(25) * * * القول في تأويل قوله: وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (151) قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ، (ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق) ، يعني بالنفس التي حرم الله قتلها، نفسَ مؤمن أو مُعاهد = وقوله: (إلا بالحق) ، يعني بما أباح قتلها به: من أن تقتل نفسًا فتقتل قَوَدًا بها, أو تزني وهي محصنة فترجم, أو ترتدَّ عن دينها الحقِّ فتقتل. القران الكريم |وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ ۖ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ ۚ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا. فذلك " الحق " الذي أباح الله جل ثناؤه قتل النفس التي حرم على المؤمنين قتلها به = (ذلكم) ، يعني هذه الأمور التي عهد إلينا فيها ربُّنا أن لا نأتيه وأن لا ندعه, هي الأمور التي وصَّانا والكافرين بها أن نعمل جميعًا به = (لعلكم تعقلون) ، يقول: وصاكم بذلك لتعقلوا ما وصاكم به ربكم. (26) ------------------------ الهوامش: (12) انظر تفسير (( تعالوا)) فيما سلف 11: 137 ، تعليق: 1 ، والمراجع هناك. (13) انظر تفسير (( تلا)) فيما سلف 10: 201 ، تعليق: 3 ، والمراجع هناك. (14) في المطبوعة: (( كخرصكم على الله)) ، وأثبت ما في المخطوطة.
* * * القول في تأويل قوله: وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله: (ولا تقتلوا أولادكم من إملاق) ، ولا تئدوا أولادكم فتقتلوهم من خشية الفقر على أنفسكم بنفقاتهم, فإن الله هو رازقكم وإياهم, ليس عليكم رزقهم, فتخافوا بحياتهم على أنفسكم العجزَ عن أرزاقهم وأقواتهم. * * * و " الإملاق " ، مصدر من قول القائل: " أملقت من الزاد, فأنا أملق إملاقًا ", وذلك إذا فني زاده، وذهب ماله، وأفلس. القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة الأنعام - الآية 151. * * * وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: 14135- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية, عن علي, عن ابن عباس قوله: (ولا تقتلوا أولادكم من إملاق) ، الإملاق الفقر, قتلوا أولادهم خشية الفقر. 14136- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة في قوله: (ولا تقتلوا أولادكم من إملاق) ، أي خشية الفاقة. 14137- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي: (ولا تقتلوا أولادكم من إملاق) ، قال: " الإملاق " ، الفقر. 14138- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج قال، قال ابن جريج قوله: (من إملاق) ، قال: شياطينهم، يأمرونهم أن يئِدوا أولادهم خيفة العَيْلة.
وقال الحاكم في مستدركه: حدثنا بكر بن محمد الصيرفي بمرو ، حدثنا عبد الصمد بن الفضل ، حدثنا مالك بن إسماعيل النهدي ، حدثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن عبد الله بن خليفة قال: سمعت ابن عباس يقول: في الأنعام آيات محكمات هن أم الكتاب ، ثم قرأ: ( قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا). ثم قال: صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه. قلت: ورواه زهير وقيس بن الربيع كلاهما عن أبي إسحاق ، عن عبد الله بن قيس ، عن ابن عباس ، به. والله أعلم. وروى الحاكم أيضا في مستدركه من حديث يزيد بن هارون ، عن سفيان بن حسين ، عن الزهري ، عن أبي إدريس ، عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أيكم يبايعني على ثلاث؟ " - ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم) حتى فرغ من الآيات - فمن وفى فأجره على الله ، ومن انتقص منهن شيئا فأدركه الله به في الدنيا كانت عقوبته ومن أخر إلى الآخرة فأمره إلى الله ، إن شاء عذبه وإن شاء عفا عنه " ثم قال: صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه. وإنما اتفقا على حديث الزهري ، عن أبي إدريس ، عن عبادة: " بايعوني على ألا تشركوا بالله شيئا " الحديث. وقد روى سفيان بن حسين كلا الحديثين ، فلا ينبغي أن ينسب إلى الوهم في أحد الحديثين إذا جمع بينهما ، والله أعلم.
وقوله: ( ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون) أي: هذا ما وصاكم به لعلكم تعقلون عنه أمره ونهيه.