أنظر إلى المجموع الإنشائي للصورة (ش - 4) وفكر في الكيفية التي استطاع بها الفنان إظهار هذه المجموعة من الوجوه الناظرة إلى الجنرال المحتضر، وكلها تعتبر عن الأسى والحزن والجزع، ولاحظ العدد الهائل من الجنود الذي يبدو كأنه ظل في مؤخر الصورة، وتأمل إلى جانب ذلك حركة الأيدي والروعة التي تجلت في الإخراج وثانيهما جون اشتغل كالأول أيضاً بتسجيل المناظر التاريخية والوطنية وغيرهما جلبرت ستوارت ولورينج إليوت الذي اشتهر بتصوير المناظر الشخصية! وهكذا استمر أثر المدرسة الإنجليزية في فن التصوير الأمريكي حتى النصف الأول من قرن التاسع عشر، وبعدئذ ظهر اتجاه جديد بظهور الفنان أظهر أثر مدرسة دوزلدورف الألمانية - في الصورة (ش - 5) واشنجطون واقفاً في وسط قارب صغير ازدحم برجاله، منهم من حمل العلم الأمريكي ومنهم من اشتغل بالتجديف في ماء مملوء بالثلوج. مجلة الرسالة/العدد 288/رسالة الفن - ويكي مصدر. وليس هذا المنظر مما يستهان بتصويره، فهو محتاج إلى مقدرة عظيمة ودراسة عميقة لقانون الحركة الجسمانية إلى جانب صعوبة التلوين لإبراز تفاصيل الثلج والماء المتجمد وأعقبه الفنان اشتغل بتصوير المناظر الطبيعية التي وقعت تحت نظره. وظهر أثر المدرسة الفرنسية في أمريكا بعد انقضاء الستين أو السبعين سنة الأولى من القرن التاسع عشر، ذلك بالرغم من تأسيس جمعية الفنانين في أول يونيو سنة 1877 وإنشاء أكاديميات على نمط ما هو موجود في أوربا.
وأول هؤلاء الذي نأتي له هنا بصورة من إحدى تماثيله الرائعة (ش. 1). ألا وهو التمثال البرونزي لتسجيل شخصية لينكولن، فترى الرجولة والقوة والاحترام متمثلة كلها في التمثال أنظر إليه وتأمل الكيفية التي وقف بها لينكولن، وبساطة المظهر الذي ارتسم على ملابسه، ثم شاهد الموضع الأنيق للذراع اليسرى والكيفية التي بها أمسكت اليد المعطف. هذا إلى الجانب التكوين للرأس والنظرة الثاقبة التي تجلت على العينين. ولا أبدع من تلك الوقفة حيث ترى القدم اليسرى تخطو إلى الأمام؛ أما المقعد خلف التمثال فهذا وإن خرج عما نألفه الآن، إلا أنه طابع مميز ومسجل للاقتباس كما ذكرنا وثاني نحات جدير بالذكر هو وثالثهم ماكنايل. الذي نحت ما يعبر به عن عادات الهنود الحمر من (رقص الأفاعي) و (تمجيد الشمس) وغير هؤلاء هربت أدمز الذي وضع تصميم البناء التذكاري في أوبرن، ودانيل شيستر فرنش صاحب تمثال ميلمور وتمثال المهندس المعماري هنت في نيويورك، وله أساليب خلابة في الكيفية التي أخرج بها منحوتاته التي نذكر منها تماثيل واردوبارتردج والجنرال جرانت في بروكلين ولابد من أن نذكر على الخصوص النحات بويل ودونج الذي يعطينا التمثال (ش - 2) فكرة عنه. أنظر إلى سفوكليس، وقد بدا نحيلاً كما ينبغي لمن وصف نفسه بالجمال والشباب، وتأمل امتداد الذراعين وجمال حركة اليدين إلى جانب الرأس ومن بين النحاتين الأمريكيين من أظهر في صدق وقوة مقدار تأثره بفن أجنبي.
وخير مثل لذلك الفنان ستوري الذي عمل تمثال (أورشليم الحزينة)، وإذا نظرت إليه (ش - 3) رأيت أن التكوين الكلي للجسم والطريقة التي جلست بها (أورشليم) والتفاصيل التي تبين ثنايا الملبس كلها إيطالية. أما الوجه وما أرتسم عليه من كآبة فقد عبّر خير تعبير عن الحزن واليأس والاستسلام وهو ما يتمشى مع المقصود من وضع التمثال.