيء من الآخرة ؟ قال: نعم. قال: توضأ ، وصل ركعتين ، ففعل ثم جلس وخرح إلى المسجد. فسئل من ذا ؟ قال: جاء ليسرق فسرقناه. عن سلم الخواص قال: قال مالك بن دينار: خرج أهل الدنيا من الدنيا ولم يذوقوا أطيب شيء فيها ، قيل: وما هو ؟ قال: معرفة الله تعالى. وروى جعفر بن سليمان ، عن مالك قال: إن الصديقين إذا قرئ عليهم القرآن طربت قلوبهم إلى الآخرة. ثم يقول: خذوا ، فيتلو ، ويقول: اسمعوا إلى قول الصادق من فوق عرشه. قال محمد بن سعد: مالك ثقة ، قليل الحديث ، كان يكتب المصاحف.
فعزمت أن أسكر وعزمت أن أشرب الخمر وظللت طوال الليل أشرب وأشرب وأشرب فرأيتني تتقاذفني الأحلام.. حتى رأيت تلك الرؤيا رأيتني يوم القيامة وقد أظلمت الشمس.. وزلزلت الأرض واجتمع الناس إلى يوم القيامة.. وأنا بين الناس وأسمع المنادي ينادي فلان ابن فلان.. هلم للعرض على الجبار فأرى فلان هذا وقد تحول وجهه إلى سواد شديد من شده الخوف حتى سمعت المنادي ينادي باسمي.. هلم للعرض على الجبار فاختفى البشر من حولي( هذا في الرؤية)وكأن لا أحد في أرض المحشر.. ثم رأيت ثعبانا عظيماً شديداً قويا يجري نحوي فاتحا فمه.
فعزمت أن أسكر وعزمت أن أشرب الخمر وظللت طوال الليل أشرب وأشرب وأشرب فرأيتني تتقاذفني الأحلام.. حتى رأيت تلك الرؤيا رأيتني يوم القيامة وقد أظلمت الشمس.. وتحولت البحار إلى نار.. وزلزلت الأرض واجتمع الناس إلى يوم القيامة.. والناس أفواج.. وأفواج.. وأنا بين الناس وأسمع المنادي ينادي فلان ابن فلان.. هلم للعرض على الجبار يقول: فأرى فلان هذا وقد تحول وجهه إلى سواد شديد من شده الخوف حتى سمعت المنادي ينادي باسمي.. هلم للعرض على الجبار يقول: فاختفى البشر من حولي( هذا في الرؤية)وكأن لا أحد في أرض المحشر.. ثم رأيت ثعبانا عظيماً شديداً قويا يجري نحوي فاتحا فمه.
الصحو من الغفلة: هنا انتبه مالك من نومه على صلاة الفجر ، وسمع الإمام يقرأ " أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ" [الحديد: 16]، فعلم أنها البشارة بالتوبة من الله، قام مالك فاغتسل وتوضأ، وصلى الفجر، وعاهد ربه على أن لا يعود لمثل فعلته أبدا، وصار من الزهاد والعباد، ويضرب به المثل في التقوى والزهد حتى توفى.