« من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عاماً » دعوة للتأمّل في النصوص وتفقّهها، ودعوة للوقوف مع الأنفس ومراجعاتها، دعوة تتجاوز الاستنكار إلى الحوار، دعوة إلى الذين تشبّعوا بفكرة الأعمال القتالية في هذه البلاد، ورأوها أقصر طريق إلى الجنة ، وأزكى عمل يتقربون به إلى الله.. وإن زهقت فيه أرواحهم، وخالفهم كل من سواهم. « أخرجوا المشركين من جزيرة العرب ».. حديث صحيح - عبد الوهاب بن ناصر الطريري - طريق الإسلام. لا أسوقها مناظرة ولا رداً، ولكنها دعوة إلى وقفة مع النفس ، وتفقّه في النص، وتطلّب للحق، ثم نواصينا بعد بيد الله؛ فهو الموفّق والهادي إلى سواء السبيل، نلوذ به ونبرأ إليه من حولنا وقوتنا فلا حول ولا قوة إلا به. إن أكثر الأدلّة النصية تداولاً في هذه القضية حديث « أخرجوا المشركين من جزيرة العرب » وهو حديث صحيح غير ضعيف، محكم غير منسوخ قاله صلى الله عليه وسلم وهو على فراش الموت قبل وفاته بخمس. وإن أولى الأمة أن يتبع في معرفة فقه هذا الحديث صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فهم الذين سمعوا هذا الحديث وأدوه إلينا وفقهوه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورأيهم وفقههم هو الأعلم والأحكم لأنهم أعلم بملابسات الأمر النبوي، وأفقه الأمة بمراده صلى الله عليه وسلم.
وأولى الصحابة أن يراعى فقهه هم الخلفاء الراشدون لقوله –صلى الله عليه وسلم-:"عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي" وقوله –عليه الصلاة والسلام-:"اقتدوا بالذين من بعدي أبي بكر وعمر" ولأنهم كانت لهم الولاية على المسلمين فهم أولى الناس بإنفاذ هذا العهد المحمدي. فإذا نظرنا إلى فقه الصحابة لهذا الحديث رأينا ما يلي: 1) تولى أبو بكر الصديق الخلافة واليهود في خيبر على مسافة 180 كم من المدينة، ونصارى نجران في نجران ويهود اليمن في اليمن ومجوس الأحساء في الأحساء. حديث: (أخرجوا المشركين من جزيرة العرب) - الإسلام سؤال وجواب. وهو –رضي الله عنه- أعلم الناس بأمر النبي –صلى الله عليه وسلم- وأعظم الأمة تعظيماً له فنجد أنه: أ- سير جيش أسامة إلى الشام. ب- قاتل المرتدين في أنحاء الجزيرة النائية عن المدينة. ت- ثم لما فرغ من قتال المرتدين وجه الجيوش إلى العراق والشام، ثم توفي –رضي الله عنه- وجيوشه تقارع الفرس والروم وهؤلاء موجودون ولم يخرجهم.
فجزيرة العرب حرم الإسلام ، وقاعدته التي لا يجوز السماح أو الإذن لكافر باختراقها ، ولا التجنس بجنسيتها ، ولا التملك فيها ، فضلا عن إقامة كنيسة فيها لعُبَّاد الصليب ، فلا يجتمع فيها دينان ، إلا دينا واحدا هو دين الإسلام الذي بعث الله به نبيه ورسوله محمدا صلى الله عليه وسلم ، ولا يكون فيها قبلتان ، إلا قبلة واحدة هي قبلة المسلمين إلى البيت العتيق ، والحمد لله الذي وفق ولاة أمر هذه البلاد إلى صد هذه المعابد الكفرية عن هذه الأرض الإسلامية الطاهرة. أخرجوا المشركين من جزيرة . وإلى الله المشتكى مما جلبه أعداء الإسلام من المعابد الكفرية من الكنائس وغيرها في كثير من بلاد المسلمين. نسأل الله أن يحفظ الإسلام من كيدهم ومكرهم. وبهذا يعلم أن السماح والرضا بإنشاء المعابد الكفرية مثل الكنائس أو تخصيص مكان لها في أي بلد من بلاد الإسلام من أعظم الإعانة على الكفر ، وإظهار شعائره ، والله عز شأنه يقول: ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) المائدة/2. قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: ( من اعتقد أن الكنائس بيوت الله ، وأن الله يعبد فيها ، أو أن ما يفعله اليهود والنصارى عبادة لله وطاعة لرسوله ، أو أنه يحب ذلك أو يرضاه ، أو أعانهم على فتحها وإقامة دينهم ، وأن ذلك قربة أو طاعة - فهو كافر) ، وقال أيضا: ( من اعتقد أن زيارة أهل الذمة كنائسهم قربة إلى الله فهو مرتد ، وإن جهل أن ذلك محرم عرف ذلك ، فإن أصر صار مرتدا) انتهى.