[ ص: 540] حدثنا ابن حميد ، قال: ثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ( فوجد فيها رجلين يقتتلان هذا من شيعته) مسلم ، وهذا من أهل دين فرعون كافر ( فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه) وكان موسى قد أوتي بسطة في الخلق ، وشدة في البطش ، فغضب بعدوهما فنازعه ( فوكزه موسى) وكزة قتله منها وهو لا يريد قتله ، ف ( قال هذا من عمل الشيطان إنه عدو مضل مبين). حدثني محمد بن عمرو ، قال: ثنا أبو عاصم ، قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث ، قال: ثنا الحسن ، قال: ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله: ( هذا من شيعته) قال: من قومه من بني إسرائيل ، وكان فرعون من فارس من إصطخر. حدثنا القاسم ، قال: ثنا الحسين ، قال: ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، بنحوه. قال: ثني حجاج ، عن أبي بكر بن عبد الله ، عن أصحابه ( هذا من شيعته) إسرائيلي ( وهذا من عدوه) قبطي ( فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه). تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٦ - الصفحة ٢٢. وبنحو الذي قلنا أيضا قالوا في معنى قوله: ( فوكزه موسى). حدثني محمد بن عمرو ، قال: ثنا أبو عاصم ، قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث ، قال: ثنا الحسن ، قال: ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ( فوكزه موسى) قال: بجمع كفه.
ففوجئ موسى به وقد مات ، وقال لنفسه: (هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ). ودعا موسى ربه: (قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي). وغفر الله تعالى له، (إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ). أصبح موسى (فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ). كان هذا حال موسى، حال إنسان مطارد، فهو خائف، يتوقع الشر في كل خطوة، وهو مترقب، يلتفت لأوهى الحركات وأخفاها. ووعد موسى ربه بأن لا يكون ظهيرا للمجرمين. لن يتدخل في المشاجرات بين المجرمين والمشاغبين ليدفع عن أحد من قومه. ولكن فوجئ موسى أثناء سيره بنفس الرجل الذي أنقذه بالأمس وهو يناديه ويستصرخه اليوم. كان الرجل مشتبكا في عراك مع أحد المصريين. وأدرك موسى بأن هذا الإسرائيلي مشاغب. أدرك أنه من هواة المشاجرات. وصرخ موسى في الإسرائيلي يعنفه قائلا: (إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُّبِينٌ). قال موسى كلمته واندفع نحوهما يريد البطش بالمصري. واعتقد الإسرائيلي أن موسى سيبطش به هو. كتب فوكزه موسى فقضى عليه - مكتبة نور. دفعه الخوف من موسى إلى استرحامه صارخا، وذكّره بالمصري الذي قتله بالأمس. فتوقف موسى، سكت عنه الغضب وتذكر ما فعله بالأمس، وكيف استغفر وتاب ووعد ربه ألا يكون ظهيرا للمجرمين.
لم يكن موسى يسير قاصدا مكانا معينا. هذه أول مرة يخرج فيها ويعبر الصحراء وحده. فتوجه إلى الله سبحانه ، قال تعالى (وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاء مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَن يَهْدِيَنِي سَوَاء السَّبِيلِ) القصص (22) ، ونواصل الحديث عن نبي الله موسى في أرض مدين إن شاء الله الدعاء
وقال ابن زيد: لما علا موسى فرعون بالعصا في صغره ، فأراد فرعون قتله ، قالت امرأته: هو صغير ، فترك قتله وأمر بإخراجه من مدينته ، فلم يدخل عليهم إلا بعد أن كبر وبلغ أشده فدخل المدينة على حين غفلة من أهلها يعني: عن ذكر موسى ، أي: من بعد نسيانهم خبره وأمره لبعد عهدهم به. [ ص: 197] وروي عن علي في قوله: " حين غفلة " كان يوم عيد لهم قد اشتغلوا بلهوهم ولعبهم. ( فوجد فيها رجلين يقتتلان) يختصمان ويتنازعان ، ( هذا من شيعته) بني إسرائيل ، ( وهذا من عدوه) من القبط. فوكزه موسى فقضى عليه السلام. قيل: الذي كان من شيعته: السامري. والذي من عدوه من القبط قيل: طباخ فرعون اسمه فليثون. وقيل: " هذا من شيعته. وهذا من عدوه " أي: هذا مؤمن وهذا كافر ، وكان القبطي يسخر الإسرائيلي ليحمل الحطب إلى المطبخ. قال سعيد بن جبير عن ابن عباس: لما بلغ موسى أشده لم يكن أحد من آل فرعون يخلص إلى أحد من بني إسرائيل بظلم حتى امتنعوا كل الامتناع ، وكان بنو إسرائيل قد عزوا بمكان موسى ؛ لأنهم كانوا يعلمون أنه منهم ، فوجد موسى رجلين يقتتلان أحدهما من بني إسرائيل والآخر من آل فرعون ، ( فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه) فاستغاثه الإسرائيلي على الفرعوني ، والاستغاثة: طلب الغوث ، فغضب موسى واشتد غضبه; لأنه تناوله وهو يعلم منزلة موسى من بني إسرائيل وحفظه لهم ، ولا يعلم الناس إلا أنه من قبل الرضاعة من أم موسى ، فقال للفرعوني: خل سبيله ، فقال: إنما أخذته ليحمل الحطب إلى مطبخ أبيك ، فنازعه.