أسماء الله الحسنى هي الأسماء والصفات التي أطلقها الله -عزّ وجلّ- على نفسه وأمر عباده بأن يدعوه بها، فقد قال الله تعالى في محكم كتابه: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا ۖ وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ ۚ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [١] ، وإن لمعرفة أسماء الله الحسنى ومعانيها فوائد عظيمة فهي تُعتبر من الأشياء التي تقرّب العبد من الله -تعالى-، بل إنّ من أحد أسباب إجابة الدعاء هي أن يدعو العبد ربه بأحد أسمائه وصفاته، وقد أحصى أهل العلم تسعًا وتسعين إسمًا لله -جلّ وعلا- مذكورة في القرآن الكريم ، وسيأتي هذا المقال على ذكر معنى اسم الله الودود.
اسم الله الوَدُود هو طريق المحبة لله ولعباده.. وطريق الرضا في الدنيا والآخرة.. من عرفه وتفكر فيه فتح الله عليه أبواب اللطف والرحمة والمغفرة.. وفتح له أبواب الدنيا ليحتسبها بوعدها ووعيدها توددا له جلّ في عُلاه.
الخُطْبَةُ الأُولَى: الحمد لله رب العالمين, حمدا كثيرا مباركا فيه, يفعل ما يشاء ويخلق ما يريد, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله -صلى الله عليه وسلم-. وبعد: فأوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل؛ ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب: 70، 71]. نتكلم عن اسم الله الودود, فهو من أسماء الله -تعالى- الحسنى, وكل أسماء الله -تعالى- بالغة الحسن, واسمه -تعالى- الودود ورد في آيتين في القرآن الكريم, قوله -تعالى-: ( وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ * ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ)[البروج: 14، 15], وقال -تعالى-: ( وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ)[هود: 90]. الله الودود له معانٍ عند بعض أهل العلم: الأول: إن الودود هو الذي يحب أنبياءه ورسله وأولياءه وعباده المؤمنين. والثاني: إن الودود بمعنى المحبوب الذي يستحق الحب كله, أكثر من الأنفس وجميع المحبوبات كلها.
وتستطيع الأخت الكريمة أن تدعو الله باسمه الودود، بالصيغة والكلمات التي تحب، مقدمة في بداية الدعاء حمد الله -سبحانه- فإنه أعظم الدعاء، ويملأ الميزان، وبدونه كل دعاء ناقص، وقليل بركة، مثنية بالصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- فإنها مفتاح رحمة الله. وأسباب استجابة الدعاء باسم الله الودود كثيرة منها: أن تتخلقي بصفة الود والمحبة، فتكوني محبة لله ولخلق الله، توادين المؤمنين، وتتمنين إيصال الخير لهم. أن تكرري الدعاء باسم الله الودود، وأن تواظبي على هذا الورد كل يوم. أن تتذوقي معاني اسم الودود، وأن تشغلي عقلك الباطن بها. أن تكوني موقنة باستجابة الدعاء، وأن تكوني حاضرة القلب، خاشعة الفؤاد، فإن الله لا يقبل دعاء من قلبٍ لاهٍ. وإذا أردت أن تكوني محبوبة لزوجك، وزوجك محبوبا لك، فلتكثرا من محبة الله، وتعظيمه، والثناء عليه، وتلاوة كتابه، والإكثار من الصلاة على نبيه -صلى الله عليه وسلم-، والمواظبة على محاب الله -تعالى- فإنكما إن فعلتما ذلك، أحبكم الله تعالى. وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إن الله تعالى قال: مَن عادى لي وليًّا فقد آذنتُه بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيءٍ أحب إلي مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببتُه كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورِجْله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنّه)).
"الوَدُوْدُ" اسمٌ مِن أسماءِ الله، وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ [البروج:14] فعولٌ مِن الـمَوَدَّةِ وهي: المحبةُ، واللهُ يُحبُّ مَن يشاءُ: يحبُّ أولياءَه، يحبُّ المتقينَ، والتَّوَّابينَ، والـمُتَطهِّرين، والصابرينَ، وهِيَ صيغةٌ تدلُّ على كمالِ محبتِهِ، فهو يُحِبُّ ويُحَبُّ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ [المائدة:54] وقالَ بعضُهم: أنَّ معنى وَدُودُ أيْ: مَوْدُودٌ، يعني أنَّهُ محبوبٌ يحبُّهُ أولياؤُه وكلُّ مِن المعنيينِ حَقٌّ، لكن الأولُ أرجحُ. فتح الرحيم الملك العلاّم: العقائد - الدرس23
فعلينا أن نتودد إلى الله بحبه ونتودد إليه بالأعمال الصالحة؛ من صلاة, وصوم, وصدقات, وبر الوالدين, وصلة للأرحام, وإحسان للقريب والبعيد؛ فإن الله -عز وجل- لا يحتاج أعمالنا الصالحة ولكن نحن نحتاج لها, نعم, نحن في حاجتها؛ لأنها سبب في رضا الله عنا ودخول الجنة, فلا تعتقد أنك صاحب الفضل في الأعمال الصالحة؛ بل الله صاحب الفضل أن هداك وجعلك من أهل الإسلام, وأهل الصلاة وأهل الاستقامة, فعليك أن تزيد من الطاعات حتى تزيد محبة الله لك, فاذا أحبك الله كنت من السعداء في الدنيا والآخرة. نسأل الله أن يرزقنا حبه ووده لنا, أكثر من الماء البارد في اليوم الحار, ونسأل الله أن يجعلنا ممن يستمع القول فيتبع أحسنه؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه. أقول ما سمعتم, وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم. الخطبة الثانية: الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه, والصلاة والسلام على محمد وآله وصحبه وسلم. اعلموا أن من الأسباب الجالبة لمحبة الله -تعالى- ووده ما يلي: التقرب إلى الله بالواجبات المفروضة, وأهمها تحقيق توحيد الله, والصلوات في المساجد جماعة مع المسلمين, الزكاة والصوم, والحج والعمرة, وبر الوالدين وصلة الارحام.