ثمَّ يتفرع عن إفكهم الآنف استخفافٌ بالآخرين وإزراءٌ بعقولهم، مثلما صنع فرعون بقومه وهو أحد أبرز رموز الفساد والإفساد، ويتجلَّى ذلك في قوله الذي حكاه القرآن: { وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الأَرْضِ الْفَسَادَ} [غافر: 26]، ففرعون يقول متكبراً مغرِّراً بقومه السفهاء: إن موسى خطر عليهم ويطلب الإذن بقتله مع أنه مستبد لا يرفع بشعبه رأساً ولا ما هو دون الرأس! وهذا مَلْمحٌ لافتٌ حين ينصح شرار الخلق الناس ويصرفونهم عن اتباع خيار الخلق بهذه الخفَّة التي لا يطيعها وينساق خلفها إلَّا الفسقة { فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ} [الزخرف: 54].
وخلاصة الأمر أن الفساد والإفساد مناهجُ قديمة تتكرر، وخططٌ سابقةٌ يُعاد بعثها، وهي مترافقة مع الإفقار والتفريق والتخريب، وقلَّما يأتي على أثرها منافع دائمة خالية من المنغصات والآثام والعثرات، والقائمون عليها شجعان في المخازي، جبناء في المصاعب، كرماء عند الرذائل، أشحة مع الفضائل.
- ثم جعل يرهبهم من عذاب الآخرة، إذ لا ينفع الاتباع ولا المتبوعين في الباطل بعضهم بعضا: ( وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ. يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُم مِّنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ). وقال فرعون ذروني اقتل موسي خالد الجليل. الوقفة الثالثة: أهمية التوكل والاحتساب في سبيل الدعوة إلى الله: - وهذا ظاهر من موقف المؤمن في مواجهة تهديداتهم ووعيدهم له. - الرجل المؤمن يتحول إلى داعية محتسب ينشر دعوته في قومه، لاسيما بعد عناد الفرعون وتشغيبه على كلامه أكثر من مرة: قال -تعالى-: ( وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَّعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ. وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ). - ثم جعل يرقق قلوبهم ويطمعهم فيما عند الله لعلهم يستجيبون: ( يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ. مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ).
ثمَّ يتفرع عن إفكهم الآنف استخفافٌ بالآخرين وإزراءٌ بعقولهم، مثلما صنع فرعون بقومه وهو أحد أبرز رموز الفساد والإفساد، ويتجلَّى ذلك في قوله الذي حكاه القرآن: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الأَرْضِ الْفَسَادَ} [غافر: 26]، ففرعون يقول متكبراً مغرِّراً بقومه السفهاء: إن موسى خطر عليهم ويطلب الإذن بقتله مع أنه مستبد لا يرفع بشعبه رأساً ولا ما هو دون الرأس! وهذا مَلْمحٌ لافتٌ حين ينصح شرار الخلق الناس ويصرفونهم عن اتباع خيار الخلق بهذه الخفَّة التي لا يطيعها وينساق خلفها إلَّا الفسقة {فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ} [الزخرف: 54].
فمن طبائع الفساد والإفساد أنه يشمل جميع شؤون الدين والدنيا والآخرة؛ فهو غير مقتصر على تخريب دين الناس في الدنيا والزَّج بهم في جحيم البرزخ ويوم القيامة؛ بل إنه يضيف إلى هذا السوء المتناسل فساداً وإفساداً لمصالح الخلق الدنيوية في النواحي الاقتصادية والبيئية والثقافية والاجتماعية والعسكرية والسياسية والتقنية والإعلامية وفي كلِّ أمر من أمور العامة؛ فَهُم قومٌ يصدق عليهم وصف الـمُنبَتِّ الذي لا ظهراً أبقى ولا أرضاً قطع، وصدق الله القائل في وصف المفسد: {وَإذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْـحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ} [البقرة: 205]. ومن طبائعهم الخبيثة المنبثقة عن الكِبْر والكذب ادِّعاء الإصلاح وحصره بهم فقط كما في قول الله تعالى عنهم: {إنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ} [البقرة: ١١] إذ ينفونه ضمناً عن غيرهم من المؤمنين المصلحين، ولذا نقض الله قولهم مباشرة وحكم عليهم بقوله: {أَلا إنَّهُمْ هُمُ الْـمُفْسِدُونَ} [البقرة: 12] فإنه لا فساد أعظم من الكفر، والصَّدِّ عن سبيل الله، وخداع أولياء الله، وموالاة المحاربين لله ورسوله، ثمَّ الزَّعم عقب ذلك بأن هذه الجرائم إصلاح مقتصر عليهم، وأن نقيضها مِن فِعْل المؤمنين فسادٌ وإفسادٌ، وأغرب من زعمهم الآفن هذا وجود من يصدِّقهم من الغَفَلَة وغيرهم.
حديث عن الصدقة 1-عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقا خلفاً ، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكاً تلفاً. 2-قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يخرج رجل شيئاً من الصدقة حتى يفك على لحييها سبعين شيطاناً. 3-عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال الله أنفق يا ابن آدم أنفق عليك.
5-عن أبي ذر رضي الله عنه قال: "انتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو جالس في ظل الكعبة، فلما رآني" قال: ((هم الأخسرون ورب الكعبة)) قال: "فجئت حتى جلست فلم أتقار أن قمت". فقلت: "يا رسول الله، فداك أبي وأمي من هم؟" قال: ((هم الأكثرون أموالاً إلا من قال هكذا، وهكذا، من بين يديه ومن خلفه، وعن يمينه وعن شماله، وقليل ما هم). 6-قال صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف: داووا مرضاكم بالصدقة. 7- عن أبى هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: سبعة يظلّهم الله فى ظلّهِ يوم لا ظلّ إلا ظلّه.. لا يأكلون الصدقة. وذكر، ورجل تصدق بصدقه فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه. 8-عن أبى هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يتصدق أحد بتمرة من كسب طيب ، إلا أخذها الله بيمينه، فيربيها كما يربى أحدكم فلوه أو قلوصة ، حتى تكون مثل الجبل أو أعظم. 9-عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يتّبع الميت ثلاثة ، فيرجع اثنان ويبقى واحد: يتبعه أهله ، وماله ، وعمله ، فيرجع أهله وماله ، ويبقى عمله. 10-عن السيدة عائشة رضي الله عنها "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أنفقت المرأة من طعام بيتها غيرَ مفسدةٍ كان لها أجرها بما أنفقت، ولزوجها أجره بما كسب، وللخازن مثل ذلك، لا ينقص بعضهم أجرَ بعض شيئاً".
قال اللفتواني لم يخرج الطبراني لأبي عميرة السعدي في معجمه سوى هذا الحديث الواحد. وفي حديث آخر إنا آل محمد لا نأكل الصدقة. قال معرف فحدثني أنه جعل يدخل إصبعه ليخرجها فيقول هكذا كأنه يلتوي عليه و يكره أن يؤذيه.
بسم الله الرحمن الرحيم ✍🏻 زكريا بركات ٢٤ إبريل ٢٠١٦ 1 ـ الصديق الصالح حاجة ضرورية لتكامل الإنسان الصالح، وليس مسألة كمالية كما يتصوَّر كثيرون.. 2 ـ اهتم بنوعية أصدقائك، ولا تهتم بعددهم.. كلام عن الصداقه بالانجليزي. فصديقٌ واحد صالح يغنيك عن الدنيا وما فيها. 3 ـ أصحاب الثقافة السليمة والمبادئ القويمة هم الذين يقدرون على التفريق (وفق ثقافة ومبادئ) بين الطيبين والسيئين، ولذلك فإن لصداقتهم قيمة، ولعداوتهم أيضاً قيمة.. جعلني الله وإياكم منهم ومن أصدقائهم. 4 ـ الصداقة علاقة تشبه العلاقة الزوجية من حيث ضرورة بنائهما على صفتي: (الخلق) و (الدين).