والكونُ كلُّه ناطِقٌ بحمد الله تعالى، قائِمٌ بحمده، وكلُّ مَوْجُودٍ شاهِدٌ بحمده، إرسالُه رسولَه بحمده، إنزالُه كتُبَه بحمده، الجنةُ عَمُرتْ بأهلها بحمده، النارُ عَمُرتْ بأهلها بحمده، وما أُطيع إلا بحمده، ولا تتحرَّكُ في الكونِ ذرةٌ إلا بحمده، وهو المحمود لذاته وإنْ لم يحمدْه العباد، فله الحمدُ كلُّه، وله المُلكُ كلُّه، وبيده الخيرُ كلُّه، وإليه يُرجَعُ الأمرُ كلُّه. الحمدُ لله نطقَ بها الأنبياءُ والرسلِ الكرام عليهم أفضلُ الصلاةِ والسلام، قال الله تعالى عن نوحٍ عليه السلام: ﴿ فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾ [المؤمنون: 28]. إن الحمد لله نحمده ونستعينه. وقال تعالى على لسانِ إبراهيم عليه السلام: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ ﴾ [إبراهيم: 39]. وعن داود وسليمان عليهما السلام: ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [النمل: 15]. وقالها سبحانه لسيدِ المرسلين محمد بن عبدالله: ﴿ وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا ﴾ [الإسراء: 111]، وقال له: ﴿ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [النمل: 59].
ومن الآثار المتعلقة بموضوع الأمانة قول ابن عباس رضي الله عنهما: (لم يرخص الله لموسر ولا معسر أنْ يمسك الأمانة)، رواه الطبري ، وروي عن ابن عمر رضي الله عنهما، قوله: (إنه تعالى خلق فرج الإنسان، وقال هذا أمانة خبأتها عندك، فاحفظها إلا بحقها)، ذكره الرازي في "تفسيره" من غير إسناد، وقال ميمون بن مهران: (ثلاثة يؤدين إلى البر والفاجر: الرحم توصل كانت برة أو فاجرة، والأمانة تؤدى إلى البر والفاجر، والعهد يوفَّى به للبر والفاجر). أما بالنسبة لما أمرت به الآية من الحكم بالعدل، وذلك قوله سبحانه: { وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل}، فإن هذا الأمر معطوف على سابقه، وهو يدل على وجوب الحكم بين الناس بالعدل. و(العدل): هو المساواة بين الناس، وإعطاء كل ذي حق حقه، وفق ما قرره الشرع الحنيف، قال السعدي: "المراد بالعدل الذي أمر الله بالحكم به هو: ما شرعه الله على لسان رسوله من الحدود والأحكام". إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره. ويشمل (العدل) هنا ما هو مادي، كقسمة الأموال ونحوها، وما هو معنوي، كمعاملة الناس بخُلق حسن، دون تفريق بين غني أو فقير، أو كبير أو صغير. ومن ثَمَّ يقال في هذا الأمر الثاني ما قيل في الأمر الأول من حيث عموم الخطاب. قال القرطبي: "وقوله سبحانه: { وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل}، خطاب للولاة والأمراء والحكام، ويدخل في ذلك بالمعنى جميع الخلق كما في أداء الأمانات"؛ وعلى هذا ينبغي على ولاة الأمر أن يحكموا بالعدل بين رعيتهم، وعلى القضاة أن يحكموا بالعدل بين المتخاصمين إليهم، وعلى الآباء أن يحكموا بالعدل بين أبنائهم، وعلى الزوج أن يحكم بالعدل بين زوجاته، وعلى المعلم أن يحكم بالعدل بين طلبته، وعلى الرئيس أن يحكم بالعدل بين مرؤوسيه، وهلم جرًّا.
♦ وعند الاستيقاظِ من النوم قال: الحمدُ لله الذي رد عليَّ رُوحي، الحمدُ لله الذي احيانا بعدما أماتنا وإليه النشور. ♦ وإذا عطسَ قال: الحمد لله. ♦ وإذا استجدَ ثوبًا ليلبسه قال: الحمدُ لله أنت كسوتنيه، اللهم لك الحمد أنت كسوتنيه، أسألك من خيره وخير ما صنع له. ♦ وإذا فرغَ من الطعام قال: الحمدُ لله الذي أطعمني هذا ورزقنيه من غير حولٍ مني ولا قوة. تحميل كتاب إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره PDF - مكتبة نور. أو قال: الحمد لله الذي أطعم وسقى، وسوغه وجعل له مخرجًا. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما جاء لمسلم: (إِنَّ اللَّهَ لَيَرْضَى عَنْ الْعَبْدِ أَنْ يَأْكُلَ الأَكْلَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا، أَوْ يَشْرَبَ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا). ♦ وإذا ركبَ وسيلة نقل قال: الحمدُ لله، سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون، الحمد لله، الحمد لله، الحمد لله. ♦ وإذا رأى مبتلًى قال: الحمدُ لله الذي عافاني مما ابتلاك به، وفضَّلني على كثيرٍ ممن خُلقَ تفضيلًا. حتى في الصلاةِ والحجِّ كلمة الحمد لله لا تغيب عنهما: ففي الصلاة نجد حمد الله تعالى من جملةِ أدعية الاستفتاح: (الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرةً وأصيلًا)؛ رواه مسلم.
ومن فوائد قصة ضماد الأزدي: استثمار النبي صلى الله عليه وسلم للمواقف بالدعوة إلى الله تعالى. كم نصادف في حياتنا اليومية من أشخاص غير مسلمين.. فهل دعوناهم للإسلام.. لقد أتى بهم الله تعالى من ديارهم إلينا.. فهل نتركهم يعودون كما أتوا؟ ألم نسمع حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النَّعم)؟ وكم نصادف في حياتنا اليومية من معاصٍ ومنكرات ظاهرة.. فهل أدينا شعيرة الله تعالى بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.. {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}. ومن فوائد هذه القصة: أن الشفاء من عند الله تعالى, بل إن هذا الاعتقادَ هو الفطرة, فهذا ضماد نسب الشفاء لله تعالى ولم ينسبه لنفسه. ألم يتأمل ذلك من يذهب للسحرة والمشعوذين يلتمس منهم الشفاء ورفع البلاء؟ ألم يتأمل ذلك من يطارد الأطباء في المستشفيات دون أن يرفع يديه بدعوة صادقة لله تعالى أن يشفيه أو يشفي مريضه؟ ومن فوائد القصة: تقصيرنا أيها الإخوة في تأمل كلام الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم, فكم مرة سمعنا أو قرأنا ما سمعه ضماد.. الحمد لله (خطبة). ولم تهتز فينا شعرة.. وكم مرة نقرأ سورة الفاتحة كل يوم.. وهي أعظم سورة في القرآن.. فهل تأملنا وتدبرنا في معانيها.. وهكذا في سائر الآيات والأحاديث.
إنَّ الحمد لله، نحمدهُ ونستعينهُ ونستغفرهُ ونستهديهِ، ونعوذُ باللهِ من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهدهِ اللهُ فلا مضلَّ له ، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله. من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما فإنَّه لا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً. إن الحمد لله !! - ملتقى الخطباء. أمـــا بعد: تحية حب وتقدير لــ: اعضاء وعضوات رواد منتدى القرآن الكريم الموضوع من الآيات الجامعة للأحكام ما جاء في قوله تعالى: { إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعا بصيرا} (النساء:58)، وقد وصف القرطبي هذه الآية، بأنها "من أمهات الأحكام، تضمنّت جميع الدين والشرع". هذه الآية الكريمة جاءت عقب آيات سبقتها تتحدث عن أحوال الكفار والمنافقين، كقوله تعالى: { ويكتمون ما آتاهم الله من فضله} (النساء:37)، وقوله سبحانه: { والذين ينفقون أموالهم رئاء الناس ولا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر} (النساء:38)، وتتحدث أيضاً عن بعض من صفات أهل الكتاب، كما في قوله سبحانه: { يحرفون الكلم عن مواضعه} (النساء:46)، وقوله عز وجل: { يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله} (النساء:54)، وكل ذلك يشتمل على خيانة أمانة الدين، والعلم، والحق، والنعمة، فبعد أن بين سبحانه شيئاً من صفات هؤلاء وأولئك، عطف على ذلك مخاطباً عباده المؤمنين بأداء الأمانة، والحكم بالعدل.
الوقفة الثانية: جاء في الآية نفسها قوله سبحانه: { إن الله نعما يعظكم به}، قال ابن عاشور ما حاصله: هذه الجملة واقعة موقع التحريض على امتثال الأمر الذي جاءت به الآية، فكانت بمنـزلة التعليل؛ أي: أنه سبحانه يعظ عباده ويحثهم على الانقياد لأمره، والعمل على وفق شريعته، وأنه لا يأمرهم إلا بما هو خير ومصلحة لهم في دينهم ودنياهم. الوقفة الثالثة: ذكر ابن المنذر إجماع أهل العلم على أن الأمانات مردودة إلى أربابها، الأبرار منهم والفجار؛ ويؤيده ما نقله ابن كثير عن ابن عباس رضي الله عنهما، قوله: هي للبر والفاجر. الوقفة الرابعة: أن ثمة علاقة وثيقة بين العدل وأداء الأمانة؛ إذ هما أمران متلازمان، فأداء الأمانة إلى أهلها عين العدل، وجحدها على صاحبها هو عين الجور؛ وأيضاً فإن الحكم بين الناس بالعدل هو أداء للأمانة التي حُمِّلها الحاكم، وبالمقابل فإن ظلم العباد هو جحد للأمانة وتفريط فيها. مقدمة ان الحمد لله نحمده ونستعينه. الكود:
ثم دلل على اختياره بالآية التالية لهذه الآية. غير أنه لم ينف جواز كون الآية عامة في أمانة الدين والدنيا. ولا شك أن حمل الخطاب في الآية على العموم أولى، من حملها على ولاة الأمور فحسب؛ لأن الأصل في خطاب القرآن أن يكون عاماً، ولا يُخص إلا بدليل معتبر، يُخرج العموم عن دلالته. كما أن الحمل على العموم أقرب إلى قصد الشرع من وضع التكليف؛ وأيضاً فإن مجيء لفظ (الأمانة) بصيغة الجمع { الأمانات}، يدل على تعدد أنواعها، وتعدد القائمين بحفظها. ويتحصل على ضوء ما تقدم، أن المقصود بـ { الأمانات} في الآية العهود التي عُهد بها إلى الإنسان وأُمر بالوفاء بها، وهي عهود يتعهد بالتزامها، فتصير أمانات في ذمته. ومن الآيات ذات العلاقة بموضوع أداء الأمانة، قوله سبحانه: { ولا تخونوا أماناتكم} (الأنفال:27)، وقوله تعالى: { فليؤد الذي اؤتمن أمانته} (البقرة:283)، وقوله عز وجل: { إن الله لا يحب كل خوان} (الحج:38). ومن الأحاديث ذات الصلة بموضوع أداء الأمانة، قوله صلى الله عليه وسلم: ( إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة)، رواه البخاري ، وقوله صلى الله عليه وسلم: ( إن من أعظم الأمانة عند الله يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ثم ينشر سرها)، رواه مسلم ، وقوله صلى الله عليه وسلم ( أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك)، رواه أبو داود و الترمذي وغيرهما، وقوله صلى الله عليه وسلم: ( لا إيمان لمن لا أمانة له)، رواه أحمد وغيره.