تناولت هذه السورة العظيمة العديد من الموضوعات المهمّة الأخرى، والتي نذكر منها: التأكيد على معايير التفاضل الجديدة بين الناس وهي الإيمان والعمل الصالح، وإثبات صدق ما جاء به رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وصدق القرآن الكريم الذي نزل عليه، فضلاً عن العديد من الموضوعات الأخرى. مملكة سبأ من أهمّ ما أشارت إليه سورة سبأ، تلك المملكة القديمة، التي كانت قد نشأت في منطقة اليمن الواقعة في شبه الجزيرة العربية، حيث شكَّلت قديماً قوَّةً عظيمة، لدرجة أنها نالت شهرةً واسعةً عبر التاريخ، ممّا جعل اسم اليمن مرتبطاً بها بشكل أو بآخر. القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة سبإ - الآية 12. جاء ذكر سبأ وأهلها مباشرةً بعد ذكر أحوال النبيين الكريمين: داود، وسليمان -عليهما السلام- في هذه السورة العظيمة؛ كنموذج يناقض تماماً نموذج النبيين -عليهما السلام-؛ فبينما كان داود وسليمان عبدين شكورين لأنعم الله تعالى عليهما، كان أهل سبأ من الجاحدين، فسلب الله تعالى منهم نعمه عليهم، وأعدَّ لهم عذاباً مقيماً. المصدر:
[ ص: 4936] 34- سورة سبأ سميت بها لتضمن قصتها آية تدل على نعيم الجنة في السعة وعدم الكلفة والخلو عن الآفة ، وتبدلها بالنقم، لمن كفر بالمنعم.. وهذا من أعظم مقاصد القرآن. قاله المهايمي. وهي مكية. واستثني منها ويرى الذين أوتوا العلم الآية. وروى الترمذي عن فروة بن مسيك المرادي قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله! ألا أقاتل من أدبر من قومي؟ الحديث. وفيه: وأنزل في سبأ ما أنزل. فقال رجل: يا رسول الله! وما سبأ ؟ الحديث. قال ابن الحصار: هذا يدل على أن هذه القصة مدنية. التفريغ النصي - تفسير سورة سبأ [12 - 14] - للشيخ أحمد حطيبة. لأن مهاجرة فروة بعد إسلام ثقيف سنة تسع. قال: ويحتمل أن يكون قوله (وأنزل) حكاية عما تقدم نزوله قبل هجرته. أفاده في (الإتقان) وآيها أربع وخمسون. [ ص: 4937] بسم الله الرحمن الرحيم القول في تأويل قوله تعالى: [ 1] الحمد لله الذي له ما في السماوات وما في الأرض وله الحمد في الآخرة وهو الحكيم الخبير. الحمد لله الذي له ما في السماوات وما في الأرض خلقا وملكا، وتصرفا بما شاء: وله الحمد في الآخرة أي: في النشأة الآخرة. قال الشهاب: السماوات والأرض عبارة عن هذا العالم بأسره. وهو يشتمل على النعم الدنيوية. فعلم من التوصيف بقوله: { الذي} إلخ، أنه محمود على نعم الدنيا، ولما قيد الثاني بكونه في الآخرة، علم أن الأول محله الدنيا فصار المعنى: أنه المحمود على نعم الدنيا فيها، وعلى نعم الآخرة فيها.
﴿ كسفًا من السماء ﴾: قطعًا منها. ﴿ منيب ﴾: راجع إلى ربه. ﴿ أوبي معه ﴾: سبِّحي مرجعة معه. ﴿ وألنَّا له الحديد ﴾: جعل الله الحديد لينًا في يده. ﴿ سابغات ﴾: دروعًا واسعة طويلة. ﴿ وقدِّر في السرد ﴾: اجعل المسمار مناسبًا للحلقة. ﴿ غدوها شهر ﴾: مسيرها من الصبح إلى الظهر في شهر كامل. ﴿ ورواحها شهر ﴾: ومسيرها من وقت الظهر إلى وقت الغروب شهر كامل. ﴿ عين القطر ﴾: عين النحاس المذاب، وقد أذابه الله لسليمان عليه السلام ليسهل عليه تشكيله من غير نار. القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة سبإ. ﴿ ومن يزغ ﴾: ومن ينصرف أو ينحرف. ﴿ محاريب ﴾: قصور حصينة عالية. ﴿ جفان ﴾: جمع جفنة وهي صحفة، إو إناء فخاري. ﴿ كالجواب ﴾: مثل الأحواض الكبيرة. ﴿ وقدور ﴾: جمع قدر وهو إناء كبير لطهو الطعام. ﴿ راسيات ﴾: ثوابت لضخامتها لا تحمل ولا تحرك. ﴿ دابة الأرض ﴾: حشرة تسمى «الأرضة» تأكل الخشب وتفتته. ﴿ منسأته ﴾: عصاه. ﴿ خرَّ ﴾: سقط على الأرض. ﴿ ما لبثوا ﴾: ما مكثوا. ﴿ العذاب المهين ﴾: المقصود الأعمال الشاقَّة التي كلف سليمان عليه السلام بها الجن قبل موته. مضمون الآيات الكريمة من (8) إلى (14) من سورة «سبأ»: 1 - بدأت الآيات بذكر بعض النعم والمعجزات التي تفضل الله بها على داود عليه السلام فقد آتاه الله النبوَّة، والكتاب، والملك، والصوت الحسن الجميل، وألان له الحديد من غير حاجة إلى استخدام نار في صهر الحديد وتليينه، وجعل الجبال تسبِّح معه ربها، والطير تستمع إلى ترتيله الجميل وهي تشاركه التسبيح بحمد ربها.
دروس مستفادة من الآيات الكريمة: من (23) إلى (31) من سورة «سبأ»: 1 - الأساس في الثواب والجزاء هو الإيمان والعمل الصالح وليس المال ولا الأولاد ولا غيرهما من متاع الدنيا. 2 - القرآن الكريم يكرِّم العقل الإنساني، ويدعو إلى الحوار الهادف الموصل للإقناع بالحق. 3 - الشفاعة مرهونة بإذن الله، والله لا يأذن في الشفاعة في غير المؤمنين به المستحقِّين لرحمته، فأما الذين يشركون به فإنهم لا يستحقون الشفاعة فيهم. معاني مفردات الآيات الكريمة من (32) إلى (39) من سورة «سبأ»: ﴿ صددناكم ﴾: منعناكم. ﴿ مجرمين ﴾: مصرِّين على الكفر. ﴿ مكر الليل والنهار ﴾: مكركم بنا الدائم في الليل والنهار. ﴿ أندادًا ﴾: شركاء. ﴿ الأغلال ﴾: القيود. ﴿ مترفوها ﴾: رؤساؤها المنعمون، وأغنياؤها. تفسير سوره سبا للشيخ الشعراوي. ﴿ يبسط الرزق ﴾: يوسعه. ﴿ يقدر ﴾: يضيِّق. ﴿ زلفى ﴾: قربى - تقربًا. ﴿ الغرفات ﴾: الجنات. ﴿ يسعون في آياتنا معاجزين ﴾: يسعون في إبطال أدلتنا مقدرين عجزنا (وحاشا لله أن يعجزه شيء). مضمون الآيات الكريمة من (32) إلى (39) من سورة «سبأ»: 1 - تواصل الآيات عرض موقف المتكبرين المتبوعين ممن تبعهم في ضلالهم، وقد ألقوا عليهم اللوم والمسؤولية، فيحاول هؤلاء المستكبرون التخلُّص منها، وحين يرون العذاب يندمون أشد الندم على تفريطهم في حق الله، ويساقون إلى جهنم وقد شدَّت أيديهم إلى أعناقهم بالقيود.
5 - ثم تختم السورة ببيان المصير المشؤوم الذي ينتهي إليه المشركون، فقد أخذوا إلى النار من مكان قريب من الموقف، وقالوا: آمنَّا بمحمد، ولكن هيهات أن يقبل منهم إيمان في الآخرة، فقد فات الأوان ولا يمكن أن يحققوا ما يريدون من قبول الإيمان والنجاة من العذاب.
2 - وأما سليمان عليه السلام فقد سخر له الله الريح تأتمر بأمره، وكذلك فجر الله له علينا من الأرض يخرج منها النحاس المذاب، وسخر له من الجن من يعمل له كل ما يريد من المصنوعات من قصور عاليات وتماثيل وأوان فخارية وقدور ضخمة ثابتة في مكانها، وأمره سبحانه وتعالى هو وأهله بطاعة الله فلما حان أجله مات متكئًا على عصاه، ولم يعرف الجن أنه مات إلا عندما أكلت الأرضة عصاه فسقط على الأرض، فانطلقوا من سجنهم بعد أن كانوا يعانون من الأعمال الشاقة التي كلفوا بها. دروس مستفادة من الآيات الكريمة:من (8) إلى (14) من سورة «سبأ»: 1 - قيمة العمل وأهميته، ولا مانع من الاستعانة بجهود الآخرين وخبراتهم لتحسين مستوى الإنتاج وزيادته. 2 - منصب النبوَّة أعلى من منصب الملك، وقد جمع الله سبحانه وتعالى لسليمان عليه السلام بينهما. تفسير سوره سبا للعريفي. 3 - الجن لا تعلم الغيب ولو كانت تعلمه لعرفت موت سليمان وما بقيت في الأعمال الشاقة. معاني مفردات الآيات الكريمة من (15) إلى (22) من سورة «سبأ»: ﴿ سبأ: ﴾ قوم كانوا يسكنون جنوب اليمن. ﴿ آية ﴾: علامة دالة على قدرة الله. ﴿ جنتان ﴾: بستانان. ﴿ فأعرضوا ﴾: فلم يؤمنوا بربهم، أو كذبوا أنبياءهم. ﴿ سيل العرم ﴾: سيل السد أو المطر الشديد.
قال سبحانه: وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ [سبأ:13]. الجواب والجوابي: جمع جابية، وفي قراءة يعقوب: (وجفان كالجوابي)، ومثلها قراءة ورش عند الوصل وكذلك أبي عمرو: (كالجوابي وقدور راسيات) في الوصل فقط، فإذا وقف عليها يقول: (كالجواب). والجوابي جمع جابية، ومنها الجوبة: وهو المكان أو الشيء المقعر، فهي الحياض العظيمة التي تجتمع فيها الماء، فالجن يصنعون له الجفان: وهي جمع جفنة، والجفنة القدر الضخم جداً، يقول تعالى: وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ يعني: جفنة عظيمة جداً مثل الحوض الذي تأتي الإبل لكي تشرب منه، فيصنعونها في الأرض على الصخر حتى يصير كهيئة الوعاء الضخم، والجفنة: هي التي يوضع فيها الطعام، فكأنهم يصنعون له كهيئة الحوض العظيم الضخم، وليس حوضاً واحداً، بل حياضاً كثيرة لأجل أن يأكل منها جند سليمان وضيوفه. سورة سبأ تفسير. وكل جفنة تسع عدداً كبيراً من الرجال، ومما ذكره المفسرون في ذلك أنها تسع ألف رجل يجلسون عليها، وهذا شيء عظيم وواسع جداً مما يصنعون فالله أعلم، ولكن الله عز وجل ذكر ضخامتها بهذه الصورة، فقال: وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ يعني: كالحوض والحياض العظيمة الواسعة، تصنعها الجن لسليمان على نبينا وعليه الصلاة والسلام.
" أن كل ابن آدم خطاء " فلست وحدك من يذنب.. بل خلق الله الناس جميعًا مخطئين.. لا كما لأحدهم ولا عصمة إلا من عصمه الله من أنبيائه ورسله.. ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون» [رواه الترمذي]. ولو كان الله جل وعلا قد خلق الإنسان كاملاً لا يخطئ لما كان لكل فرد من بني آدم حظه من الخطأ.. فهذا فيه دليل على أن الإنسان أي إنسان لا يسلم من الذنب. من ذا الذي ما ساء قط ومن له الحسنى فقط ولذلك قال الله تعالى: " وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ " [فاطر: 45] فهذه الآية عامة في الناس أجمعين, أنهم كلهم يستحقون من العقوبة على عصيانهم وكسبهم ما يوجب لهم الهلاك وإن كانوا في حقيقة الأمر متفاوتون في أخطائهم. لكن القسم المشترك فيهم أجمعين هو غفلتهم عن عظمة الله وانحرافهم عن توقيره.. فليست المسألة بنوع الذنب وإنما بعظمة من نذنب في حقه. أخي الكريم.. وهذا – إذا تأملت – يسلي كل مذنب أسرته ذنوبه.. ويقوي عزمه على التوبة والرجوع إلى الله.. وقوع الخطأ من ابن آدم لا يعني الإصرار على الذنوب - إسلام ويب - مركز الفتوى. لأنه لا أحد يسلم من الخطأ.. وبما أن رحمة الله تسع الناس على ما هم عليه.. فلماذا لا يظل المسلم طامعًا في تلك الرحمة.. منافسًا العباد في التقرب إلى الله بالتوبة ما دام طريقها واجب السلوك في حقهم جميعًا.
( لابتغى) ابتغى: أراد وطلب وتمنى. ( جوف) الجوف: الداخل أو الباطن أو المعدة. نعتذر غير متوفر شروح لهذا الحديث رواة الحديث تعرف هنا على رواة هذا الحديث الشريف وسيرتهم وطبقاتهم ورتبة كل منهم
وسائل التواصل توجّهنا توجيهات بعيدة عن الطريق الحق /وإن كانت في ظاهرها أمراً طيّباً/ يقولون لك: اليوم عندنا مليون صلاة على النبيّ عليه الصلاة والسلام! /ويستحق منا أكثر من ذلك/ ولكن ما الذي يفعله من يتناقلون هذه الرسائل؟ مليون استغفار!.. قراءة سورة كذا كذا مرة على نية كذا... ماذا نقدّم من عمل؟ بم نُصلح ما أفسدنا؟ ترى كثيراً من هؤلاء متلبساً بالذنوب والمعاصي والآثام، ثم تراه مطمئناً لهذه الأعمال! قرأ سورة كذا وأرسلها.. قرأ الدعاء وأرسله.. كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون. صلى النبي صلى الله عليه وسلم وانتهى الأمر! لا أيها الإخوة نحن اليوم بحاجة مليون /بل مئات الملايين/ حالة بر بالوالدين وبحاجة لمليون حالة إصلاح متخاصمين.. إصلاح ذات البين وقطع الخصومة والشقاق بدءً من الأسرة والرحم وانتهاءً بالأمة كلها نحن بحاجة لمليون مليون حالة توزيع للميراث وفق شرع الله تعالى بحاجة لملايين الحالات من ترك للرشوة، وترك للغش، وترك للظلم... في الخطبة الثانية: إن من الذنوب ما يحرم صاحبه دخول الجنة روى البخاري ومسلم وغيرهما من حديث جبير بن مُطِعم أنه عليه الصلاة والسلام قال " لا يدخل الجنة قاطع " لا أتصور مؤمناً محافظاً على طاعة الله، ملتزماً الصلوات الخمس، يقطع رحمه، أو يخاصمهم!
وهذا القسم هو الغالب على أقوال وأفعال النبي صلى الله عليه وسلم. حديث كل بني ادم خطاء. القسم الثاني: أقوال وأفعال صادرة عن رأي النبي صلى الله عليه وسلم واجتهاده ، لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم فيها مبلغا ولا ناقلا ، وإنما مشرِّعًا مجتهدا ، بناء على ما خوله الله عز وجل من التشريع والحكم بين الناس ، والله عز وجل يقره على ذلك ، إلا في بعض الحالات التي كان في اجتهاده صلى الله عليه وسلم شيء من الخطأ ، فحينئذ ينزل الوحي من عند الله عز وجل بتصويب ذلك ، وبهذا تبقى العصمة التامة لجميع ما يصدر عن النبي صلى الله عليه وسلم: إذا كان مبلغا لما أوحى الله إليه: فالعصمة حاصلة ابتداء. وإذا كان مجتهدا في حكمه صلى الله عليه وسلم: فالعصمة حاصلة انتهاء. قال الشاطبي رحمه الله: [ الحديث إما وحي من الله صرف ، وإما اجتهاد من الرسول عليه الصلاة والسلام معتبر بوحي صحيح من كتاب أو سنة. وعلى كلا التقديرين لا يمكن فيه التناقض مع كتاب الله ؛ لأنه عليه الصلاة والسلام ما ينطق عن الهوى ، إن هو إلا وحي يوحى ، وإذا فُرِّعَ على القول بجواز الخطأ في حقه ، فلا يُقَرُّ عليه البتة ، فلا بد من الرجوع إلى الصواب ، والتفريع على القول بنفي الخطأ أولى أن لا يحكم باجتهاده حكما يعارض كتاب الله تعالى ويخالفه] اهـ. "
ولهذا جاء في الحديث: "كل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون". واعلم أن كثيرا من الناس يسبق إلى ذهنه من ذكر الذنوب؛ الزنا، والسرقة ونحو ذلك، فيستعظم أن كريما يفعل ذلك، ولا يعلم أن أكثر عقلاء بني آدم لا يسرقون، بل لا يزنون، حتى في جاهليتهم وكفرهم، فإن أبا بكر وغيره من الصحابة كانوا قبل الإسلام لا يرضون أن يفعلوا مثل هذه الأعمال، ولما بايع النبي -صلى الله عليه وسلم- هندا بنت عتبة بن ربيعة أم معاوية بيعة النساء على أن لا يسرقن، ولا يزنين، قالت: أو تزني الحرة؟ فما كانوا في الجاهلية يعرفون الزنا إلا للإماء. كل بني آدم خطَّاءْ، وخير الخطائين التوابون..بقلم: عبد الرضا حمد جاسم – صحيفة الحقيقة في العراق. ولهذا قولهم "حرة" تراد به العفيفة، لأن الحرائر كن عفائف. وأما اللواط؛ فأكثر الأمم لم يكن يعرفه، ولم يكن هذا يعرف في العرب قط. ولكن الذنوب التي هي في باب الضلال في الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وما يدخل في ذلك من البدع التي هي من جنس العلو في الأرض، والفخر، والخيلاء، والحسد، والكبر، والرياء، ونحو ذلك، هي في الناس الذين هم متعففون عن الفواحش. وكذلك الذنوب التي هي ترك الواجبات، فإن الإخلاص لله، والتوكل على الله، والمحبة له، ورجاء رحمة الله، وخوف عذاب الله، والصبر على حكم الله، والتسليم لأمر الله.
وقال أبوزرعة العراقي في " البيان والتوضيح " (ص60): وهو ـ أي ابن حبان ـ يطلق لسانه في الجرح كثيراً فينبغي أن يتثبت في أمره. وقوله: ( كان ممن يخطىء... ) فهذا لا يضره إلا إذا كثر الخطأ ، وكان الغالب على حديثه. أما الخطأ القليل فمن ذا سلم منه ؟ ، قال ابن معين: " لست أعجب ممن يحدث فيخطىء ، إنما أعجب ممن يحدث فيصيب " ( مقدمة اللسان: 1/ 17).
ومهما ارتقى المؤمن في درجات القرب من الله، قد تغلبه نفسه فيقع منه الخطأ والذنب مهما أكثر من الطاعة فسيقع في الإثم! وواجبه أن يتوب، وهنا لا بدّ من ملاحظة: لا يُحكَم على خطأ مخطئ أو ذنب مذنب، أنه خطأ الدين وكثيراً ما يتاجر أعداء الإسلام بهذا الفهم الخاطئ ويستغلونه كثيراً ما يقع فيه ضعاف الإيمان، فنسمع /عندما يخطئ متدين أو من ظاهرها أنها ملتزمة ومتدينة/ السباب والشتائم تُكال لهم: أرأيتم هذا هو الدين.. هذا هو الإسلام! هؤلاء المتدينون.. كل بني آدم خطاء - خطب الجمعة - الشيخ أحمد سيف الاسلام - الطريق إلى الله. أولئك المتدينات المتجلببات! لا أيها الإخوة، هذا خطأ المخطئ وذنبه، لا ذنب الدين كلنا بشر نخطئ ونصيب، إلا المعصوم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وإخوانه من النبيين عصمهم الله من المعاصي لأنهم الأسوة والقدوة. ويبشرنا عليه الصلاة والسلام.. يبشر المؤمن الذي يعرف ربه بشارة عظيمة.. روى الإمام مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فيما يحكي عن ربِّه عزَّ وجلَّ قال " أذنَب عبدٌ ذنباً فقال اللهمَّ اغفِرْ لي ذنبي. فقال تبارك وتعالى:أذنَب عبدي ذنباً، فعلم أنَّ له ربّاً يغفر الذنبَ، ويأخذ بالذَّنبِ /أي يعفو ويتجاوز/ ثم عاد فأذنب. فقال: أي ربِّ، اغفرْ لي ذنبي.