والملاقيح ما في بطون النوق من الأجنة ، الواحدة ملقوحة; من قولهم: لقحت; كالمحموم من حم ، والمجنون من جن. وفي هذا جاء النهي. وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: أنه نهى عن المجر وهو بيع ما في بطون الإناث. ونهى عن المضامين والملاقيح. قال أبو عبيد: المضامين ما في البطون ، وهي الأجنة. والملاقيح ما في أصلاب الفحول. وهو قول سعيد بن المسيب وغيره. وقيل بالعكس: إن المضامين ما في ظهور الجمال ، والملاقيح ما في بطون الإناث. وهو قول ابن حبيب وغيره. وأي الأمرين كان ، فعلماء المسلمين مجمعون على أن ذلك لا يجوز. وذكر المزني عن ابن هشام شاهدا بأن الملاقيح ما في البطون لبعض الأعراب: منيتي ملاقحا في الأبطن تنتج ما تلقح بعد أزمن وذكر الجوهري على ذلك شاهدا قول الراجز: إنا وجدنا طرد الهوامل خيرا من التأنان والمسائل وعدة العام وعام قابل ملقوحة في بطن ناب حامل قوله - تعالى -: وأنزلنا من السماء أي من السحاب. وأنزلنا من السماء ماء بقدر. وكل ما علاك فأظلك يسمى سماء. وقيل: من جهة السماء. ماء أي قطرا. فأسقيناكموه أي جعلنا ذلك المطر لسقياكم ولشرب مواشيكم وأرضكم. وقيل: سقى وأسقى بمعنى. وقيل بالفرق ، وقد تقدم. وما أنتم له بخازنين أي ليست خزائنه عندكم; أي نحن الخازنون لهذا الماء ننزله إذا شئنا ونمسكه إذا شئنا.
الشيخ الشعراوي - فيديو سورة النحل الايات 62 - 66 تفسير خواطر محمد متولي الشعراوي الحق تبارك وتعالى في هذه الآية ينقلنا إلى آية مادية مُحسّة لا ينكرها أحد، وهي إنزال المطر من السماء، وإحياء الأرض الميتة بهذا المطر؛ ليكون ذلك دليلاً محسوساً على قدرته تعالى، وأنه مأمون على خَلْقه. وكأنه سبحانه يقول لهم: إذا كنتُ أنا أعطيكم كذا وكذا، وأُوفّر لكم الأمر المادي الذي يفيد عنايتي بكم، فإذا أنزلتُ لكم منهجاً ينفعكم ويُصلح أحوالكم فصدّقوه. فهذا دليل ماديّ مُحَسّ يُوصِّلهم إلى تصديق المنهج المعنوي الذي جاء على يد الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: { وَنُنَزِّلُ مِنَ ٱلْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَآءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ.. } [الإسراء: 82]. وقوله: { وَٱللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ ٱلْسَّمَآءِ مَآءً... } [النحل: 65]. هذه آية كونية مُحسَّة لا ينكرها أحد. ثم يقول: { فَأَحْيَا بِهِ ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَآ... موت الأرض، أي حالة كَونْها جدباء مُقفرة لا زرعَ فيها ولا نبات، وهذا هو الهلاك بعينه بالنسبة لهم، فإذا ما أجدبتْ الأرض استشرفوا لسحابة، لغمامة، وانتظروا منها المطر الذي يُحيي هذه الأرض الميتة.. القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة ق - الآية 9. يُحييها بالنبات والعُشْب بعد أنْ كانت هامدة ميتة.
وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ (22) قوله تعالى: وأرسلنا الرياح لواقح فأنزلنا من السماء ماء فأسقيناكموه وما أنتم له بخازنين فيه خمس مسائل: الأولى: قوله - تعالى -: وأرسلنا الرياح قراءة العامة الرياح بالجمع. وقرأ حمزة بالتوحيد; لأن معنى الريح الجمع أيضا وإن كان لفظها لفظ الواحد. كما يقال: جاءت الريح من كل جانب. كما يقال: أرض سباسب وثوب أخلاق. وكذلك تفعل العرب في كل شيء اتسع. وانزلنا من السماء ماء طهورا. وأما وجه قراءة العامة فلأن الله - تعالى - نعتها ب لواقح وهي جمع. ومعنى لواقح حوامل; لأنها تحمل الماء والتراب والسحاب والخير والنفع. قال الأزهري: وجعل الريح لاقحا لأنها تحمل السحاب; أي تقله وتصرفه ثم تمريه فتستدره ، أي تنزله; قال الله - تعالى -: حتى إذا أقلت سحابا ثقالا أي حملت. وناقة لاقح ونوق لواقح إذا حملت الأجنة في بطونها. وقيل: لواقح بمعنى ملقحة وهو الأصل ، ولكنها لا تلقح إلا وهي في نفسها لاقح ، كأن الرياح لقحت بخير. وقيل: ذوات لقح ، وكل ذلك صحيح; أي منها ما يلقح الشجر; كقولهم: عيشة راضية; أي فيها رضا ، وليل نائم; أي فيه نوم.
#أبو_الهيثم #مع_القرآن 1 0 12, 599
وَاللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ تفسير بن كثير يذكر تعالى أنه أرسل إلى الأمم الخالية رسلا فكذبت الرسل، فلك يا محمد في إخوتك من المرسلين أسوة فلا يهُمنَّك تكذيب قومك لك، وأما المشركون الذين كذبوا الرسل فإنما حملهم على ذلك تزيين الشيطان لهم ما فعلوه. { فهو وليهم اليوم} أي هم تحت العقوبة والنكال، والشيطان وليهم ولا يملك لهم خلاصا، ولا صريخ لهم ولهم عذاب أليم، ثم قال تعالى لرسوله إنه إنما أنزل عليه الكتاب ليبين للناس الذي يختلفون فيه، فالقرآن فاصل بين الناس في كل ما يتنازعون فيه، { وهدى} أي للقلوب، { ورحمة} أي لمن تمسك به، { لقوم يؤمنون} ، وكما جعل سبحانه القرآن حياة القلوب الميتة بكفرها كذلك يحيي الأرض بعد موتها بما أنزله عليها من السماء من ماء { إن في ذلك لآية لقوم يسمعون} أي يفهمون الكلام ومعناه. تفسير الجلالين { والله أنزل من السماء ماء فأحيا به الأرض} بالنبات { بعد موتها} يبسها { إن في ذلك} المذكور { لآية} دالة على البعث { لقوم يسمعون} سماع تدبر.
{وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الأرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ * فَأَنْشَأْنَا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ * وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلآكِلِينَ} [المؤمنون 18-20]. من نعم الله على خلقه أن أنزل لهم ما يكفيهم من الماء الذي بها قوام حياتهم فمنه المشرب و منه تنشأ جميع المآكل بإذن الله و هو القادر سبحانه أن يذهب بكل هذا و لكن رحمته عمت جميع خلقه و أفضاله ظاهرة لا ينكرها إلا مريض النفس عليل الفؤاد. و خص تعالى بالذكر أنواع معينة من الأشجار كالنخيل و الأعناب ثم ذكر شجرة الزيتون و دهنها النافع لما فيهم من منافع في الغذاء و الاستشفاء بإذن الله. القرآن الكريم - تفسير القرطبي - تفسير سورة الحجر - الآية 22. { وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الأرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ * فَأَنْشَأْنَا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ * وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلآكِلِينَ} [المؤمنون 18-20].
وهذا يؤكد أن القرآن العظيم كتاب منزل من رب السماوات السبع الذي يعلم أسرار القرآن ويعلم أسرار السماء والأرض: ( قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا) [الفرقان: 6]. ــــــــــــ بقلم عبد الدائم الكحيل