عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين.
من ضمن هذه البدع تأليف الصلوات المبتدعة وعمل الموالد وطلب الاستغاثة منه، وصرف وجوه العبادة إليه من دون الله عز وجل، وبعد أن كان تعظيم الرسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالارتفاع من شأنه بين البشر ونشر رسالته. صار التعظيم عندهم هو الغلو فيه وإخراجه عن حد البشرية المعروفة، ورفعه إلى مرتبة الألوهية، وكل ذلك من الفساد والانحراف الذي طرأ على معنى المحبة ومفهومها. كما يوجد بعض المظاهر الخاطئة التي يقوم البشر منذ سنوات عديدة بها وهي زيارة قبور أولياء الله الصالحين من أجل طلب الحاجة والتضرع لهم، ناهين عن وجود الله في قلوبهم فقد ذكر الله في قوله: "ونحن أقرب إليه من حبل الوريد" ، نهى الرسول عن هذه المقامات والتي تحتوي فيها بعض من علامات الشرك بالله الواحد الأحد. اتباع الرسول وسنته والاستمرار على دين الله ليس من الأمر الهين، فهو يتطلب الكثير من المعافرة والتضحية من أجل الانشغال عن شهوات الدنيا واتباع سنة الرسول كما قال الكتاب الكريم، فيعتبر ذلك من أقوى الدلالات على قول الرسول لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه.
[فتح الباري لابن رجب (1/ 49)].
ومحبة الرسول على درجتين – أيضاً: إحداهما: فرض، وهي ما اقتضى طاعته في امتثال ما أمر به من الواجبات والانتهاء عما نهى عنه من المحرمات وتصديقه فيما أخبر به من المخبرات والرضا بذلك، وأن لا يجد في نفسه حرجاً مما جاء به ويسلم له تسليماً، وأن لا يتلقى الهدى من غير مشكاته ولا يطلب شيئاً من الخير إلا مما جاء به. الدرجة الثانية: فضل مندوب إليه، وهي: ما ارتقى بعد ذلك إلى اتباع سنته وآدابه وأخلاقه والاقتداء به في هديه وسمته وحسن معاشرته لأهله وإخوانه وفي التخلق بأخلاقه الظاهرة في الزهد في الدنيا والرغبة في الآخرة وفي جوده وإيثاره وصفحه وحلمه واحتماله وتواضعه، وفي أخلاقه الباطنة من كمال خشيته لله ومحبته له وشوقه إلى لقائه ورضاه بقضائه وتعلق قلبه به دائما وصدق الالتجاء إليه والتوكل والاعتماد عليه، وقطع تعلق القلب بالأسباب كلها ودوام لهج القلب واللسان بذكره والأنس به والتنعم بالخلوة بمناجاته ودعائه وتلاوة كتابه بالتدبر والتفكر. وفي الجملة: فكان خلقه صلى الله عليه وسلم القرآن، يرضى لرضاه ويسخط لسخطه، فأكمل الخلق من حقق متابعته وتصديقه قولاً وعملاً وحالاً وهم الصديقون من أمته الذين رأسهم: أبو بكر – خليفته من بعده – وهم أعلى أهل الجنة درجة بعد النبيين ، ففي الصحيحين: (عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ – رضى الله عنه – عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ: « إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ يَتَرَاءَيُونَ أَهْلَ الْغُرَفِ مِنْ فَوْقِهِمْ كَمَا يَتَرَاءَيُونَ الْكَوْكَبَ الدُّرِّيَّ الْغَابِرَ فِي الأُفُقِ مِنَ الْمَشْرِقِ أَوِ الْمَغْرِبِ ، لِتَفَاضُلِ مَا بَيْنَهُمْ ».