اما الحمار والماعز في (حمار الواعظ) و(الحذاء ملك الغابة)، فهما دعوة ناطقة من غير ناطقين للرفق بما حولك في البيئة ويمكن لقصة (الجزار ملك الغابة) ان تكون دستورا للنباتيين. وعندما اختار عبدالغني ان يكون الراوي من (البني آدميين) كان الراوي طفلا لانه يظل يمثل فتحة الضوء الصغيرة التي تتيح التأمل في عالم الكبار (البني آدميين) ورغم ان رواته بهذا التعدد الخارج عن كونهم بشرا الا انه اضاف لهم نكهة ملحت القصص فعندما يكون الراوي مذكرا كالحذاء الرجالي مثلا فانه يتلبس شخصية رجل وتهفو نفسه للاحذية النسائية وينتظر لقياها لما تفعله فيه من افاعيل ولكنه عندما يكون الراوي بصفة المؤنث كالماعز مثلا فانه يستعيض عن وصف مشاعرها كانثى، وهي الراوي، بوصف مشاعر التيس نحوها، ولكن تبقى كنكهة مليحة تدعو للابتسام وتلبيس الروح والاحساس لكل ما حولنا. وكل القصص تنأى عن حكي الحكاية او الحدوتة وتسوق لك متعة الكاتب في التأمل. كرم الريف النسيم 2022. وحتي قصة (استدراج الفرشة لعرشها المجيد) التي يرويها راو عن امرأة تأخذ شكليا قالب القصة الحدوته، ولكنها كانت دعوة للتأمل ان الامنيات المادية تكبل اكثر مما تحقق امنا او سعادة وحين يظن المرء ان امانيه المادية قد تحققت تكون للكون تصاريف اخرى للتحرر والتحليق في فضاء الروح.
وفي كل قصة يضعك عبدالغني امام الراوي الذي يمكن ان يكون شيئا صغيرا في حياتك ولكن ذو رؤيا كبيرة وتكاد تكون شاملة. وفي كل قصة تنتبه مع الكاتب انك مراقب من كل ما حولك وكل الاشياء التي لا تعيرها انتباها في العادة وهي مرشحة ان تعرف اسرار حياتك ودقائقها وتسأل نفسك ماذا لو باحت بما تعرف ولا تجد غير الابتسام والرضا عنها لانك في الواقع مطمئن انها لن تبوح ولكن يكفي ان اثارة مثل هذه الفكرة سيدعوك بكل لطف ان تفكر، كما تفكر في نفسك، في كل الآخرين من بشر واحجار واحذية وهواء وروائح وحيوان وحتى كتاب ترفعه من على الرف لتقرأه. ورغم انها مجموعة قصص الا ان الوحدة بينها واضحة والخط فيها عموما واحد فكأنها لحن واحد لا نشاز فيه. مطعم شاورمر الرياض البديعه. واختيار ترتيب القصص في المجموعة كان اختيارا ممهدا للافكار والتأمل، ليس فيه استدراج. فالمجموعة تبدأ بملحة الحذاء الرجالي الذي يتحدث عن مشاعره وحاله يتقلب لتبدو وكأنها مزحة ولكنها بعدها الغوص مع عبدالغني رويدا رويدا ونزحف نحو القصص الاخرى في عوالم تأمله في الدنيا والكون حتى يوصلنا لعمق بعيد في التأمل والايمان في القصة الاخيرة (رقص على طبول النسيم) لنتأمل معاني مثل الغناء والخلود والروح والبدن والماضي والمستقبل.
تقوم مخيلة عبدالغني في كل مرة بفتح عدستها المكبرة (بكسر الباء) فترصد ما يدور في المكان الزمان في تلك اللحظة الحاضرة من التأمل التي لا تتراجع للخلف للذاكرة ولا تندفع للأمام. المثاقفة هنا تكون مرجأة حتى يتم اسر اللحظة ولا بأس من أن يأتي الحقن بالتأملات حتى في ثنايا العيش في اللحظة الحاضرة بجمل أو وحدات قصصية من نوع (الدخان والنسيم يتنافسان بروح حميمة وكأنهما تعارفا قبل ميلاد الزمان) لكن ميزة عبدالغني كرم الله الأساسية هي هذه العدسة المكبرة في مخيلته التي تقترب من الكائنات والأشياء راصدة لها بدقة متناهية قل إن نجد نظيراً لها في الحكي السوداني. ولولا أن المسائل في الكتابة الإبداعية لا تتصل بالجينات وحدها لقلنا أن عبدالغني كرم الله كاتب ياباني! الربيع في الشعر العربي. انظر إليه في (رقص على طبول النسيم) من المجموعة التي نحن بصددها يكشف عن هذه الخاصية بجلاء في العلاقة بين الدخان والهواء النسيم '' كالضوء، له ملكة خارقة بالرقص مع طبول النسيم وكأنه خلق لأداء رقصة واحدة طويلة ، تنخرط فيها كل خلايا جسده الرخو المهذب ، لم يعص للنسيم أمراً حتى الإشارات والإيماءات المستحيلة كان يترجمها فوراً''. حسبنا أن نمسك من جانبنا وهيهات هذه اللحظة من كتابة عبدالغني، يقرأ الكاتب ما يدور في خلد دخان البخور في علاقته بالنسيم فيشبه البخور بالكاهن الذي يتنبأ بما يدور في خلد نظيره (النسيم) من تقلب للمزاج والنرجسية... و ''.. بسرعة البرق يوزن حركات جسده الأهيف مع إيقاع النسيم المتقلب الفوضوي الحر ثم يموت بل يذوب في الخفاء، في الأعالي، ساخراً من سلطان الجاذبية الأرضية''.
شاورمر شاورمر السعودية منيو فروع مطعم شاورمر في السعودية. مطعم يا مال الشام البديعة في الرياض. مطاعم الرياض مطعم شاورمر شارع التحليه 00966114804916. الكنافة الجيدة هذا المحل زرته قبل سنة ونص تقريبا موقعهم بحي ظهرة البديعة طريق معاوية بن أبي سفيان أوقات العمل من الساعة ٤ عصر إلى.
(... الي اي موسيقى يرخي هذا الدخان اذنه... ، صوت دافئ لا تحس به سوى اذن القلب، صوت نفخ الحياة في الطفل والزهرة والذهن). وترى الجبال، تحسبها جامدة، وهي تمر مر السحاب... عبدالغني كرم الله .... من عمق الريف السوداني إلى مراقى الأدب في باريس ... إحتفالية نصر جديد. مر الدخان... مر الزمان... مر المكان.... مر الانسان). ويظل عبدالغني كرم الله في كل قصة متوحدا مع لغته المتواءمة مع كل فكرة وتأمل مع اختلاف الرواة. متوحدا مع هذه اللغة الخاصة بوعي ولكن ليس فصاحة وبلاغة ولكن روحا واحساسا فاللغة عنده كأنها اصلا لم تكن موجودة ولكنها ولدت ونبعت من الفكرة، مما يجعل اللغة عنده هي الروح التي تطوف بك في عوالم التأمل والتسامح والرضا والترفع عن صغائر الكبر واسباب الظلم عند البشر. اماني ابوسليم 18/9/2006
بقلم: أماني أبوسليم هناك دواعي متعددة للكتابة لدى الكتاب ربما منها قول رأي او محاولات اصلاح او عرض حالة وفي كل الاحوال تبقى المتعة، اي متعة الكاتب في الكتابة كهاو ومحب لها بجانب امتاع القارئ نفسه بفن القراءة، تبقى هذه المتعة جزئاً يتغلل في كل تلك الاسباب ولكن عند عبدالغني كرم الله تجد متعة الكتابة وفن عرض الفكرة هي الاساس المحرك لقلم الكاتب. فتجده يكتب بهدوء يحسد عليه. ولكاتب تكون المتعة كفن دافعه فمن الطبيعي ان يكون مدخل عرض الفكرة هو التأمل. كرم الريف النسيم 2021. وفي تأمله العميق والهادئ ذاك هو لا يقلب اوجاعك ولا يتهمك بالقصور ولا يطلب منك التبدل ولا يحاول اقناعك بغير ايمانك، فقط هي دعوة منه للنظر للاشياء ليس من وجهة مختلفة ولكن من طاقة صغيرة تبعث النور والامل وتحملك على تقدير محاولك في الحياة مهما صغر حجمه او دوره. والتأمل من تلك الطاقة في مجموعة (آلام ظهر حادة) التي تتكون من اثنتي عشرة قصة قصيرة، يبدأ من الاختيار الفريد للكاتب لرواته، فالراوي يمكن ان يكون زوج حذاء او ماعز او رائحة الطمي. لتجد هذا الراوي الفريد والناعم يبعث نفسك على الابتسام وانت تنظر للاشياء من وجهته هو فاتحا قلبك للتسامح والرضا مع كل ما حولك من هواء وروائح وبشر وكائنات، نابذا الانانية وباعثا الحياة حتى في الجماد، لتقلب الغلاف الاخير وقد تم تصالحك مع كل الكون بشرا وطبيعة.