وأما ( قرة) فهو ابن خالد. وأما ( المعرور) فهو بفتح الميم وإسكان العين المهملة وبراء مهملة مكررة. ومن طرف أحواله أن الأعمش قال رأيت المعرور وهو ابن عشرين ومائة سنة أسود الرأس واللحية. وأما ( أبو ذر) فتقدم أن اسمه جندب بن جنادة على المشهور وقيل غيره. وفي الإسناد ( أحمد بن خراش) بالخاء المعجمة تقدم. وأما ( ابن بريدة) فاسمه عبد الله ، ولبريدة ابنان سليمان وعبد الله وهما ثقتان ولدا في بطن ، وتقدم ذكرهما أول كتاب الإيمان. الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ / محمد بن صالح بن عثيمين رحمة الله تعالى - معنى حديث : " من قال لا إله إلا الله دخل الجنة فقال أبو ذر وإن زنا وإن سرق..". وابن بريدة هذا ويحيى بن يعمر وأبو الأسود ثلاثة تابعيون يروي بعضهم عن بعض. ( ويعمر) بفتح الميم وضمها تقدم أيضا. و ( أبو الأسود) اسمه ظالم بن عمرو هذا هو المشهور. وقيل: اسمه عمرو بن ظالم ، وقيل: عثمان بن عمرو ، وقيل: عمرو بن سفيان ، وقيل: عويمر بن ظويلم. وهو أول من تكلم في النحو وولي قضاء البصرة لعلي بن أبي طالب كرم الله وجهه. وأما ( الديلي) فكذا وقع هنا بكسر الدال وإسكان الياء. وقد اختلف فيه فذكر [ ص: 273] القاضي عياض أن أكثر أهل السنة يقولون فيه وفي كل من ينسب إلى هذا البطن الذي في كنانة ( ديلي) بكسر الدال وإسكان الياء كما ذكرنا ، وأن أهل العربية يقولون فيه الدؤلي بضم الدال وبعدها همزة مفتوحة.
فهذا جمع ظاهر بين روايتي ابن مسعود ، وفيه موافقة لرواية غيره في رفع اللفظتين. والله أعلم. وأما حكمه - صلى الله عليه وسلم - على من مات يشرك بدخول النار ومن مات غير مشرك بدخوله الجنة فقد أجمع عليه المسلمون. فأما دخول المشرك النار فهو على عمومه فيدخلها ويخلد فيها ولا فرق فيه بين الكتابي اليهودي والنصراني وبين عبدة الأوثان وسائر الكفرة. ولا فرق عند أهل الحق بين الكافر عنادا وغيره ، ولا بين من خالف ملة الإسلام وبين من انتسب إليها. ثم حكم بكفره بجحده ما يكفر بجحده وغير ذلك. ما هو معنى رغم أنف أبي ذر التي ذكرت في حديث (وإن زنى وإن سرق...) - أجيب. وأما دخول من مات غير مشرك الجنة فهو مقطوع له به لكن إن لم يكن صاحب كبيرة مات مصرا عليها دخل الجنة أولا ، وإن كان صاحب كبيرة مات مصرا عليها فهو تحت المشيئة ، فإن عفي عنه دخل أولا وإلا عذب ، ثم أخرج من النار ، وخلد في الجنة. والله أعلم. وأما قوله - صلى الله عليه وسلم -: ( وإن زنى وإن سرق) فهو حجة لمذهب أهل السنة أن أصحاب الكبائر لا يقطع لهم بالنار ، وأنهم إن دخلوها أخرجوا منها وختم لهم بالخلود في الجنة. وقد تقدم هذا كله مبسوطا. والله أعلم.
وذهبت طائفة إلى أنه لا يحمل على الاتصال إلا بدليل عليه ، فإذا قيل بهذا المذهب كان مرسل صحابي ، وفي الاحتجاج به خلاف. فالجماهير قالوا: يحتج به وإن لم يحتج بمرسل غيره. وذهب الأستاذ أبو إسحاق الإسفراييني الشافعي - - رحمه الله - - إلى أنه لا يحتج به. فعلى هذا يكون هذا الحديث قد روي متصلا ومرسلا. وفي الاحتجاج بما روي مرسلا ومتصلا خلاف معروف. قيل: الحكم للمرسل; وقيل: للأحفظ رواية ، وقيل: للأكثر. والصحيح أنه تقدم رواية الوصل فاحتاط مسلم - رحمه الله - وذكر اللفظين لهذه الفائدة ، ولئلا يكون راويا بالمعنى فقد أجمعوا على أن الرواية باللفظ أولى. والله أعلم. وأما ( أبو سفيان) الراوي عن جابر فاسمه طلحة بن نافع. رغم أنف أبي ذر مناهجنا الدينية 1 - جريدة الوطن السعودية. و ( أبو الزبير) اسمه محمد بن مسلم بن تدرس تقدم بيانه. وأما قوله: ( قال أبو أيوب: قال أبو الزبير عن جابر) فمراده أن أبا أيوب وحجاجا اختلفا في عبارة أبي الزبير عن جابر فقال أبو أيوب: عن جابر وقال حجاج: حدثنا جابر. فأما حدثنا فصريحة في [ ص: 272] الاتصال ، وأما ( عن) فمختلف فيها. فالجمهور على أنها للاتصال كحدثنا. ومن العلماء من قال: هي للانقطاع ويجيء فيها ما قدمناه إلا أن هذا على هذا المذهب يكون مرسل تابعي.
وقال أبو مجلز عن ابن عمر رضي الله عنه لما نزلت: " قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم " ، الآية قام رجل فقال: والشرك يا رسول الله ، فسكت ثم قام إليه مرتين أو ثلاثا فنزلت ( إن الله لا يغفر أن يشرك به). وقال مطرف بن عبد الله بن الشخير: قال ابن عمر رضي الله عنه: كنا على عهد محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مات الرجل على كبيرة شهدنا أنه من أهل النار حتى نزلت هذه الآية ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) فأمسكنا عن الشهادات. حكي عن علي رضي الله عنه أن هذه الآية أرجى آية في القرآن " ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ". ( ومن يشرك بالله فقد افترى) اختلق ، ( إثما عظيما) أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي ، أنا أحمد بن الحسن الحيري ، أخبرنا حاجب بن أحمد الطوسي ، أنا محمد بن حماد ، أنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن أبي سفيان ، عن جابر قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل فقال: يا رسول الله ما الموجبتان؟ قال: " من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة ، ومن مات يشرك بالله شيئا دخل النار ".
إنها على ما يبدو سريعة الملاحظة ، سريعة التنبيه ، قوية نبرات الحديث في نصحها ، تكرر النصيحة في المجلس الواحد إن لم تجد استجابة ، فتنقلب النصيحة أوامر، والتنبيه وعيداً ، والملاحظة حواراً ونقاشاً. وقد يكون الامر بسيطاً لا يحتاج كل هذه الأمور ، فإذا بالمجلس ينفض ، والزائرين يختصرون زيارتهم ، وأفراد الأسرة يتوزعون إلى غرفهم ، والجو يتكهرب. وتنقلب ليلة الأنس ميدان حرب لا يفوز فيه احد سوى الشيطان الذي كان سبباً في اصفرار الوجوه وانعقاد ما بين العيون ، وتقطيب الجبين ، وارتفاع بعض الأصوات وغمغمة بعضها الآخر ، ويندم السامرون أنْ كرروا هذه اللقاءات والزيارات ، وهم يعلمون أنها ستنتهي هكذا دائماً ، لكنهم يعودون إليها رغبة في صلة الرحم وأملاً في تغيير الأسلوب – ولن يتغيّر – فمن شبّ على شيء شاب عليه. ومن ظن أنه أذكى من غيره فلن يقبل نصيحته ، ومن اعتقد بصواب ما يقول ويفعل فلن يغيّر مواقفه ، ولن يبدل من عادته. يقول صاحبي: هذا حالنا – باختصار – منذ خمسة وثلاثين عاماً ، وإني لأخشى أن يحزم الأهل أمرهم ، ويتخذ الأصدقاء والأحباب قرارهم ، فألفي نفسي وحيداً إلا من جليستي أم البنين فقد تزوجوا وبدأو حياتهم الجديدة – سنة الله في عباده - ، أو التلفاز ، فينقطع الجميع عنا ، وأراني بعد هذا أُكثـِرُ من صحبة الحاسوب والكتب ، فساعة أرضى هذه الصحبة وأطلبها ، وساعة أراني مضطراً إليها فليس هناك غيرها ، ولعلك تعلم أن الحديث مع زوجتي - وإن بدأته بالتودد إليها - فإنه عادة ما ينتهي بغير ذلك ، فهي تفهم على الأغلب ماتريد ، وينتهي الحديث قبل أن ينتهي!!
رغم أنف أبي ذر من النادر أن أستمتع بخطبة جمعة، ولكن الله أكرمني يوم أمس بخطبة رائعة، مختصرة ومُلهمة ومركزة، وعلمية ومفيدة، بل أكثر من ذلك، لأنها تفتح بابا واسعا من أبواب الأمل والرحمة، يفتحه رب العزة ويغلقه بعض الوعاظ ممن أدمنوا تخويف الناس، وإغلاق أبواب الأمل في وجوههم! دارت الخطبة كلها حول حديث شريف للنبي -صلى الله عليه وسلم-، عليه إجماع بين رواة الحديث، كما قال الخطيب، وبحثت عنه فوجدته في البخاري ومسلم ومسند أحمد و سنن الترمذي!