آية (109): *ما دلالة ذكر وحذف (من) في قوله تعالى: (وما أرسلنا من قبلك رجالاً) وقوله (وما أرسلنا قبلك إلا رجالاً)؟(د. فاضل السامرائى) قال تعالى في سورة يوسف:(وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِم مِّنْ أَهْلِ الْقُرَى أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ اتَّقَواْ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ {109}) وذكر (من) تفيد الابتداء أي ابتداء الغاية وهو امتداد من الزمن الذي قبلك مباشرة أي من زمان الرسول (صلى الله عليه وسلم) إلى زمن آدم. 60ـ ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ﴾ (2). وليس هناك فاصل كما جاء في قوله تعالى: (يُصبّ من فوق رؤوسهم الحميم) أي ليس هناك فاصل بين الرأس والصبّ حتى لا تضيع أية حرارةلأن العاقبة لهذا الصبّ أن يُصهر به ما في بطونهم. وكذلك قوله تعالى: (والملائكة حافّين من حول العرش) أي ليس بينهم وبين العرش فراغ. أما في سورة الأنبياء: (وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ {7}) وهي تحتمل البعيد والقريب وكذلك في قوله (ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ {48} ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ {49} الدخان) وهذا العذاب أخف من الأول (من فوق رؤوسهم).
وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: ⁕ حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا المحاربي، عن ليث، عن مجاهد ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ﴾ قال: أهل التوراة. ⁕ حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا المحاربي، عن سفيان، قال: سألت الأعمش، عن قوله ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ﴾ قال: سمعنا أنه من أسلم من أهل التوراة والإنجيل. إسلام ويب - التفسير الكبير - سورة النحل - قوله تعالى وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم- الجزء رقم20. حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، قوله ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلا رِجَالا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ﴾ قال: هم أهل الكتاب. ⁕ حدثنا أبو كريب، قال: ثنا عبيد الله، عن إسرائيل، عن أبي يحيى، عن مجاهد، عن ابن عباس ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ﴾ قال: قال لمشركي قريش: إن محمدا في التوراة والإنجيل.
وجملة: (اسألوا... ) في محلّ جزم جواب شرط مقدّر أي إن كنتم لا تعلمون إرسالنا الرجال أنبياء فاسألوا... وجملة: (إن كنتم لا تعلمون) لا محلّ لها اعتراضيّة بين الجارّ- بالبيّنات- ومتعلّقة. وجملة: (لا تعلمون) في محلّ نصب خبر كنتم.. وجواب الشرط محذوف دلّ عليه ما قبله. (بالبيّنات) جارّ ومجرور متعلّق ب (نوحي)، الواو عاطفة (الزّبر) معطوف على البيّنات مجرور الواو عاطفة (أنزلنا الذّكر) مثل أرسلنا رجالا (إليك) مثل إليهم متعلّق ب (أنزلنا)، اللام للتعليل (تبيّن) مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام، والفاعل أنت (للناس) جارّ ومجرور متعلّق ب (تبيّن)، (ما) اسم موصول مبنيّ في محلّ نصب مفعول به (نزّل) فعل ماض مبنيّ للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره هو وهو العائد (إليهم) مثل الأول متعلّق ب (نزّل). والمصدر المؤوّل (أن تبيّن... ) في محلّ جرّ باللام متعلّق ب (أنزلنا). الواو عاطفة (لعلّهم) حرف مشبه بالفعل للترجّي.. و(هم) ضمير في محلّ نصب اسم لعلّ (يتفكّرون) مثل تعلمون. وجملة: (أنزلنا إليك... ) لا محلّ لها معطوفة على جملة أرسلنا. وجملة: (تبيّن... وجملة: (نزّل... ) لا محلّ لها صلة الموصول (ما). وجملة: (لعلّهم يتفكّرون) لا محلّ لها معطوفة على مقدّر أي فيسمعون ذلك ولعلّهم يتفكّرون.
الذُّنوب كلُّها شديدة روي عن الإمام الباقر عليه السلام: "الذّنوب كلّها شديدة، وأشدُّها ما ينبت عليه الّلحم والدَّم، لأنَّه إمَّا مرحومٌ وإمَّا معذَّبٌ، والجنَّة لا يدخلها إلا طيّب"6. فالذّنوب كلّها شديدةٌ، أي بحسب ذواتها، لأنَّها مخالفةٌ للأوامر الإلهية، وهذا هو وجه شدّتها، وإن كان بعضها أشدّ من بعضها الآخر، وأشدّها -حسب الرواية- ما ينبتُ عليه اللحم والدم الذي قد يشمل أكل الحرام والإصرار على المعصية من دون تكفيرها بالتوبة. القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة النجم - الآية 32. فالإنسان المرحوم هو من كفّرت ذنوبه بالتوبة أو البلاء في الدنيا، ويُقابله المعذّب، وهو الذي لم تُكفّر ذنوبه بأحد الوجوه المتقدّمة، والجنّة لا يدخلها إلا طيّبٌ، أي طاهرٌ وخالصٌ من الذُّنوب7. وعليه، فالذنوب كلّها شديدةٌ، وجميعها كبائر، ولا فرق بينها من جهة مخالفة المولى سبحانه وتعالى، وإنّما الكبائر والصَّغائر هي أمورٌ نسبيةٌ لا ذاتيةٌ، وإنّما نُطلِقُ عليها لفظ الصغائر بالإضافة إلى ما هو أكبر منها، ونُطلق عليها لفظ الكبائر بالإضافة والنسبة إلى ما هو أصغر منها8. فالجرح بالنسبة إلى القتل صغيرةٌ، وبالنسبة إلى اللطم كبيرةٌ، والزنا بالنسبة إلى النظرة المحرَّمة كبيرةٌ9. وعليه، يُفهم من الرواية المتقدِّمة ضرورة تجنُّب كلّ ذنب يُعلَم كونه ذنباً حسب ما نصَّت عليه الشريعة الإسلامية، بل ينبغي تجنُّب كلّ ما يُحتمل أنّه كذلك، وذلك لعظمة مقام الله تعالى وحقّ طاعته، فإنّ الجرأة على ذاته المقدَّسة محتملة حتَّى مع وجود الاحتمال، فمن احتمل أنّ في الكأس خمراً فعليه عقلاً أن يمتنع عن شربه، لا لمفسدة الخمر وضرره فحسب، بل لعظمة الله ووجوب طاعته في كلّ الموارد، حتى المحتملة منها.
الشرك الأصغر ويقصد به الرياء في الأعمال وتخلو من الإخلاص في العمل.
الشعور بالوحشة في القلب، وتبدأ الوحشة بين العبد وربه، ثمَّ تنتقل لعلاقة العبد المُذنب مع العباد، حتى يشعر بها أقرب الناس إليه، فلا يجد في نفسه الانتفاع من مجالس الصالحين ، وإنَّما يرغب بحضور مجالس السوء، فتغدو حياته مريرة؛ لأنَّه كلما ابتعد عن الله -تعالى- زادت هذه الوحشة والظُلمة في قلبه، وكلما اقترب زاد أُنسه بالله تعالى. الافتقار للتوفيق في حياته، مع الشعور بتعسّر الأُمور، فيرى الأبواب مُغلقة في وجهه، بخلاف من اتقى الله تعالى، فإنَّه يجد من كل هم فرجاً ومن كل ضيقٍ مخرجاً. معنى الذنب وانواعه. الضعف في بدنه، فالمؤمن يجد قوة في قلبه تنعكس على سائر بدنه، وإن كان العاصي قوي في بدنه، فإنَّه شديد الضعف عند الحاجة. الحرمان من الرزق، فكما ارتبطت سعة الرزق بتقوى الله تعالى، فإنَّ أكثر ما يجلب الفقر هو البعد عن تقوى الله وطاعته، ويكون ترك التقوى باقتراف الذنوب والمعاصي وترك الفرائض والواجبات. نزع البركة من العمر، فمن أقبل على الذنوب ضاعت أيامه، فحياة الإنسان الحقيقية تُقدّر بالأوقات التي قضاها بطاعة الله -تعالى- وعبادته. الحرمان من فعل الطاعة؛ لأنَّ الطاعة لا تحصل للعبد إلا بتوفيق من الله تعالى، فعندما يختار العبد طريق المعاصي والذنوب فإنَّه يضعف في نفسه الإقبال على الطاعات ، والمبادرة للتوبة بعد اقتراف السيئات، يُروى أن رجلاً جاء للحسن البصري في مسألة، فقال أنَّه يتجهز لقيام الليل ولا يقوم، فردَّ عليه الحسن البصري قائلاً: (ذنوبك قيّدتك)، كما قال سليمان الداراني رحمه الله: (لا تفوت أحدًا صلاة الجماعة إلا بذنب).
↑ الكليني، الكافي، ج 4، ص 572؛ القراءتي، الذنب أسبابه وعلاجه، ج 1، ص 14. ↑ القمي، كامل الزيارات، ص 23؛ القراءتي، الذنب أسبابه وعلاجه، ج 1، ص 14. ↑ النساء: 31. ↑ القراءتي، الذنب أسبابه وعلاجه، ج 1، صص 14 و15. ↑ الطباطبائي، الميزان، ج 4، ص 323. ↑ اليزدي، العروة الوثقى، ج 1، ص 800؛ دستغيب، الذنوب الكبيرة، ج 1، صص 44 و45. ↑ دستغيب، الذنوب الكبيرة، ج 1، ص 46 إلى 49. ↑ المجلسي، بحار الأنوار، ج 70، ص 327. ↑ المجلسي، بحار الأنوار، ج 74، ص 77. ↑ المجلسي، بحار الأنوار، ج 70، ص 330. ↑ الشورى: 30. ↑ المجلسي، بحار الأنوار، ج 70، ص 362. ↑ الصدوق، معاني الأخبار، صص 270 و271. ↑ الشیخ القمي ،مفاتیح الجنان ، آیین دانش ،ص 115 ↑ العلامة الحلي، كشف المراد، ص 413 ↑ العلامة الحلي، كشف المراد، ص 413؛ السبحاني، بحوث في الملل والنحل، ج 3، ص 409. ↑ المجلسي، بحار الأنوار، ج 5، ص 332. ↑ الطوسي، التبيان في تفسير القرآن، ج 2، ص 208. ↑ الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن، ج 2، ص 552. ↑ السبحاني، بحوث في الملل والنحل، ج 3، ص 409 و414. صوت العراق | ما الفرق بين الذنب والسيئه؟. ↑ السبحاني، بحوث في الملل والنحل، ج 3، صص 419 و420. ↑ الريشهري، ميزان الحكمة، ج 2، صص 998 - 1001 ↑ الخميني، تحرير الوسيلة، ج 1، ص 470؛ اليزدي، العروة الوثقى، ج 1، ص 370.
استذكار أنّ الخلوة في حياة المؤمن يجب أنّ تكون صلةً بالله تعالى، ودموعَ خشيةٍ بين يديه. استشعار العبد مراقبة الله -تعالى- له، وأنّه لا تخفى عليه خافية. استحضار العبد عداوة الشيطان له، وأنّ فرحة التائب هي الانتصار على الشيطان ، والخلاص من سلطانه. المراجع ↑ "تعريف و معنى ذنب" ، ، اطّلع عليه بتاريخ 31-12-2017م. بتصرّف. ↑ محمد زينو (1997م)، مجموعة رسائل التوجيهات الإسلامية لإصلاح الفرد والمجتمع (الطبعة التاسعة)، الرياض: دار الصميعي للنشر والتوزيع، صفحة: 263، جزء: 2. بتصرّف. ↑ مركز الفتوى (19-7-2007م)، "الكبائر والصغائر ومكفراتها" ، ، اطّلع عليه بتاريخ 31-12-2017. بتصرّف. ↑ مركز الفتوى (9-6-2009)، "حد الصغيرة والفرق بينها وبين الكبيرة" ، ، اطّلع عليه بتاريخ 31-12-2017. بتصرّف. ↑ رواه المنذري ، في الترغيب والترهيب، عن ثوبان مولى رسول الله، الصفحة أو الرقم: 3/242، رواته ثقات. ما هو عجب الذنب. ^ أ ب محمد المنجد (1-3-2015م)، "ما هي ذنوب الخلوات ؟" ، ، اطّلع عليه بتاريخ 31-12-2017م. بتصرّف. ^ أ ب محمد المنجد (30-9-2009م)، "الجمع بين حديثي (لأعلمن أقواماً يأتون بحسنات) و(كل أمتي معافى إلا المجاهرين)" ، ، اطّلع عليه بتاريخ 31-12-2017م.