واختلفوا في أن الرعب كان لماذا؟ قيل: من وحشة المكان، وقال الكلبي: لأن أعينهم كانت مُفتَّحة كالمستيقظ الذي يُريد أن يتكلَّم وهم نيام، وقيل: لكثرة شعورهم، وطول أظفارهم، ولتقلُّبهم من غير حِسٍّ ولا إشعار، وقيل: إن الله تعالى منعهم بالرُّعب؛ لئلا يراهم أحد. ورُوي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: غزونا مع معاوية نحو الروم فمررنا بالكهف الذي فيه أصحاب الكهف، فقال معاوية: لو كشف لنا عن هؤلاء فنظرنا إليهم، فقال ابن عباس رضي الله عنهم: لقد منع ذلك من هو خير منك، فقال: ﴿ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا ﴾، فبعث معاوية ناسًا، فقال: اذهبوا فانظروا، فلما دخلوا الكهف بعث الله عليهم ريحًا فأخرجتهم. تفسير القرآن الكريم
قوله (وكذلك): الواو مستأنفة، والكاف نائب مفعول مطلق، والإشارة مضاف إليه، والتقدير: بعثناهم بعثًا مثل ذلك البعث. وجملة (بعثناهم) مستأنفة. الجار (منهم) متعلق بنعت لقائل. (كم) اسم استفهام ظرف زمان، وتمييزه مقدر أي: كم يوما. و(يوما) ظرف زمان متعلق بالفعل، (بعض) اسم معطوف على (يوما). (بما): الباء جارة، (ما) مصدرية، والمصدر المجرور متعلق بأعلم، الجار (بورقكم) متعلق بحال من (أحدكم)، (هذه) اسم إشارة نعت، وهو جامد مؤول بمشتق أي: المشار إليه. جملة (فابعثوا) مستأنفة، وجملة (فلينظر) معطوفة على جملة (ابعثوا). قوله (أيها): اسم استفهام مبتدأ، (أزكى) خبره، (طعاما) تمييز، والجملة مفعول به للنظر المعلق بالاستفهام المضمَّن معنى العلم، والفاء في (فليأتكم) عاطفة، واللام للأمر، وفعل مضارع مجزوم بحذف حرف العلة، والكاف مفعول به، الجار (منه) متعلق بنعت لرزق.. قال تعالي وتحسبهم ايقاظا وهم رقود المحسن البديعي ف الايه - إسألنا. إعراب الآية رقم (20): {إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا}. جملة الشرط خبر (إنَّ)، الجار (في ملتهم) متعلق بحال من الكاف، وجملة (ولن تفلحوا) معطوفة على جملة (يعيدوكم).. إعراب الآية رقم (21): {وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لا رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَانًا رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا}.
(ثلاثة): خبر لمبتدأ محذوف أي: هم، جملة (رابعهم كلبهم)، نعت لثلاثة، (رجما) مصدر في موضع الحال من الواو في (يقولون)، والجار متعلق بنعت لـ (رجما). جملة (وثامنهم كلبهم) معطوفة على جملة (هم سبعة)، الجار (بعدَّتهم) متعلق بالخبر(أعلم)، جملة (ما يعلمهم إلا قليل) مستأنفة، (قليل) فاعل، و(إلا) للحصر. جملة (فلا تمار) مستأنفة، (مراء) نائب مفعول مطلق.
ثم هو على نوعين؛ أحدُهما طِباقُ الإيجابِ وهو مالم يَخْتَلِفْ فيه المتقابلان إيجاباً وسلْباً. (1) (نحوُ قولِه تعالى: {وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظاً}) جمْعُ يَقِظٍ على وزْنِ عَضُدٍ أو كَتِفٍ, بمعنى يَقْظانَ. وتحسبهم أيقاظًا وهم رقود. (2) ( {وَهُمْ رُقُودٌ}) جمْعُ راقدٍ فالجمْعُ بينَ أيقاظٍ ورقودٍ طِباقُ الإيجابِ؛ لأن اليقظةَ تَشتملُ على الإدراكِ بالحواسِّ, والنومَ يَشتمِلُ على عدَمِه, فبينَهما شِبْهُ العدَمِ والملَكَةِ باعتبارِ لازِمِهما, وبينَهما باعتبارِ أنفسِهما التضادُّ؛ لأن النومَ عرَضٌ يَمنَعُ إدراكَ الحواسِّ واليقظةَ عرَضٌ يَقتَضِي الإدراكَ بها, وقد ذُكِرا بطريقٍ واحدٍ هو الإثباتُ. والنوعُ الثاني: طِباقُ السلْبِ وهو ما اختَلَفَ فيه المتقابلان إيجاباً وسلباً بأن يَجْمَعَ بينَ فعلين من مصدرٍ واحدٍ, أحدُهما مُثْبَتٌ والآخَرُ منْفيٌّ نحوُ قولِه تعالى: (3) ( {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ}) أي: ما أُعِدَّ لهم في الآخرةِ من النعيمِ.
﴿ وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ ﴾ أكثر أهل التفسير على أنه كان من جنس الكلاب، ورُوي عن ابن جريج: أنه كان أسدًا، وسُمِّي الأسد كلبًا؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم دعا على عتبة بن أبي لهب، فقال: ((اللهم سلِّط عليه كلبًا من كلابك))، فافترسه أسد، والأول أصح. قال ابن عباس: كان كلبًا أغر، ويُروى عنه: فوق القلطي ودون الكردي [والقلطي: كلب صيني]. وقال مقاتل: كان أصفر، وقال القرظي: كان شدة صُفْرته تضرب إلى الحمرة، وقال الكلبي: لونه كالخلنج، وقيل: لون الحجر. قال ابن عباس: كان اسمه قطمير، وعن علي: اسمه ريان، وقال الأوزاعي: بتور. وقال السدي: تور وقال كعب: صهيلة. قال خالد بن معدان: ليس في الجنة شيء من الدوابِّ سوى كلب أصحاب الكهف وحمار بلعام. قوله ﴿ بِالْوَصِيدِ ﴾ قال مجاهد والضحاك: "والوصيد": فناء الكهف، وقال عطاء: "الوصيد" عتبة الباب، وقال السدي: "الوصيد": الباب، وهو رواية عكرمة عن ابن عباس. فإن قيل: لم يكن للكهف باب ولا عتبة؟ قيل: معناه موضع الباب والعتبة، كان الكلب قد بسط ذراعيه، وجعل وجهه عليهم. قال السدي: كان أصحاب الكهف إذا انقلبوا انقلب الكلب معهم، وإذا انقلبوا إلى اليمين كسر الكلب أذنه اليمنى ورقد عليها، وإذا انقلبوا إلى الشمال كسر أذنه اليسرى ورقد عليها ﴿ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ ﴾ يا محمد ﴿ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا ﴾ لما ألبسهم الله من الهيبة حتى لا يصل إليهم أحد حتى يبلغ الكتاب أجله، فيوقظهم الله تعالى من رقدتهم ﴿ وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا ﴾ خوفًا، قرأ أهل الحجاز بتشديد اللام والآخرون بتخفيفها.