هي التي كانت تعتب عليه لأنها تعلم أنه يضحي بها عند كل تسوية باعتبار أن الحريري أغلى لدى «الحزب» منها بسبب هاجسه الدائم من الفتنة السنية - الشيعية، تبدو اليوم متحررة بشكل أكبر من حليفها لتشدّد على أن مقاومة العدو الإسرائيلي وحدها ما يجمعها بالحزب، ولا سيما أن الحزب هو من أتى بعدها إلى الجبهة، مؤكدةً رفض مقولة أنها تابعة للحزب. خطاب جنبلاطي حاد … والهدف انتخابي في الشوف. هذا ما يقوله مثلاً فيصل كرامي لافتاً إلى أن «لا تحالف بيني وبين الحزب في أي دائرة انتخابية كما أن موقفنا في الكثير من الملفات كان يتعارض مع مقاربة الحزب ومن بينها التسوية مع الحريري». تدرك هذه الشخصيات أن هذا التمايز يتيح لها تقديم أوراق اعتمادها بشكل أسهل إلى الدول العربية وخصوصاً السعودية التي «لم تعد تعتبر الحريري هو رجلها الأول وهي على مسافة واحدة من الجميع». أبرز نموذج هو فؤاد مخزومي الذي قرّر ارتداء ثياب الحريري ورفع خطابه الهجومي على «حزب الله» علّه بذلك يكون فرس الرهان السعودي إلى السراي الحكومي. في حين أن آخرين لا ينكرون أنّهم غير قادرين على إعطاء المملكة ما عجز عنه رئيس تيار المستقبل، إلا أن لا سبيل لديهم إلا محاولة طرق الأبواب العربية كحاضنة لهم، تماماً كتأكيدهم أن لا سبيل لعلاقات عربية سوية من دون المرور بالبوابة السورية، خصوصاً أن سياسة العداء لدمشق لم تؤتِ إلا ثماراً «مضروبة».
الأوقات العصيبة تصفية لقائمة المنتفعين والمتسلقين على ظهر التيار. الأوقات الصعبة هي لحظات لا تُنسى ومن خلالها ندرك من هم أصدقاؤنا الأوفياء. … حارة كل مين إيدو ألو لم يكون مجرد اسم لمسلسل فقط بل هو مفهوم سياسي عميق.
وعلى طريق الحريري الأب، سار الابن مستفيداً من تعاطف الشارع السني مع «ابن الشهيد» وتنامي «العداء» للنظام السوري وكل الشخصيات القريبة منه. يأخذ الـ «Anti- مستقبل» على الحريرية السياسيّة أنها «ضربت عقيدة الطائفة السنية... من قوميّة جمال عبد الناصر ومناصرة القضيّة الفلسطينيّة وصولاً إلى «طائفة لبنان أوّلاً»، تماماً كما غيّرت النسيج الاجتماعي والاقتصادي لأهالي بيروت الذين خسر بعضهم أموالهم وعقاراتهم بفعل «سوليدير». سرعان ما خفتت قدرة المعارضين للحريري على رفع الصوت. الخطابة ام نايف ko خطابة من الطائف | زواج مسيار السعودية | أكبر موقع زواج المسيار في الوطن العربي. أخفض البعض رأسه أمام «العاصفة الزرقاء»، أما من قرّر رفع الصوت فجوبه بحملات تخوين وتحريض تجلّت في إشكالات دموية في أكثر من منطقة، كتلك التي وقعت بين مناصري المستقبل ومناصري جمعية المشاريع الخيرية أو بين مناصري المستقبل ومجموعة تابعة لشاكر برجاوي في الطريق الجديدة... كلّ ذلك، قبل أن تقفل السعودية «حنفيتها» على الحريري الذي «شمّع» مؤسساته الاجتماعيّة وأدّت مواقفه السياسيّة والتسويات التي عقدها إلى تراجع شعبيّته. لم يعد الزعيم القوي، بل تحوّل إلى واحد من أسباب ما صار عليه السنة، كما يتردّد بين بعض أنصاره حتى، من «طائفة مستضعفة». ولهؤلاء الأنصار انتقادات كثيرة على ابتعاده عن الأرض على عكس والده، وتسليمه الملفات إلى شخصيّات استفادت «على ظهره»، إضافة إلى عتب شديد على الشاب «النظيف الكفّ» الذي يحبونه لأنه ترك «الحراميي اللي حوله يسرقوه».
في المحصّلة، يراهن هؤلاء على سد الفراغ الذي سيحدثه الحريري، خصوصاً أن ماكيناتهم الانتخابية على الأرض تطمئنهم إلى أن العازمين على الالتزام بقرار الحريري بعدم التصويت ليسوا إلا نسبة قليلة سيضيفها الحريري على نسبة غير المشاركين في الانتخابات عادةً ليزعم أنه انتصر. في حين أن مناصري الحريري الذين يبحثون عن السلطة والقوة والمال سيجدونها في مكانٍ آخر.