[1] وصل نبي الله محمد –صلى الله عليه وسلم- إلى الطائف وهو يحمل في جعبته لهم الدعوة إلى دين الله الحق، ويحمل إليهم أيضاً طلب النصرة فهو يحتاج إلى قوم مثلهم في قوتهم ومكانتهم ليؤازروه وينصرونه في مواجهة كفار مكة. عمد النبي –صلى الله عليه و سلم- إلى ثلاثة إخوة من رؤساء ثقيف، فجلس إليهم ودعاهم إلى الله وإلى نصرة الإسلام، فقال أحدهم: هو يَمْرُط ثياب الكعبة [أي يمزقها] إن كان الله أرسلك. وقال الآخر: أما وَجَدَ الله أحدًا غيرك، وقال الثالث: والله لا أكلمك أبدًا، إن كنت رسولًا لأنت أعظم خطرًا من أن أرد عليك الكلام، ولئن كنت تكذب على الله ما ينبغى أن أكلمك؛ فقام عنهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقال لهم: « إذ فعلتم ما فعلتم فاكتموا عني »[2].
القاهرة (الاتحاد) من عظمة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أن حياته كانت نموذجاً عملياً للصبر على البلاء، وتحمل الشدائد، فصبر على ما لقي من قومه من ألوان الأذى، وقُذف بالحجارة حتى أسالوا دمه الشريف، ورغم ذلك تمنَّى لهم الهداية. يقول العلماء، ولما اشتد البلاء من قريش على رسول الله بعد موت عمه خرج إلى الطائف رجاء أن يؤوه وينصروه على قومه ويمنعوه منهم حتى يبلغ رسالة ربه ودعاهم إلى الله فلم ير من يؤوي ولم ير ناصراً وآذوه أشد الأذى نالوا منه ما لم ينل منه قومه وكان معه مولاه زيد بن حارثة، فأقام بينهم عشرة أيام لا يدع أحداً من أشرافهم إلا كلمه، فقالوا: اخرج من بلدنا، وأغروا به سفهاءهم فوقفوا له وجعلوا يرمونه بالحجارة حتى دميت قدماه. ودعا النبي صلى الله عليه وسلم بالدعاء المشهور: «اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس أنت رب المستضعفين وأنت ربي إلى من تكلني؟! دعاء الرسول في الطائف - YouTube. إلى بعيد يتجهمني أو إلى عدو ملكته أمري؟! إن لم يكن بك غضب علي، فلا أبالي غير أن عافيتك هي أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، أن يحل علي غضبك أو ينزل بي سخطك، لك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلا بك».
أدعية الرسول عليه الصلاة والسلام قال تعالى في سورة البقرة الآية 186 (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَانِ)، فالدعاء يعد من أجمل العبادات وأفضلها في الإسلام والذي يقرب بين العبد وبين خالقه، حيث وعدنا الله تعالى أنه في كل وقت يكون به العبد وكل مكان يدعوا الله في ويسأله حاجته يكون الله سميعاً له مجيبا، ولا يوجد أفضل من أدعية الرسول صلى الله عليه وسلم للدعاء بها، ومنها: اللّهم طهرني من الذنوب والخطايا، اللّهم نقني منها كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللّهم طهرني بالثلج والبرد والماء البارد. دعاء سيدنا النبي في الطائف. اللّهم إِني أعوذ بك من التَّردِّي، والهدم، والغرق، والحَرق، وأعوذ بك أن يتخبطني الشيطان عند الموت، وأعوذ بك من أن أموت في سبيلك مُدبراً، وأعوذ بك أن أموت لديغاً". اللّهم إنّا نسألك من خير ما سألك منه نبيك محمد صلى الله عليه وسلم، ونعوذ بك من شر ما إستعاذ منه نبيك محمد صلى الله عليه وسلم، وأنت المستعان، وعليك البلاغ، ولا حول ولا قوة إلّا بالله" رواه الترمذي وإبن ماجه. اللّهم إِنِّي أَسأَلكَ مُوجِباتِ رحمتِكَ، وَعزَائم مَغفِرتِكَ، والسَّلامَةَ مِن كُلِّ إِثمٍ، والغَنِيمَةَ مِن كُلِّ بِرٍ، وَالفَوزَ بالجَنَّةِ، وَالنَّجاةَ مِنَ النَّارِ" رواهُ الحاكِم أبو عبد اللَّهِ.
رحلة النبي محمد إلى الطائف دعاء رسول الله في الطائف بدأ سيدنا محمد رحلته من مكة إلى الطائف وهو يسير على قدميه، وهذا تحسبًا أن تكون قريش تتبع آثاره. فيعملون على إيقافه وتعطيله عن مطلبه وهو نشر الإسلام، وكان زيد ابن حارثه معه في هذه الرحلة. وكان قد أتخذه من قبل ابنًا له بالتبني قبل أن ينزل الله أية تحريم التبني، وكان زيد خير معين وحارس له طوال رحلت إلى الطائف. ومن هنا قام سيدنا محمد بدعوة أهل الطائف ابتداءا بسادتها وكبرائها، وهذا لأنهم أولياء الأمور ومن يقومون بالحل والربط. فهم من يتحكمون في أمور الناس، وقام بدعوتهم للإسلام وان تكون مدينة الطائف هي البديل لمكة لنشر دعوته. قابل سادة الطائف دعوته بالرفض والخذلان، ولم يسكتون على ذلك بل دعوا صبيانهم وكل سفهاء المدينة ليلقون على النبي الكريم بالحجارة، وينعتونه بالمجنون، وكان أحدى آثار تلك الضربات أن أُصيبت واحدة من قدميه،وتعرضت للجرح، وأصيب نبي الله محمد بالحزن والضيق. دعاء رسول الله في الطائف وبعدما ظل الصبيان يرمونه بالحجارة ذهب محمد عليه الصلاة والسلام إلى بستان لكي يحتموا به. وكان البستان لرجلين من سادة الطائف هما عتبه ابن ربيعه، وشيبه ابن ربيعة، وقاما بإرسال صبي صغير يحمل العنب ليرتوي به سيدنا محمد وزيد، يدعى "عداس".