وقوله تعالى: { ولكن رسول الله وخاتم النبيين وكان الله بكل شيء عليماً} كقوله عز وجل: { للّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ) ( الأنعام: 124)} فهذه الاَية نص في أنه لا نبي َّ بعده, وإِذا كان لا نبي َّ بعده فلا رسول بعده بالطريق الأولى والأحرى, لأن مقام الرسالة أخص من مقام النبوة, فإِن كل رسول نبي ولا ينعكس, وبذلك وردت الأحاديث المتواترة عن رسول الله من حديث جماعة من الصحابة رضي الله عنهم. قال الإمام أحمد: حدثنا أبو عامر الأزدي, حدثنا زهير بن محمد عن عبد الله بن محمد بن عقيل, عن الطفيل بن أبي بن كعب عن أبيه رضي الله عنه, عن النبي قال: « مثلي في النبيين كمثل رجل بنى داراً فأحسنها وأكملها, وترك فيها موضع لبنة لم يضعها, فجعل الناس يطوفون بالبنيان ويعجبون منه ويقولون: لو تم موضع هذه اللبنه, فأنا في النبيين موضع تلك اللبنة » ورواه الترمذي عن بندار عن أبي عامر العقدي به, وقال حسن صحيح. ( حديث آخر) قال الإمام أحمد: حدثنا عفان, حدثنا عبد الواحد بن زياد, حدثنا المختار بن فلفل, حدثنا أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله: « إِن الرسالة والنبوة قد انقطعت فلا رسول بعد ولا نبي » قال: فشق ذلك على الناس, فقال: « ولكن المبشرات » قالوا: يارسول الله وما المبشرات ؟ قال: « رؤيا الرجل المسلم, وهي جزء من أجزاء النبوة » وهكذا رواه الترمذي عن الحسن بن محمد الزعفراني عن عفان بن مسلم به, وقال: صحيح غريب من حديث المختار بن فلفل.
أى: لم يكن صلّى الله عليه وسلّم أبا لأحدكم على سبيل الحقيقة، ولكنه كان رسولا من عند الله- تعالى- ليخرجكم من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان وكان- أيضا- خاتم النبيين، بمعنى أنهم ختموا به، فلا نبي بعده، فهو كالخاتم والطابع لهم. ختم الله- تعالى- به الرسل والأنبياء، فلا رسول ولا نبي بعده إلى قيام الساعة. إعراب قوله تعالى: ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين الآية 40 سورة الأحزاب. قال القرطبي: قرأ الجمهور وَخاتَمَ- بكسر التاء- بمعنى أنه ختمهم، أى: جاء آخرهم. وقرأ عاصم وَخاتَمَ- بفتح التاء- بمعنى أنهم ختموا به، فهو كالخاتم والطابع لهم. وقيل: الخاتم والخاتم- بالفتح والكسر- لغتان، مثل طابع وطابع.. وقد روى الإمام مسلم عن جابر أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى دارا فأتمها وأكملها، إلا موضع لبنة، فجعل الناس يدخلونها ويتعجبون منها ويقولون: ما أجمل هذه الدار، هلا وضعت هذه اللبنة؟ قال صلّى الله عليه وسلّم فأنا موضع اللبنة جئت فختمت الأنبياء». وقد ذكر الإمام ابن كثير عددا من الأحاديث في هذا المعنى منها ما رواه الإمام مسلم عن أبى هريرة أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «فضلت على الأنبياء بست: أعطيت جوامع الكلم ونصرت بالرعب، وأحلت لي الغنائم، وجعلت لي الأرض طهورا ومسجدا، وأرسلت إلى الخلق كافة، وختم بي النبيون».
كوم.
إعراب الآية 40 من سورة الأحزاب - إعراب القرآن الكريم - سورة الأحزاب: عدد الآيات 73 - - الصفحة 423 - الجزء 22.