الحمد لله. خلق الله آدم بيده ونفخ فيه من روحه وأسجد له ملائكته. وقد خلق الله آدم من تراب كما قال سبحانه: ( إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال كن فيكون) آل عمران/59. ولما أتم الله خلق آدم أمر الملائكة بالسجود له فسجدوا إلا إبليس فقد كان حاضراً ولكنه أبى واستكبر عن السجود لآدم: ( إذ قال ربك للملائكة إني خالق بشراً من طين ، فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين ، فسجد الملائكة كلهم أجمعون ، إلا إبليس استكبر وكان من الكافرين) ص/71-74. ثم أخبر الله الملائكة بأنه سيجعل آدم خليفة في الأرض بقوله: ( وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة) البقرة/30. وعلم آدم جميع الأسماء: ( وعلم آدم الأسماء كلها) البقرة/31. خلق الإنسان - الإسلام سؤال وجواب. ولما امتنع إبليس من السجود لآدم طرده الله ولعنه: ( قال فاخرج منها فإنك رجيم ، وإن عليك لعنتي إلى يوم الدين) ص/77-78. ولما علم إبليس بمصيره سأل الله أن ينظره إلى يوم البعث: ( قال رب فأنظرني إلى يوم يبعثون ، قال فإنك من المنظرين ، إلى يوم الوقت المعلوم) ص/79-81. ولما أعطاه الله ذلك أعلن الحرب على آدم وذريته يزين لهم المعاصي ويغريهم بالفواحش: ( قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين ، إلا عبادك منهم المخلصين) ص/82-83.
هذا خلق آدم عليه السلام: من الأرض - من ترابها - ، ثم جُبل بالماء فكان طيناً ثم صار طيناً أسود منتناً وكون ترابه من الأرض التي بعضها رمل لما جبل كان صلصالاً كالفخار. ولذلك لما وصف الله خلق آدم في القرآن في كل مرة وصفه بأحد أطواره التي مرَّت بها طريقة خلقه وتكوينة طينته فلا تعارض في آيات القرآن. خلق الانسان من طين. ثم أصبح أبناء آدم بعد ذلك يتكاثرون وصار خلقهم من الماء وهو المني الذي يخرج من الرجال والنساء وهو معروف. وهذا يبينه القرآن في قوله تعالى: وهو الذي خلق من الماء بشراً فجعله نسبا وصهراً النور/54 ، وقوله تعالى: ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين السجدة/8.
[١٦] [١٧] مرحلة نُموّ الجَنين تكون آخر مرحلةٍ من مراحل خَلْق الجَنين في بطن أمّه بخَلْق العِظام، وتصلُّب البَدَن، وتمييز الأعضاء عن بعضها البعض؛ فيُعرَف الرأس من البَدَن، ثمّ تُكسى العِظام باللحم؛ ليكتمل خَلْق الجَنين، ويغدو في أحسن صورةٍ وهيئةٍ؛ قال -تعالى-: (ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّـهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) ، [١٤] وقد قال الإمام الشوكانيّ في ذلك: "أي أنبت الله -سُبحانه- على كلّ عظم لحماً على المقدار الذي يليق به ويُناسبه".
{ { ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ}} الخلق، ونفخ الروح { { لَمَيِّتُونَ}} في أحد أطواركم وتنقلاتكم. #أبو_الهيثم #مع_القرآن 20 4 175, 978
مختار الصحاح " ص/64. وقال في " لسان العرب " 1/61: حمأ: الـحَمْأَةُ ، والـحَمَأُ: الطين الأَسود الـمُنتن ؛ وفـي التنزيل: { من حَمَإٍ مسنون}. وقال في " لسان العرب " ( 13 / 227): الـمَسْنون: الـمُنْتِن ، وقوله تعالـى { مِن حَمَإٍ مَسْنُونٍ}: قال أَبو عمرو: أَي متغير منتن؛ وقال أَبو الهيثم: سُنَّ الـماءُ فهو مَسْنُون أَي: تغيَّر. وحيث أن هذا الطين كان مخلوطاً بالرمل: فهذا هو الصلصال. التفريغ النصي - تفسير سورة السجدة [5 - 7] - للشيخ أحمد حطيبة. قال الرازي: الصَّلْصالُ: الطين الحر خُلط بالرمل فصار يَتَصَلْصَلُ إذا جف ، فإذا طُبخ بالنار فهو الفخار. " مختار الصحاح " 1/154 وقال في " لسان العرب " ( 11 / 382): والصَّلْصالُ مِن الطِّين: ما لـم يُجْعَل خَزَفاً ، سُمِّي به لَتَصَلْصُله ؛ وكلُّ ما جَفَّ من طين أَو فَخَّار فقد صَلَّ صَلِـيلاً ، وطِينٌ صِلاَّل ومِصْلالٌ أَي يُصَوِّت كما يصوِّت الـخَزَفُ الـجديد. ثم شبه الصلصال بالفخار وذلك قوله تعالى: { خلق الإنسان من صلصال كالفخار} الرحمن/14. وهذا كله يصدقه حديث أبي موسى الأشعري قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن الله عز وجل خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض فجاء بنو آدم على قدر الأرض فجاء منهم الأحمر والأبيض والأسود وبين ذلك والسهل والحزن والخبيث والطيب ".
حدثنا القاسم. قال: ثنا الحسين. قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مجاهد، مثله. وأولى القولين في ذلك بالصواب قول من قال: معناه: ولقد خلقنا ابن آدم من سُلالة آدم، وهي صفة مائه، وآدم هو الطين؛ لأنه خُلق منه. كيف خلق الانسان من طين وهو تكون في رحم الام. وإنما قلنا ذلك أولى التأويلين بالآية؛ لدلالة قوله: ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ على أن ذلك كذلك؛ لأنه معلوم أنه لم يصر في قرار مكين إلا بعد خلقه في صلب الفحل، ومن بعد تحوّله من صلبه صار في قرار مكين؛ والعرب تسمي ولد الرجل ونطفته: سليله وسلالته. لأنهما مسلولان منه، ومن السُّلالة قول بعضهم: حَـمَلتْ بِـهِ عَضْـبَ الأدِيـمِ غَضَنفرًا سُـلالَةَ فَـرجٍ كـان غـيرَ حَـصِين (1) وقول الآخر: وَهَــلْ كُــنْتُ إلا مُهْــرَةً عَرَبِيَّـةً سُــلالَةَ أفْــراسٍ تجَللهــا بَغْــلُ (2) فمن قال: سلالة جمعها سلالات، وربما جمعوها سلائل، وليس بالكثير. لأن السلائل جمع للسليل، ومنه قول بعضهم: إذا أُنْتِجَـتْ مِنْهـا المَهـارَى تَشـابَهَتْ عَــلى القَـوْد إلا بـالأنُوفِ سَـلائلُهْ (3) وقول الراجز: يَقْذِفْنَ فِي أسْلابِها بالسَّلائِلِ (4) ------------------------------- الهوامش: (1) البيت لحسان بن ثابت (اللسان: سلل) وفيه: فجاءت في موضع حملت.