وباعة الجرائد والمجلات، والحلي الزائفة ونظارات التراب الخ لهم أكشاك خشبية نظيفة لطيفة؛ موضوعة على مسافات متباعدة على الأفاريز. ومن أهم ما أعجبت به رجال البوليس باليونان، ولا سيما الموجودون منهم في مدينة أثينا: هندام مرتب (بذلة رصاصية اللون، وتزلك من الجلد الأسود حول الساقين) يعنون أشد العناية بالقيام بواجباتهم، ويلحظون الزوار الأجانب باهتمام ورفق. استفسرت عن السر في هذا من وزارة السياحة، فأخبرت أن رجال البوليس الذين في العاصمة، والذين هم في أماكن الاصطياف منتقون من أحسن الرجال وأحسن العائلات، وهم متعلمون، وأغلبهم يتكلمون لغات أجنبية (كالإنجليزية والفرنسية والطليانية) لقنوا كثيراً من الآداب العامة، ويحسنون تطبيقها عملياً في معاملة السياح والناس عموماً. تصدر إليهم أوامر وتعليمات مشددة من رئيس البوليس، وهو رجل مشهود له بالكفاية متمرن على هذا العمل من زمن طويل، واشتغل في سراي جلالة الملك مدة. استطلعت رأي بعض السيدات في مقدار إقبال الأم اليونانية على إرسال أولادها إلى مدارس البوليس والتجنيد، فعلمت أنهن يفخرن أن يقوم أولادهن بهذا العمل الشريف. مجلة الرسالة/العدد 287/رسالة المرأة - ويكي مصدر. والإقبال على الكشافة عظيم؛ ولقد يسر المرأة المصرية أن تعلم أن ليس باليونان أولاد متسكعون في الشوارع، فإن المسيو متكساس رئيس الحكومة اليونانية أمر بانضمام جميع الأولاد المتعطلين والمتشردين إلى فرق الكشافة، وهم يتعلمون بذلك النظافة والنظام، وقضاء مصالحهم بأنفسهم، وفي الوقت نفسه يكوّنون جيشاً يسير في سبيل النظام وحماية وطنه.
وبذلك كان غاندي ضغثا على المنبوذين، وكان موقفه الموئس سبباً في ثورة الدكتور امبيدكار - زعيم المنبوزين - عليه وتصميمه على الانحياز بإخوانه، وهم سبعون مليوناً - إما إلى المسلمين وإما إلى السيخ. ولكن المضحك من أمر غاندي هو انهيار ماضيه العظيم وتربيته العالية تلقاء خرافات الصوفية البرهمية التي لا تطاق. فقد حدث أن زلزلت الأرض زلزالها في الهند وانخسف جانب عظيم من الأرض، فما كان من غاندي إلا أن عزا الزلزال إلى غضب الآلهة؟! واحنق بذلك أديب الهند الكبير طاغور. مجلة الرسالة/العدد 862/ترجمة النشاشيبي بقلمه - ويكي مصدر. وحدث مرة ثانية أن اجتاح الهند طاعون قتال، فأوصت الحكومة بوجوب محاربة الفيران لأنها اكبر الوسائل في نقل ميكروب هذا المرض... فما كان من غاندي إلا أن هب يحمي الفيران ويناضل عنها (لأنها مخلوقات ضعيفة لا حول لها وهي لا تستحق التعذيب والقتل لكي يسعد الناس، والطاعون قضاء السماء إن شاءت رفعته!! ). بين يوريبيدز وأرسطوفان كان يوريبيدز عدواً للمرأة، وهو في كل دراماته كان يبشر بالحد من سلطانها وجعل الرجل سيدها المطلق. ولم يكن يؤمن بها مطلقاً، وكان يبني مآسيه دائماً على المصائب التي تنبع من مكرها والتي كان يعزوها إلى الشيطان الثاوي في أعماقها؛ وعلة ذلك انه كان بائساً في زواجه؛ فقد دخل الجحيم عندما تزوج زوجته الأولى، فلما خرج منها تزوج زوجته الثانية استقر في سقر، ولم يسعه إلا أن يطلقها كذلك، وقد طلق زوجتيه لأنهما كلتيهما خانتاه وصبتا إلى غيره... هذا ويوريبيدز أقوى رجال المسرح اليوناني، ودراماته تدل على تفكير عميق وخيال خصب، ولكنه هاج الرأي العام اليوناني بأفكاره المتطرفة وآرائه التي كان لا يتورع أن يسخر فيها بالآلهة، بله الناس.
كما أخبرني رئيس المنتدى نفسه يوم جاء القدس. وقد بينت له قدر الجريدة وقدر أصحابها فحوقل واسترجع. أنا يا سيدي لم أعتد مساعدة الجرائد ولا خدمتها، ولست مشتركاً غلا بالبرهان وفي جريدة أخرى بيروتية كان صاحبها وكيلي أيام كنت في بيروت. وأما باقي الجرائد التي تأتيني وهي قليلة فهي تقدمة من أصحابها. بيد أني أود مساعدة (البرهان) وخدمته لأني أهوى صاحبه. نكته مضحكه جدا 2013. وأكبر دليل على أني أهواه أني أطلعته على ما لم أطلع عليه أحداً، وخاطبته في رسائلي بحرية عظيمة بما لم أخاطب به أصحاب (الجريدة) و (الأهرام) وغيرهم؛ بل لم يكن لي معهم علاقة، ولم أكن مشتركاً في جرائدهم ولم تكن تأتيني. الآن مل الأستاذ وضجر من حوادث إسعاف أو حوادث تلماك وصاح: من أين جاءنا هذا القرد يسرد علينا مالاً يهمنا ومالاً يعنينا. حسبنا الله ونعم الوكيل على إسعاف وعلى فلسطين التي أخرجت هذا الولد. ولكن إذا علم أني ولد (والولد لا يعاتب) خف سخطه علي وربما خطر في باله بعد قراءة ما قرأ أن ينشئ مقالتين: (المقالة الأولى) الآباء والأبناء وعدم إتباع الآباء هذه القاعدة (لا تقسروا أولادكم الخ) و (الثانية) في أولاد السراة الأغنياء الذين أنعم الله عليهم فانغمسوا في الشهوات، وأعرضوا عن العلم والأدب مع أنهم أقدر الناس على تحصيلهما بما توفرت لهم الأسباب.
ولو أدرك الشاب أن أول حق الوطن عليه أن يحمل في نفسه معنى الشعب لا معنى نفسه! ولو رجع الدين الإسلامي كما هو في طبيعته آلةً حربية تصنع من الشباب رجال القوة! ولو علم الشباب أن روح هذا الدين ليست: اعتقدْ ولا تعتقد، ولكن افعلْ ولا تفعل! نكته مضحكه جدا جدا. ولو أيقن الشباب أن فرائض هذا الدين ليست إلا وسائل عملية لامتلاء النفس بمعاني التقديس! ولو فهم الشباب أن ليس في الكون إلا هذه المعاني تجعل النفس فوق المادة وفوق الخوف وفوق الذل وفوق الموت نفسه! ولو بحث الشباب النفس الإنجليزية القوية ليعرف بالبرهان أنها نصفُ مسلمة فكيف بها لو كانت مسلمة؟.... وكان المترجم ينقل إليهم كلامي فما بلغت إلى حيث بلغت حتى شدَّ الضابط على يدي وهزّها؛ فنظرت فإذا أنا قد كنت نائماً بعد سهرة طويلة في ذلك المسرح، وإذا يد المترجم نفسه هي التي تهزني لأنتبه طنطا مصطفى صادق الرافعي
ولقد كتب سرفانتس مقدمة كتابه (دون كوبكسوت) وهو نزيل السجن، وقد صدرت تلك المقدمة عام 1605 فما لبثت أن ترجمت إلى الإنجليزية ثم الفرنسية بعد صدورها بعام واحد. صور نكته مضحكه جدا صور رومانسيه. هذا وقد صدر الجزء الثاني سنة 1615، وقد استطاع سرفانتس أن يتناول في كتابه هذا الخالد حياة طبقات الناس في إسبانيا كما لو كان عائشاً بينهم - ولم تفته طبقة من تلك الطبقات على كثرتها إلا وتغلغل فيها واندمج في معائشها. فهو يصف المحامين والحلاقين، والأطباء والسماسرة، والمعلمين واللصوص، والكهنة وعذارى الأندلسيات من العرب والطباخين وأميرات قشتالة والجزائر. وشخصية دون كوبكسوت شخصية عجيبة اخترعها سرفانتس فجعلها تحب وتكره، وتسخط وترضى، وتنشد المثل الأعلى للحياة والقدوة الصالحة للفروسية، ودون كوبكسوت رجل غريب الاطوار، وهو في الحقيقة يمثل سرفانتس نفسه، لأنه شقي كما شقي صاحبه، وتعذب كما تعذب، وجال في الآفاق كما سجن سرفانتس وحي عبداً رقيقاً في قيود البيئات المختلفة كما حي سرفانتس عبداً رقيقاً عند أحد أمراء الجزائر ببلاد المغرب. ولقد عاش سرفانتس في العصر الذهبي لإسبانيا المسيحية في القرن السادس عشر بعد جلاء العرب والقضاء على صولة ملوك الطوائف، ومات في نفس اليوم الذي مات فيه شاكسبير من عام 1616.
مجلة الرسالة/العدد 186/من هنا وهناك غاندي والفيران انتهى سلطان غاندي في الهند وظهرت حقيقة الزعيم الذي كان بريق شهرته يخطف الأبصار. وفي الحق لقد كان الناس معذورين في إعجابهم بغاندي، لا سيما أيام إعلانه العصيان المدني وصبره الجميل لبطش نائب الملك وغطرسة الحكام الإنجليز؛ فلما فشل العصيان المدني ورأى الهنود أن غاندي كان يسخرهم في تيه لا طائل وراءه، هب الشباب في أنحاء الهند يسخطون على المهاتما ولم يبالوا أن يلتفوا حول جوهر لال نهرو. وزهدهم في غاندي انغماسه الشديد في الهندوكية، ودفاعه الحار عن تعاليمها التي هي سبب نكبة الهندوكيين. مجلة الرسالة/العدد 158/لو!. . . . - ويكي مصدر. وغاندي برهمي سخيف العقيدة، فهو مؤمن سني يقدس البقرة ويتبرك بروثها بل يتطهر به، وهو لذلك لا يرى مانعا من أن تترك 70 مليون بقرة سائمة، لا يستطيع أحد أن يطردها من حقله إذا عاثت فيه أو نفشت في زرعه. ويدعي غاندي أنه انصرف عن الميدان السياسي إلى نصرة المنبوذين وتخليصهم، وكان ادعاؤه ذلك جميلاً لو أنه عمل به، ولكن غاندي، بدلاً من أن يوصي بالمنبوذين خيراً ويكف عنهم أذى البراهمة أوصاهم بالصبر على هذا الأذى... لأن الدين يأمر بذلك... وهو يقول أن الدين يأمر بذلك، ويعلم أن الفيدا - كتاب البراهمة المقدس - لم يرد فيه سطر واحد يهون فيه من شأن هذه الطبقة البائسة.