ورغم يقين النبي صلى الله عليه وسلم بوجود كمائن خلف الأشجار الكثيرة عن اليمين والشمال التي يمتلئ بها الوادي حيث جيش هوازن يقف عن بعد، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أحد أصحابه واسمه أنس بن أبي مرثد الغنوي بأن يصعد الجبل بحصانه ليرى إن كانت توجد أية كمائن خلف الأشجار إلا أنه لم يرَ شيئاً. وبعد أن تأكد النبي صلى الله عليه وسلم بعدم وجود كمائن اطمئن وعندها بدأت المعركة، فتقدمت كتيبة بقيادة خالد ابن الوليد سيف الله المسلول إلا أنها فوجئت بوجود كمائن عندما اقتربت من المنحدر، ففزع المسلمون وولوا هرباً من هول المعركة وضراوتها، ولكن ثبات النبي صلى الله عليه وسلم في المعركة ومناداته لهم، أخذت المعركة تجد لها طريقاً آخراً فبدأ العدد يزيد وتحولت الهزيمة إلى انتصار ساحق لصالح المسلمين.
فعذراً يا رسول الله أنني وأننا لم نستطع أن نفعل إلا ما استطاعت أيدينا من حيلة لكتابته، عذراً لأنني لم أجد عذراً يليق بمكانتك والرد على من تطاول عليك بحد السيف الذي كان الإسلام يعتز به، السيف الذي إذا انسل من غمده لا يعود إلا بعد أن يتم مهمته، السيف الذي أخاف ملوك الروم والفرس وبيزنطة، فعلنا ما بوسعنا لعلنا ولعل الله يقضي أمراً كان مفعولا، ولكنني على يقين بأن الله سينتصر لنبينا وسيرى الكفار أي منقلب سينقلبون، وستبقى يا رسول عزيزاً وستبقى عبارتك التي أحببتها خالدة في القلب متى ما كانت الحياة باقية وسأقولها معتزاً بأنك (أنت النبي لا كذب، أنت ابن عبد المطلب).
هو من أخطر أنواع الكذب، وقد بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سيكون في آخر الزمان أناس يكذبون عليه؛ ففي الحديث الذي أخرجه الإمام مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يكون في آخر الزمان دجَّالون كذَّابون، يأتونكم من الأحاديث بما لم تسمعوا أنتم ولا آباؤكم، فإياكم وإياهم، لا يضلونكم، ولا يفتنونكم)). فالنبي صلى الله عليه وسلم حذَّر من هؤلاء؛ لأنهم يغيرون معالم الدين؛ حيث يدخِلون فيه ما ليس منه، أو يخرِجون منه ما هو ثابت فيه، وأيضًا بهذا الكذب ربما يُحلُّون حرامًا أو يُحرِّمون حلالاً، وكفي بهذا إثمًا مبينًا، وإفكًا عظيمًا. • وقد جاء في الحديث الذي أخرجه واثلة بن الأسقع رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن من أعظم الفرى أن يدعى الرجل إلى غير أبيه، أو يُري عينيه ما لم تر، أو يقول على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يقل))، فهذا من أعظم الكذب.