184 - شرح حديث من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده / الشيخ: عبدالرزاق بن عبدالمحسن البدر - YouTube
الكامل في احاديث من راي منكم منكرا فليغيره وإن الناس إذا رأوا منكرا فلم يغيروه عمهم الله بالعقاب - YouTube
وإذا ضيعت الأمة هذا الواجب بالكلية ، وأهملت العمل به ، عمت المنكرات في المجتمعات ، وشاع الفساد فيها ، وعندها تكون الأمة مهددة بنزول العقوبة الإلهية عليها ، واستحقاق الغضب والمقت من الله تعالى. والمتأمل في أحوال الأمم الغابرة ، يجد أن بقاءها كان مرهونا بأداء هذه الأمانة ، وقد جاء في القرآن الكريم ذكر شيء من أخبار تلك الأمم ، ومن أبرزها أمة بني إسرائيل التي قال الله فيها: { لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون ، كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون} ( المائدة: 78 - 79). وتكمن خطورة التفريط في هذا الواجب ، أن يألف الناس المنكر ، ويزول في قلوبهم بغضه ، ثم ينتشر ويسري فيهم ، وتغرق سفينة المجتمع ، وينهدم صرحها ، وفي ذلك يضرب لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم مثلا رائعا يوضح هذه الحقيقة ، فعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( مثل القائم على حدود الله والواقع فيها ، كمثل قوم استهموا على سفينة ، فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها ، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مرّوا على من فوقهم ، فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا ، فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا ، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا) رواه البخاري.
يقول فضيلة الشيخ محمد رشيد رضا-رحمه الله-: حديث: ( أَكْثَرُ أَهْلِ الْجَنَّةِ الْبُلْهُ)، هذا الحديث رواه البيهقي في الشعب، والبَزَّار في مسنده عن أنس وهو ضعيف. قال ابن الأثير: هو جمع الأبله، وهو الغافل عن الشر المطبوع على الخير. وقيل: هم الذين غلبت عليهم سلامة الصدور، وحسن الظن بالناس؛ لأنهم أغفلوا أمر دنياهم فجهلوا حذق التصرف فيها، وأقبلوا على آخرتهم فشغلوا أنفسهم بها، فاستحقوا أن يكونوا أكثر أهل الجنة. من اكثر اهل الجنة ام اهل النار؟. فأمّا الأبله وهو الذي لا عقل له فغير مراد في الحديث ، وفي حديث الزبرقان ( خَيْرُ أَوْلادِنَا الأَبْلَهُ الْعَقُوُلُ)، يريد أنه لشدة حيائه كالأبله وهو عَقول وفَسّر في مادة عقل بأنه الذي يُظَنُّ به الحُمْقُ فإذا فتش وُجِدَ عَاقِلاً. وقال سهل التستري الصوفي:هم الذين ولهت عقولهم وشغلت بالله عز وجل. وقال بعضهم في تفسيره:إن من عبد الله تعالى لأجل الجنة فهو أبله في جنب من يعبده لكونه ربًّا مالكًا. قد يقال:إن هذا يُعَدُّ أيضًا أبله في جنب من يعبده لعلمه بكماله الذي تدل عليه جميع أسمائه الحسنى وصفاته العليا. وقال بعضهم:إن المراد بالجنة ما يقابل الدرجات العلى من الجنة التي هي منازل المقربين الذين هم أرقى من هؤلاء.
ونصيحتنا للأخوات الحرص على التمسك بشعائر الإسلام وفرائضه لاسيما الصلاة والبعد عما حرمه الله سبحانه وتعالى وبخاصة الشرك بصوره المتعددة التي تنتشر في أوساط النساء مثل طلب الحاجات من غير الله وإتيان السحرة والعرافين ونحو ذلك ، والواجب عليهن أن يحافظن على أمر الدين ليسلمن من النار. ومن أهم الفوائد والدرر المستخلصة من هذا الحديث النبوي الكريم: أولا: أن الفقراء في الجنة أكثر من الأغنياء, والفقير لم يدخل الجنة بسبب فقره, وإنما دخلها بعمله الصالح. ثانيا: التحريض على ترك التوسع في الدنيا والاستزادة من متاعها. ثالثا: تحريض النساء على المحافظة على أمر الدين ليسلمن من النار, والإخبار بأنهن أكثر أهل النار. رابعا: أن الجنة والنار مخلوقتان موجودتان. أكثر أهل الجنة هم أمة محمد صلى الله عليه وسلم | موقع نصرة محمد رسول الله. خامسا: أن من أساليب الدعوة: الترهيب. الدعاء
فما دام أكثر أهل الجنة البلهاء، فإن أكثر أهل النار العقلاء والأذكياء! الحق أن القرآن يكشف لنا عن الجانب العقلي لأهل النار، بأنهم أغبياء عطلوا الأجهزة التي منحهم الله إياها من الأفئدة والأسماع والأبصار، ولهذا انحطوا إلى درك صاروا به أضل سبيلاً من البهائم العجماوات. يقول تعالى: (ولقد ذَرَأنا لجهنم كثيرًا من الجن والإنس لهم قلوبُ لا يفقهونَ بها ولهم أعينٌ لا يبصرون بها ولهم آذانٌ لا يسمعونَ بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون) (الأعراف: 179). ويحدثنا القرآن عن أصحاب جهنم حين يلقون فيها، فيسمع لها شهيق وهي تفور، تكاد تميز من الغيظ على من يدخلها من الملاحدة والمشركين والضالين، يقول القرآن حاكيًا عن أهل النار (وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير. حديث اكثر اهل الجنة النساء. فاعترفوا بذنبهم فسحقًا لأصحاب السعير) (الملك: 10، 11). إن أغبى الناس وأجهلهم حقًا هم من انتهى بهم غباؤهم إلى النار وبئس المصير، وأي صفقة أخسر من دخول النار؟! وإن أذكى الناس وأعلمهم وأعقلهم حقًا هم الذين انتهى بهم ذكاؤهم إلى الجنة، وأي صفقة أربح من دخول الجنة؟! على أن الحديث مع ضعفه تعارضه أيضًا أحاديث أخرى، مثل: "المؤمن كيس فطن " رواه الديلمي والقضاعي عن أنس مرفوعًا وهو ضعيف (انظر: كشف الخفاء للعجلوني، حديث (2683).
وقد أضفت بعض القيود إلى هذه الشروط، في كتبي الثلاثة المذكورة يحسن بالخطباء والدعاة أن يرجعوا إليها. أما الحديث المذكور "أكثر أهل الجنة البُلْه" فقد ذكره الإمام الغزالي في "الإحياء" مستشهدًا به في أكثر من موضع، والغزالي وإن كان بحرًا زاخرًا، وإمامًا يشار إليه بالبنان في العلوم، مثل فقه الشافعي، وأصول الفقه والفلسفة، وعلم الكلام والتصوف. ولكنه كما قال عن نفسه -رضي اللّه عنه- منصفًا: إن بضاعته مزجاة في علوم الحديث، وكان هو طابع المدرسة الفكرية التي نشأ فيها، ولذا تضمن كتابه بل موسوعته "إحياء علوم الدين" كثيرًا من الأحاديث الواهية والمنكرة، بل الموضوعة، والتي لا أصل لها. أهل الجنة كل ضعيف متضعِّف - طريق الإسلام. وقد قال الحافظ زين الدين العراقي الذي خدم " الإحياء " بتخريج أحاديثه، قال في تخريج حديث " أكثر أهل الجنة البله". ومن حق الأخ السائل أن يتوقف في قبول هذا الحديث من ناحية معناه، فهو يتعارض مع ما دعا إليه الإسلام في كتابه وسننه، من التنويه بالعقل والذكاء والفكر والعلم، والإشادة بأولي الألباب وأولي النهى، والذين يعقلون ويعلمون ويتفكرون، وقد تكرر ذكر "أولي الألباب" في القرآن ست عشرة مرة. إن القرآن الكريم وصف أهل الجنة في أكثر من موضع بأنهم من "أولي الألباب" أي أصحاب العقول والذكاء، كما قال تعالى: (إن في خَلْق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب.
مِثْلَ مَا صَنَعَ فِى الْمَرَّةِ الأُولَى.. ) ، فلذلك كان الغِنى مظنة في كثير من الأحوال إلى شيء من البعد عن الله -جل جلاله، وأما الفقر فإنه قد يحبس صاحبه عن كثير من الأمور؛ لأنه لا يستطيعها، فينشغل بالبحث عن لقمة العيش، وفي الصحيحين: روي أن (حَارِثَةَ بْنَ وَهْبٍ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: « أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ الْجَنَّةِ ». قَالُوا بَلَى. قَالَ -صلى الله عليه وسلم-: « كُلُّ ضَعِيفٍ مُتَضَعَّفٍ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لأَبَرَّهُ ». ثُمَّ قَالَ « أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ النَّارِ ». قَالَ « كُلُّ عُتُلٍّ جَوَّاظٍ مُسْتَكْبِرٍ ».
وَلَا يَظُنَّ ظَانٌّ أَنَّ المَقْصُودَ بِالبُلْهِ مَنْ لَا عَقْلَ لَهُ، فَهَذَا غَيْرُ مُكَلَّفٍ، وَاللهُ تعالى أَعْلَمُ كَيْفَ يَكُونُ مَصِيرُهُ يَوْمَ القِيَامَة عِنْدَمَا يُدْخِلُهُ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ الجَنَّةَ. هذا، والله تعالى أعلم.