قوله: بَلْ تَأْتِيهِمْ بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ [الأنبياء:40] أي: تحيرهم، وتذهلهم. قوله: فَلا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّهَا [الأنبياء:40] أي: فلا يستطيعون رد العذاب والعقوبة، ورد النقمة ودفعها وكفها عنهم. قوله: وَلا هُمْ يُنظَرُونَ [الأنبياء:40] أي: لا يتربص بهم، ولا ينتظر بهم وقتاً آخر لعلهم يرجعون؛ لأنهم قد مضت المدة التي سمى الله مع نفسه، وأرجعه فيها، وأمهله فيها، فلم ينتفعوا بها، وحينما تأتيهم -ويصبحون في العذاب- لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل، أو كسبت في إيمانها خيراً. تفسير قوله تعالى: (ولقد استهزئ برسل من قبلك... )
قوله تعالى: ولقد استهزئ برسل من قبلك الآية. وأخرج ابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن محمد بن إسحاق قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغني ، بالوليد بن المغيرة وأمية بن خلف، وأبي جهل بن هشام، فهمزوه واستهزءوا به ، فغاظه ذلك ، فأنزل الله: ولقد استهزئ برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزئون. وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن السدي في قوله: فحاق بالذين سخروا منهم من الرسل ما كانوا به يستهزئون يقول: وقع بهم العذاب الذي استهزءوا به.
السؤال: في سؤالها الثاني تقول في الآية الكريمة: وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ [الأنبياء:41] ما سبب نزول هذه الآية؟ الجواب: سببها التسلية للرسول ﷺ، يقول: لا تجزع، فقد استهزئ بالرسل من قبلك فإن قريشًا تستهزئ به، وكفارهم وغير كفارهم يستهزئون به، فالله يسليه ويعزيه ويقول له: لا تألم من هذا، ولا تحزن من هذا، فإن الرسل قبلك كذلك قد استهزئ بهم، فلك فيهم الأسوة، كما كذبوا كذبت، وكما استهزئ بهم استهزئ بك، فلا بد من الصبر؛ ولهذا قال في الآية الأخرى: فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ [الأحقاف:35]، نعم. المقدم: جزاكم الله خيرًا. فتاوى ذات صلة
فقد استهزأت أمم من قبلك برسلٍ أرسلتهم إليهم بمثل الذي أرسلتك به إلى قومك, وفعلوا مثل ما فعل قومُك بك = " فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزئون " ، يعني بقوله: " فحاق " ، فنـزل وأحاط بالذين هزئوا من رسلهم = " ما كانوا به يستهزئون " ، يقول: العذابُ الذي كانوا يهزءون به، وينكرون أن يكون واقعًا بهم على ما أنذرتهم رسلهم. * * * يقال منه: " حاق بهم هذا الأمر يَحِيقُ بهم حَيْقًا وحُيُوقًا وحَيَقَانًا ". * * * وبنحو الذي قلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: 13094- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي: " فحاق بالذين سخروا منهم " ، من الرسل = " ما كانوا به يستهزئون " ، يقول: وقع بهم العذاب الذي استهزءوا به.
من الذي يدبر امرك! من الذي يرزقك!
ﵟ وَكَمْ أَرْسَلْنَا مِنْ نَبِيٍّ فِي الْأَوَّلِينَ ﰅ وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﰆ ﵞ سورة الزخرف وكم بعثنا من نبي في الأمم السابقة. المزيد
ورده أبو حيان بأنه يلزم إرجاع الضمير إلى غير مذكور. وأجيب عنه بأنه في قوة المذكور. و (بالذين) متعلق بحاق وتقديمه على فاعله وهو (ما) للمسارعة إلى بيان لحوق الشر بهم. وهي إما مصدرية، وضمير به للرسول الذي في ضمن الرسل. وإما موصولة والضمير لها والكلام على حذف مضاف أي فأحاط بهم وبال استهزائهم أو وبال الذي كانوا يستهزؤن به. وقد يقال: لا حاجة إلى تقدير مضاف، وفي الكلام إطلاق السبب على المسبب لأن المحيط بهم هو العذاب ونحوه لا الاستهزاء ولا المستهزأ به لكن وضع ذلك موضعه مبالغة وقيل:أن المراد من الذي كانوا يستهزؤن هو العذاب الذي كان الرسل يخوفونهم إياه فلا حاجة إلى ارتكاب التجوز السابق أو الحذف. وقد اختار ذلك الإمام الواحدي. والاعتراض عليه بأنه لا قرينة على أن المراد بالمستهزإ به هو العذاب بل السياق دليل على أن المستهزأ بهم الرسل عليهم الصلاة والسلام يدفعه أن الاستهزاء بالرسل عليهم الصلاة والسلام مستلزم لاستهزائهم بما جاءوا به وتوعدوا قومهم بنزوله وإن مثله لظهوره لا يحتاج إلى قرينة ومن الناس من زعم أن (حاق بهم) كناية عن إهلاكهم وإسناده إلى ما أسند إليه مجاز عقلي من قبيل: أقدمني بلدك حق لي على فلان إذ من المعلوم من مذهب أهل الحق أن المهلك ليس إلا الله تعالى فإسناده إلى غيره لا يكون إلا مجازا.