وقد اشتملت هذه الآية على أبرز الطاعات التي يؤديها المسلم طاعةً وتقربًا لله، إلى جانب حياته بأكمله التي يؤديها فيها الأعمال الصالحة تكون خالصة لله، وكذلك مماته الذي يرغب أن خاتمته حسنة طمعًا في رضا الله. سبب نزول قُلْ إِنَّ صلاتي ونسكي يرجع السبب الرئيسي في نزول هذه الآية دعوة المسلمين إلى عدم انتهاج عادات المشركين في ذبح الأضحية عبادةً للأصنام، حيث أمر الله الرسول صلى الله عليه وسلم بمخالفة ذلك بأن يكون الذبح عبادةً لله وحده. وبهذا نكون قد أوضحنا لك إجابة سؤال "قال تعالى قل ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين ما وجه دلاله الايه على ان الذبح عباده ؟"، كما استعرضنا لك مفهوم هذه الآية الواردة في سورة الأنعام، إلى جانب سبب نزول هذه الآية.
وقرأ الحسن: ( نسكي) بإسكان السين. وأهل المدينة ( ومحياي) بسكون الياء في الإدراج. والعامة بفتحها; لأنه لا يجتمع ساكنان. قال النحاس: لم يجزه أحد من النحويين إلا يونس ، وإنما أجازه لأن قبله ألفا ، والألف المدة التي فيها تقوم مقام الحركة. وأجاز يونس اضربان زيدا ، وإنما منع النحويون هذا لأنه جمع بين ساكنين وليس في الثاني إدغام ، ومن قرأ بقراءة أهل المدينة وأراد أن يسلم من اللحن وقف على محياي فيكون غير لاحن عند جميع النحويين. وقرأ ابن أبي إسحاق وعيسى بن عمر وعاصم الجحدري ( ومحيي) بتشديد الياء الثانية من غير ألف; وهي لغة عليا مضر يقولون: قفي وعصي. وأنشد أهل اللغة:سبقوا هوي وأعنقوا لهواهموقد تقدم. قال إلكيا الطبري: قوله تعالى: قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم إلى قوله: قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين استدل به الشافعي على افتتاح الصلاة بهذا الذكر; فإن الله أمر نبيه صلى الله عليه وسلم وأنزله في كتابه ، ثم ذكر حديث علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا افتتح الصلاة قال: وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين. إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين.
قوله تعالى: ﴿قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم﴾ إلى آخر الآيتين. القيم بالكسر فالفتح مخفف القيام وصف به الدين للمبالغة في قيامه على مصالح العباد، وقيل: وصف بمعنى القيم على الأمر. يأمر الله سبحانه أن يخبرهم بأن ربه الذي يدعو إليه هداه بهداية إلهية إلى صراط مستقيم وسبيل واضح قيم على سالكيه لا تخلف فيه ولا اختلاف دينا قائما على مصالح الدنيا والآخرة أحسن القيام - لكونه مبنيا على الفطرة - ملة إبراهيم حنيفا مائلا عن التطرف بالشرك إلى اعتدال التوحيد وما كان من المشركين، وقد تقدم توضيح هذه المعاني في تفسير الآيات السابقة من السورة. قوله تعالى: ﴿قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله - إلى قوله - أول المسلمين﴾ النسك مطلق العبادة، وكثر استعماله في الذبح أو الذبيحة تقربا إلى الله سبحانه. أمره (صلى الله عليه وآله وسلم) ثانيا أن يخبرهم بأنه عامل بما هداه الله إليه متلبس به كما أنه مأمور بذلك ليكون أبعد من التهمة عندهم وأقرب إلى تلقيهم بالقبول فإن من أمارة الصدق أن يعمل الإنسان بما يندب إليه، ويطابق فعله قوله. فقال: قل: إنني جعلت صلاتي ومطلق عبادتي - واختصت الصلاة بالذكر استقلالا لمزيد العناية بها منه تعالى - ومحياي بجميع ما له من الشئون الراجعة إلي من أعمال وأوصاف وأفعال وتروك، ومماتي بجميع ما يعود إلي من أموره وهي الجهات التي ترجع منه إلى الحياة - كما قال: كما تعيشون تموتون - جعلتها كلها لله رب العالمين من غير أن أشرك به فيها أحدا فأنا عبد في جميع شئوني في حياتي ومماتي لله وحده وجهت وجهي إليه لا أقصد شيئا ولا أتركه إلا له ولا أسير في مسير حياتي ولا أرد مماتي إلا له فإنه رب العالمين، يملك الكل ويدبر أمرهم.
تاريخ الإضافة: 31/12/2014 ميلادي - 10/3/1436 هجري الزيارات: 524595 قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين (مطوية) الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. قال الله تعالى: ﴿ قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [الأنعام: 162، 163]. شرح الكلمات: ﴿ صلاتي ﴾: المراد بها الصلوات الخمس والنوافل. ﴿ نسكي ﴾: ذبحي. ﴿ محياي ﴾: ما آتيه في حياتي. ﴿ مماتي ﴾: ما أموت عليه من الإيمان والعمل الصالح. ﴿ لله ﴾: خالص لوجه الله، أو المراد حياتي وموتي بيد الله، فيكون في الآية توحيد الألوهية والربوبية. ﴿ وبذلك أمرت ﴾: بالإخلاص لك أمرت. ﴿ أول المسلمين ﴾: من هذه الأمة. الشرح الإجمالي: يأمر الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بأن يخبر المشركين الذين يعبدون غير الله أن صلواته وذبحه وما يفعله في الحياة من الأعمال، وما يموت عليه من الإيمان والأعمال الصالحة جميع ذلك خالصا لله دون من سواه، وأنه أول من انقاد واستسلم لطاعة الله عزوجل من هذه الأمة.