إن كل نبي لما أرسله الله إلى قومه لم يدعهم إلى نظريات فقط، وإنما دعاهم إلى إيمان ومعرفة يتبعها تطبيق عملي، ونقلة عملية ينتقل بها الفرد، وتنتقل بها الأمة بكاملها من عبادة الطاغوت إلى عبادة الله وحده لا شريك له، من عبادة الهوى والنفس والشيطان إلى عبادة الله وحده لا شريك له؛ ومن طاعة الكهان وطاعة الفساق وطاعة المشرعين بغير ما أنزل الله، إلى طاعة هذا النبي الكريم الذي أرسله الله سبحانه وتعالى إلى هؤلاء القوم. -بتصرف- المصدر: موقع معرفة الله
ولولا الرسالة لم يهتد العقل إلى تفاصيل النافع والضار في المعاش والمعاد، فمن أعظم نعم الله على عباده وأشرف منة عليهم أن أرسل إليهم رسله، وأنزل عليهم كتبه، وبيَّن لهم الصراط المستقيم، ولولا ذلك لكانوا بمنزلة الأنعام والبهائم، بل أشرّ حالاً منها، فمن قبِل رسالة الله واستقام عليها، فهو من خير البرية، ومن ردَّها وخرج عنها فهو من شرّ البرية، وأسوأ حالاً من الكلب والخنزير والحيوان البهيم. إن حاجة الناس إلى الرسل لا تماثلها حاجة، واضطرارهم إلى بعثتهم لا تفوقها ضرورة، فهم في أشد حاجة، وأعظم ضرورة، وهذا ما وضّحه ابن تيمية بقوله: وليست حاجة أهل الأرض إلى الرسول كحاجتهم إلى الشمس والقمر والرياح والمطر، ولا كحاجة الإنسان إلى حياته، ولا كحاجة العين إلى ضوئها، والجسم إلى الطعام والشراب، بل أعظم من ذلك، وأشدّ حاجة من كلّ ما يقدّر ويخطر بالبال، فالرسل وسائط بين الله وبين خلقه في أمره ونهيه، وهم السفراء بينه وبين عباده. فاضطرار العباد إلى المرسلين لا يُعادله اضطرار، وحاجتهم إلى المبشرين والمنذرين لا تماثلها حاجة.
2- الدعوة إلى طريق الله في الواقع إن مهام الرسل والأنبياء عليهم السلام لا تنتهي بإيصال الرسالة ، بل عليهم حث الأمم على الامتثال لأوامر الله ونواهيه. وأرسلهم الله ليخبروا عباده أنهم خلفاء له في الأرض ويعلم الناس أن من واجبهم عبادة الله تعالى واتباع وصاياه. بذل جميع الرسل والأنبياء جهودًا كبيرة لإيصال دعوتهم للشعوب. ومثال على ذلك سيدنا أيوب الذي كان يتضرع ويصبر ويشكر على ظلم شعبه له حتى أعانه الله عليهم. دعاهم نبي الله أيوب ، إلى عبادة الله الواحد في السر والعلن ، وبعدة طرق وأساليب مختلفة ليل نهار ، لكنهم امتنعوا عن العبادة وابتعدوا عنه ،وجزاهم الله بأعراضهم. تمثلت الغاية في بعث الرسل عليهم أفضل الصلاة والسلام في أن أراد الله تعالى أن يصلح نفوس عباده ويخرجهم من الظلمة إلى النور. 3- تبشير الامم وانذارها أراد الله أن يبشر الرسل الأمم بمدى رحمته ومحبته لعباده ، كما أرسلهم لتحذير الأمم من عذاب الله تعالى ، إذا لم يمتثلوا لأوامره ، وإن لم يعبده حق عبادته. درس لماذا ارسل الله الرسل. وبشروا أن من أطاع الله ورسوله فسيكون له حياة سعيدة وحياة مزدهرة على الأرض ، وخير في الدنيا ، وخير في الآخرة. كما أنها تبشر الناس بأن من يعبد الله حق العبادة يمكنه الله في الأرض ويرضى عنه في الدنيا والآخرة.
ب- إقامة الحجة على البشر بإرسال الرسل: - كما قال تعالى: ﴿رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلاّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً﴾ (النساء، 165). - قال تعالى: ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً﴾ (الإسراء، 15). - قال تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى﴾ (طه، 134). لماذا ارسل الله الرسل وانزل الكتب. فالله سبحانه وتعالى أرسل الرسل؛ ليقطع دابر الكافرين، فلا يعتذروا عن كفرهم بعدم مجيء النذير، وليعلم علم ظهور، وإلا فهو تعالى يعلم -بالعلم الأزلي- من يطيعه ممن يعصيه، وليقيم على عباده الحجة الدامغة، فيحيى من حيَّ عن بيّنة، ويهلك من هلك عن بيان وبرهان. ج- إنَّ الناس لا يدركون بعقولهم كثيرًا من الغائبات، فهم بحاجة لمن يعلمهم ذلك: لا يعرف الناس الغيبيّات ولا يدركونها، مثل معرفة أسماء الله وصفاته، ومعرفة الملائكة والجن والشياطين، ومعرفة ما أعدّ الله للطائعين في دار رضوانه وكرامته، وما أعدّ للعاصين في دار سخطه وإهانته. لذا، فإنّ حاجتهم إلى من يعلّمهم هذه الحقائق، ويُطلعهم على هذه الغيبيّات ضرورية.
ودمتم بكل خير.
26/12/2021 12/02/2022 289 كان من الضروري أن يرسل الله تعالى الأنبياء والرسل من البشر حتى يتمكن قومهم من الحديث معهم، ولأن سكان الأرض والمستهدفون من دعوة الرسل والأنبياء من البشر فقد اقتضت الحكمة أن يكون الأنبياء من البشر. - الحكمة من إرسال الرسل من البشر 1- اختار الله رسله بشراً لا ملائكة لأنه أعظم في الابتلاء والاختبار، ففي الحديث القدسي: ((إنما بعثتك لأبتليك وأبتلي بك)) 2- أرسل الله رسلاً بشراً لصعوبة رؤية البشر الملائكة لاختلاف طبيعة الملائكة وطبيعة البشر فكان إرسال الرسل من البشر ضرورياً كي يتمكنوا من مخاطبتهم والفهم عنهم والاختلاط بهم، ولو أرسل الله ملائكة لما أمكنهم ذلك.