واستأذنه في قدوم غلامه أبي لؤلؤة إلى المدينة لينتفع الناس بفنونه مثل الرسم والحدادة والنجارة، فوافق عمر رغم أنه كان قد منع دخول غير العرب إلى المدينة ، وبعد فترة شكا أبو لؤلؤة مولاه المغيرة إلى عمر؛ لأنه ألزمه خراجاً ثقيلاً، إلاّ أن الخليفة لم ير شكواه في محلها، فغضب أبو لؤلؤة لعدم اكتراث الخليفة به، وتفوّه بعبارات فيها وعيد وتهديد. وبعد مضي زمن على ذلك الحوار، كمن أبو لؤلؤة في المسجد ، وقتل عمر عند صلاة الفجر ، وانتحر بعد أن جرح بضعة أفراد آخرين. [6] تذمر الصحابة من عمر المقبرة المنسوبة إلى أبي لؤلؤ في كاشان ومن بين الآراء الأخرى التي تحدثت عن دوافعه لقتل عمر، هو أنّ بعضاً من كبار الصحابة الذين كانوا متذمرين من عمر لتشدده، خطّطوا لقتل الخليفة ، ولم يكن أبو لؤلؤة إلا وسيلة لتنفيذ المخطط. ابو لولوه المجوسي في كتب الشيعه الاماميه. [7] وهناك شواهد تشير أن أشخاصاً كانوا قد حذّروا الخليفة من هذا الشأن. [8] ومع ذلك فلا يمكن الركون إلى الروايات التي خلطت حادث مقتل عمر بالأساطير. [9] عبيد الله بن عمر والأخذ بالثأر فبعد مقتل عمر ادّعى عبد الرحمن بن عوف [10] أن قضية مقتل عمر كانت مؤامرة بين أبي لؤلؤة وشخصين آخرين يدعيان الهرمزان وجفينة ، ولذلك قتل عبيد الله بن عمر هذين الشخصين وكذلك ابنة أبي لؤلؤة الصبية انتقاماً لأبيه، [11] وبما أن مثل هذا الاتهام لم يكن قد ثبت، فإن موضوع عدم اكتراث عثمان الخليفة الجديد إزاء قتلهم [12] أدى فيما بعد إلى منازعات كلامية.
[11] الروايات السنّية ورد في مصادر أهل السنة والجماعة أنه مجوسي مجرم لاغتياله عمر بن الخطاب ، ويقول فيه ابن تيمية: "وأبو لؤلؤة كافر باتفاق أهل الإسلام كان مجوسياً من عباد النيران، فقتل عمر بغضا في الإسلام وأهله، وحبا للمجوس، وانتقاما للكفار، لما فعل بهم عمر حين فتح بلادهم، وقتل رؤسائهم، وقسم أموالهم". [12] كان عدد من الفرس الذين بقوا على المجوسية يضمرون الحقد والكراهية لقائد الدولة الإسلامية التي دحرت جيوشهم وقضت على إمبراطوريتهم واسعة الأطراف، [13] ففي شهر أكتوبر من سنة 644 اتجه عمر لأداء الحج في مكة حيث يُعتقد أن مخططي الاغتيال اتبعوه حتى جبل عرفة ، حيث سُمع صوت يهتف أن عمرَ لن يقف مرة أخرى على الجبل، وفي رواية أخرى شوهد رجل وهو يهتف أن هذا حج الخليفة الأخير، وفي أخرى أن إحدى الجمرات أصابت رأس ابن الخطاب خلال الرجم وسُمع صوت أحدهم يقول أنه لن يحج مجددًا. وفي جميع الأحوال، يتفق المؤرخون أنه بعد عودة عمر بن الخطاب إلى المدينة المنورة طعنه أبو لؤلؤة فيروز الفارسي بخنجر ذات نصلين ست طعنات، وهو يُصلي الفجر بالناس، وكان ذلك يوم الأربعاء 26 ذي الحجة سنة 23 هـ ، الموافقة لسنة 644 م، ثم حُمل إلى منزله والدم يسيل من جرحه وذلك قبل طلوع الشمس.
[13] قبره وجدير بالذكر أن المصادر المتأخرة ليست هي الوحيدة التي أخبرت عن وجود قبر ينسب إلى أبي لؤلؤة في كاشان ، [14] بل إن صاحب مجمل التواريخ والقصص [15] قد عدّ أبا لؤلؤة من أهالي فين بكاشان نقلاً عن مصدر أقدم. [16] الهوامش ↑ مثلاً ينظر: حسان بن ثابت، 1/273؛ ابن حبيب، "أسماء... "، 155؛ ابن قتيبة، 183. ↑ ابن سعد، 3/341، 347؛ أبو العرب، 68، نقلاً عن ابن إسحاق. ↑ ابن حبيب، المحبر، 14؛ ابن شبة، 3/913؛ المسعودي، 2/329. ↑ ينظر: الطبري، 4/190؛ ابن عبد ربه، 4/272. ↑ 4/1136، نقلاًعن سيف بن عمر. ↑ ابن سعد، 3/345؛ ابن شبة، 3/896 -899؛ الطبري، 4/160 -191؛ لملاحظة الروايات الأخرى، ينظر ابن أعثم، 11/323. ↑ إيرانيكا، 334/I. ↑ ينظر: أحمد بن حنبل، 1/15؛ ابن شبة، 3/891. ↑ مثلاً ينظر: ابن أعثم، 1/325؛ الطبري، 4/191؛ أبو العرب، 73؛ ابن عساكر، 13/169. ↑ الزبيري، 35: عبد الرحمان بن أبي بكر ↑ ابن سعد، 3،350؛ ابن قتيبة، 187؛ اليعقوبي، 2/160ت 161؛ الطبري، 4/240. ↑ ينظر: البلاذري، 5/24؛ قارن: أبو العرب، 70. ↑ ينظر: أبو القاسم، ألكوفي، 68-69؛ الشريف المرتضى، 4/303 – 304؛ ابن العربي، 62، 106- 108. ↑ خواند مير، 1/489؛ الشوشتري، 1/87.