كما أنه يسنُّ لقارئ الفاتحة بعد الفراغ منه أن يقول: "آمينَ"، ومِمَّا ورد في فضله ما في الصحيحين مرفوعًا: "إذا أمَّنَ الإمام فأمِّنوا؛ فإنه مَن وافق تأمينه تأمين الملائكة، غُفِر له ما تقدَّم من ذنبه". عباد الله: إنَّ "فاتحة الكتاب" ترسم للمرء الغاية من حياته، وتُرْشده إلى وسيلة تحقيقها، وتنادي على صراط الله، وفيها علاج لأمراض القلب التي متى استحكمتْ فيه أقْعَدَتْه عن السير إلى مولاه، فهي هدايات في باب التصوُّر والعلم، وفي باب الإرادة والعمل جميعًا. وهي السبع المثاني التي دلَّتْ على معاني الخير مثنى مثنى؛ ليعقلَها المرءُ، وهي أُم الكتاب التي جمعتْ معاني الوحي ومقاصد الشرع، فمن تدبَّرها حقَّ التدبُّر، فتحتْ له جميع مراتب الهداية، كلٌّ على حسب إيمانه. فوائد قراءة سورة الفاتحة - حياتكَ. فيا أيها المسلم الكريم: عندما تبدأ في صلاتك فتذكَّر أنك أمام الله تبارك وتعالى، لذا فألزم نفسك بالخشوع، وأجبرها على التذلل والخضوع، ثم سمِّ الله معلناً أنك مستعينٌ به على قراءتك وعلى أداء صلاتك، ثم اشرع في تلاوة السورة الكريمة ذات الآيات العظيمة. إنك إن تدبرت معاني سورة الفاتحة شعرت بحلاوة القرآن، ولذة العبادة، وأحسست بنعيم الخشوع، ورفعة الخضوع، ووالله أن ذلك لمن أعظم المطالب.
إذن اشتملت سورة الفاتحة على كل معاني القرآن فهدف السورة الاشتمال على كل معاني واهداف القرآن. والقرآن نص على: العقيدة والعبادة ومنهج الحياة. والقرآن يدعو للاعتقاد بالله ثم عبادته ثم حدد المنهج في الحياة وهذه نفسها محاور سورة الفاتحة. العقيدة: الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين العبادة: إياك نعبد وإياك نستعين مناهج الحياة: إهدنا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم، غير المغضوب عليهم ولا الضآلين. أهمية سورة الفاتحة ، وبعض فضائلها. وكل ما يأتي في كل سور وآيات القرآن هو شرح لهذه المحاور الثلاث. تذكر سورة الفاتحة بأساسيات الدين ومنها: شكر نعم الله (الحمد لله)، والاخلاص لله (إياك نعبد واياك نستعين)، الصحبة الصالحة (صراط الذين أنعمت عليهم)، وتذكر أسماء الله الحسنى وصفاته (الرحمن، الرحيم)، الاستقامة (إهدنا الصراط المستقيم)، الآخرة (مالك يوم الدين) ويوم الدين هو يوم الحساب. أهمية الدعاء، وحدة الأمة (نعبد، نستعين) ورد الدعاء بصيغة الجمع مما يدل على الوحدة ولم يرد بصيغة الافراد.
وما نحققه من عبادته وتوحيده علامة على معالم الطريق المستقيم الذي اختاره الله لعباده. تعد سورة الفاتحة سورة مكية لأنها نزلت قبل هجرة النبي إلى المدينة، وكان ترتيبها في نزول القرآن الخامسة بعد سورة العلق والقلم والمزمل والمدثر.
وأخرج الترمذي بسند صحيح عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأبي بن كعب: " كيف تقرأ في الصلاة ؟ "فقرأ أم القرآن فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " والذي نفسي بيده ما أنزلت في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور ولا في الفرقان مثلها وإنها سبع من المثاني والقرآن العظيم الذي أعطيته ". وأخرج البخاريُّ عن أبي سعيدٍ الخدريِّ -رضي الله عنه- قال: قال: " نزلنا منزلاً، فأَتتْنا امرأةٌ، فقالت: إن سيد الحي سَلِيم، لدغ، فهل فيكم من راقٍ؟ فقام معها رجل منا، ما كنا نظنه يحسن رقيةً، فرقاه بفاتحة الكتاب، فبرأ، فأعطوه غنمًا، وسقونا لبنًا، فقلنا: أكنتَ تحسن رقيةً، فقال: ما رقيته إلا بفاتحة الكتاب، قال: فقلت: لا تحركوها حتى نأتي النبي -صلى الله عليه وسلم-، فأتينا النبي -صلى الله عليه وسلم- فذكرنا ذلك له، فقال: " ما كان يُدِريه أنها رقية؟! اقسموا، واضربوا لي بسهم معكم ".