أما بعد: فهذه الأحاديث في شرعية تشميت العاطس، وأمره بأن يحمد الله، وترك تشميت مَن لم يحمد الله، وبيان أدب المُتثائب، وأنَّ السنة له أن يكظم ما استطاع، وأن يضع يدَه على فمه كما في الروايات الأخرى. العطس في الصلاة - فقه. يقول ﷺ: إنَّ الله يُحبّ العطاسَ، ويكره التَّثاؤُب ، فالعطاس نعمة من الله، يُحبها جل وعلا لما فيها من الفائدة للمؤمن إذا عطس، فإن فيها مصالح في عطاسه، ويكره التَّثاؤب لأنه من الشيطان، يدل على شيءٍ من الكسل، فإذا تثاءَب أحدُكم فليضع يدَه على فيه، هذه هي السنة، وأما عند العطاس فإنه يحمد الله، فإذا حمد الله كان حقًّا على كل مَن سمعه أن يقول: "يرحمك الله"، وإذا قال: "يرحمك الله"، فليقل: "يهديكم الله ويُصلح بالكم"، هذه هي السنة، مَن عطس يحمد الله، والمُشَمِّت يقول: "يرحمك الله"، وهو يقول: "يهديكم الله ويُصلح بالكم"، وإذا لم يحمد الله لم يُشَمَّت، هذه المسألة التي تعمّ بها البلوى كثيرًا. ولا بأس بتنبيه مَن لم يحمد الله؛ لأنَّ هذا من باب التعاون على البر والتَّقوى، ومن باب النصيحة، ومن باب الأمر بالمعروف، فإذا قيل: "قل: الحمد لله" فهذا من باب التعليم والتوجيه إلى الخير. والمقصود مثلما تقدَّم: إذا حمد الله يُشَمَّتْ، وإذا لم يحمد الله لا يُشَمَّتْ، والتَّشميت أن يُقال له: "يرحمك الله"، والإجابة أن يقول: "يهديكم الله ويُصلح بالكم".
---------------- فيه: استحباب وضع الثوب على فمه وأنفه إذا عطس لئلا يخرج منه شيء يؤذي جليسه، ولا يلوي عنقه. قال ابن العربي: الحكمة في خفض الصوت بالعطاس أن في رفعه إزعاجا للأعضاء. وروي من حديث عبادة مرفوعا: «إذا تجشى أحدكم أو عطس فلا يرفع بهما الصوت، فإن الشيطان يحب أن يرفع بهما الصوت». عن أبي موسى - رضي الله عنه - قال: كان اليهود يتعاطسون عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرجون أن يقول لهم: يرحمكم الله، فيقول: «يهديكم الله ويصلح بالكم». ---------------- كان اليهود يعلمون نبوته - صلى الله عليه وسلم - ورسالته باطنا وإن أنكروها ظاهرا حسدا وعنادا. قال الله تعالى: {يعرفونه كما يعرفون أبناءهم} [البقرة (146)]. وفيه: أن الكافر لا يقال له: يرحمك الله بل يقال: يهديكم الله ويصلح بالكم. عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا تثاءب أحدكم فليمسك بيده على فيه؛ فإن الشيطان يدخل». ---------------- فيه: استحباب وضع اليد على الفم عند التثاؤب، لأن الشيطان يدخل الجوف مع التثاؤب. وعند ابن ماجه من حديث أبي هريرة: «إذا تثاءب أحدكم فليضع يده على فيه ولا يعوي فإن الشيطان يضحك منه».
المصدر: إذاعة القرآن الكريم من المملكة العربية السعودية التقديم: حمد بن الدريهم الاعداد: عبد العزيز بن عبد الله الحميدي الاخراج: سامر بن عبد العزيز المبدل