الحسنة بعشر أمثالها، إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به، ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي، للصائم فرحتان، فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه، ولخلوف فم الصائم عند الله أطيب من ريح المسك (١). وكان صلى الله عليه وسلم يبشر أصحابه بدخول رمضان ويقول لهم: أتاكم شهر رمضان شهر بركة، ينزل الله فيه الرحمة، ويحط الخطايا، ويستجيب الدعاء، ويباهي الله بكم ملائكته، فأروا الله من أنفسكم خيرا؛ فإن الشقي من حرم فيه رحمة الله (٢) وقال عليه الصلاة والسلام: من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه. (٣) رواه البخاري في صحيحه. والأحاديث في فضل شهر رمضان والترغيب في مضاعفة العمل فيه كثيرة. فأوصي إخواني المسلمين بالاستقامة في أيامه ولياليه والمنافسة في جميع أعمال الخير وفق الله الجميع لما يرضيه وأعاذ الجميع من مضلات الفتن ونزغات الشياطين، إنه جواد كريم. (١) رواه البخاري برقم (١٩٠٤)، ومسلم برقم (١١٥١) (٢) عزاه الهيثمي في مجمع الزوائد (٣: ١٤٢) إلى الطبراني في الكبير (٣) رواه البخاري في (الصوم) باب من لم يدع قول الزور برقم (١٩٠٣).
فإذا تحرَّى الناس الهلال ولم يروه ، فعليهم إتمام شعبان ثلاثين يوماً، ولا يجوز - على الصحيح - صيام يوم الثلاثين على أنه من رمضان؛ لعدم ثبوت دخول الشهر. وهذا اليوم - يوم الثلاثين - يُعْرَف بيوم الشك؛ والدليل على عدم جواز صيام هذا اليوم، قول عمار بن ياسر رضي الله عنه: (من صام اليوم الذي يُشك فيه، فقد عصى أبا القاسم) رواه أبو داود ، وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم النهي عن صوم يوم الشك، ففي "الصحيحين" من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يتقدمن أحدكم رمضان بصيام يوم أو يومين إلا أن يكون رجل كان يصوم صيامًا فليصمه). وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتقدم: ( صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غُمَّ - أي خفي - عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين)، والحديث واضح الدلالة على أن بدء الصوم معلق برؤية الهلال، فإذا لم تحصل الرؤية، لزم الناس أن يكملوا شعبان ثلاثين يوماً. ولذا فإنه يُستحب للناس التماس هلال رمضان ليلة الثلاثين من شعبان، لكن لا يجب ذلك على كل مسلم، بل هو فرض على الكفاية، إذا فعله البعْض سقط عن الباقي. وخلاصة الأمر في هذه المسألة: أن شهر رمضان إذا ثبت بأحد الطريقين المتقدمين، وجب على الناس الصيام، وإلا لم يجز الشروع في الصيام؛ لعدم ثبوت دخول رمضان.