الأمثال والحكم هي موروث الحضارات وخلاصة تجارب الشعوب. ولطالما كانت هذه الأمثال مليئة بالحكمة.. ولطالما وقفنا أمام مقولات الآباء والأجداد احتراماً وإعجاباً لما تخلّلته من معانٍ عميقة وإيجاز بديع. ولعلّ أحد هذه الأمثال.. المقولة المشهورة (اسأل مجرب ولا تسأل طبيب). فالمتأمل لهذه المقولة لأول وهلة يظن أنّ فيها تقليلاً وتهميشاً لكل ما هو معرفي ولكل ما هو حكيم وتكريس محصور في معاني التجربة والخبرة. والمعروف أنّ أجدادنا في الماضي وعند اعتلال صحتهم وطلبهم للتداوي يلجأون لمن عُرف عنه الحكمة والخبرة معاً. إنّ الحكم والأمثال الشعبية بجمال عباراتها دأبت كثيراً على تغليب جانب على الآخر، في محاولة جميلة لإبراز أهمية جانب معيَّن حتى يخيّل لمن سمعها أو قرأها بأنّها إغفال لذاك الجانب. فآباؤنا وأجدادنا لا يختلفون في أنّ العلم نور والجهل ظلام، ولا يختلفون في أنّ من يعرف أفضل ممّن لا يعرف، وأنّ من أوتي الحكمة خيرٌ ممّن لم يؤتها.. غير أنّ من اقترنت عنده هذه الأمور بالتجربة والخبرة أصبح الحكيم الذي جمع بين العلم والخبرة وتجارب الحياة، فهو خيرُ من يُسأل وخيرُ من يُستشار وخيرُ من يؤخذ برأيه. فهذه الحكمة الرائعة ليس فيها تقليل من دور الطبيب، بل هي في الواقع إشادة وتعميق لدور الطبيب ذي المراس الطويل.. اسأل مجرب ولا تسأل طبيب هل هذا المثل الشعبي صحيح؟ - مجلة هي. فالطبيب المتمرِّس الذي جمع بين المعرفة والخبرة يكون بلا ريب قد جمع بين الخيرين.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يكتب لنا وإياكم خير الدنيا والآخرة وأن يجنبنا وإياكم شر الدنيا والآخرة إنه على كل شيء قدير وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين
اسئل مجرب و لا تنسى الطبيب 720 مشاهدة