(نور القرآن، الجزء 2، الخزائن الروحانية، المجلد 9، ص 377). وبالمثل، قال حضرته عليه السلام في مناسبة أخرى: " أما القول بأن عمر عائشة رضي الله عنها كان تسع سنين عند الزواج فقد ورد فقط ضمن أقوال سخيفة لا أصل لها، وهي غيرُ ثابتة من أي حديث أو من القرآن الكريم". (ديانة الآريا، الخزائن الروحانية، المجلد 10، ص 64). كم كان عمر السيدة عائشة عندما تزوجها الرسول. باختصار، كل هذه الروايات التي تشير إلى أن السيدة عائشة كانت تبلغ من العمر تسع سنوات عند زواجها قابلة للمراجعة وللمزيد من التدقيق. فإما أن الرواة قد ارتكبوا خطأ غير مقصود فيها أو أن الرواة الذين جاءوا فيما بعد قد أقحموا عليها ذلك. تكشف دراسة متعمقة لكتب التاريخ والسيرة بوضوح أن السيدة عائشة كانت في سن مناسبة للزواج؛ وهو السن الذي اعتادت فيه قريش على تزويج أبنائها وبناتها. لم يكن هذا الزواج استثناءً خاصًا أو جديرًا بالملاحظة بالنسبة لعادات المجتمع العربي آنذاك، ولم يكن مرفوضًا بأي شكل من الأشكال حتى أن المنافقين والكفار لم يثيروا أي اعتراض ضده، ولم يعلقوا أي تعليق مسيء حوله كما أنهم لم يتفاجأوا به.
صفات تتمتّع بها السيّدة عائشة؛ كالذّكاء والفهم الشّديدين، ما لا يوجد في غيرها من نساء زمانها. القضاء على عادات الجاهلية التي تقضي بمنع مصاهرة من كان بينهم مؤاخاة لأنّهم يعاملون المتآخين معاملة الأخوين، فكان زواج النّبي من بنت أبي بكر مبطلاً لهذه العادة الجاهلية. [٦] مناقب عائشة رضي الله عنها إنّ في السيدة عائشة أمّ المؤمنين -رضي الله عنها- من المناقب والصّفات ما ليس في مرأة مثلها، وفيما يأتي أهمّ ما يميّزها عن باقي زوجات رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وعن باقي نساء الامّة: [٧] كانت السّيدة عائشة -رضي الله عنها- أحبّ زوجات رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وأقربهنّ لقلبه. امتازت بقوّة الحفظ، فكانت أكثر الصّحابة روايةً للحديث الشّريف. تميّزت بشدّة ذكائها ما جعلها من أفقه نساء الأمّة، بل إنّ كبار الصّحابة كانوا يرجعون إليها ويستفتونها لشدّة فطنتها، فكانت أعلمهم بالحلال والحرام، وأعلمهم بمعاني القرآن، وكانت تعرف في أشعار العرب والأنساب. [٨] نالت السّيدة عائشة -رضي الله عنها- شرفاً عظيماً بموت رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في حجرتها، وفي بيتها، ودفن فيها، فقد صحّ عنها أنّها قالت: (تُوُفِّيَ النبيُّ -صَلَّى اللهُ عليه وَسَلَّمَ- في بَيْتِي، وفي نَوْبَتِي، وبيْنَ سَحْرِي وَنَحْرِي، وَجَمع اللَّهُ بيْنَ رِيقِي وَرِيقِهِ، قالَتْ: دَخَلَ عبدُ الرَّحْمَنِ بِسِوَاكٍ، فَضَعُفَ النبيُّ -صَلَّى اللهُ عليه وَسَلَّمَ- عنْه، فأخَذْتُهُ، فَمَضَغْتُهُ، ثُمَّ سَنَنْتُهُ بِهِ).