قوله: وما تلك بيمينك يا موسى قال هي عصاي أتوكأ عليها وأهش بها على غنمي ولي فيها مآرب أخرى فيه خمس مسائل: [ ص: 106] الأولى: قوله تعالى: وما تلك بيمينك قيل: كان هذا الخطاب من الله تعالى لموسى وحيا ؛ لأنه قال: فاستمع لما يوحى ولا بد للنبي في نفسه من معجزة يعلم بها صحة نبوة نفسه ، فأراه في العصا وفي نفسه ما أراه لذلك. ويجوز أن يكون ما أراه في الشجرة آية كافية له في نفسه ، ثم تكون اليد والعصا زيادة توكيد ، وبرهانا يلقى به قومه. واختلف في ما في قوله وما تلك فقال الزجاج والفراء: هي اسم ناقص وصلت ب ( يمينك) أي ما التي بيمينك ؟ وقال أيضا: تلك بمعنى هذه ؛ ولو قال: ما ذلك لجاز ؛ أي ما ذلك الشيء: ومقصود السؤال تقرير الأمر حتى يقول موسى: هي عصاي ؛ ليثبت الحجة عليه بعد ما اعترف ، وإلا فقد علم الله ما هي في الأزل. وقال ابن الجوهري وفي بعض الآثار أن الله تعالى عتب على موسى إضافة العصا إلى نفسه في ذلك الموطن ، فقيل له: ألقها لترى منها العجب فتعلم أنه لا ملك عليها ولا تنضاف إليك. وقرأ ابن أبي إسحاق ( عصي) على لغة هذيل ؛ ومثله ( يا بشرى) و ( محيي) وقد تقدم. وقرأ الحسن ( عصاي) بكسر الياء لالتقاء الساكنين.
لما بلغ موسى عليه السلام وادي طوى، وأمره ربه أن يخلع نعليه لتلامس قدماه أرض الوادي المقدس، أعطاه الله عز وجل الآيات الباهرات التي سيقدمها لفرعون ومن معه حين يدعوهم إلى التوحيد، فأعطاه أولاً معجزة العصا التي تتحول إلى ثعبان، ثم إدخاله يده في جيبه وإخراجه لها بريئة من أي أذى، وبعد ذلك أمره أن يذهب بهذه الآيات إلى فرعون وجنوده، دليلاً على صدق رسالته، وحقيقة ما جاءهم به من عقيدة. مراجعة لما سبق تفسيره من آيات سورة طه تفسير قوله تعالى: (وما تلك بيمينك يا موسى... قال ألقها يا موسى) تفسير قوله تعالى: (فألقاها فإذا هي حية تسعى... سنعيدها سيرتها الأولى) تفسير قوله تعالى: (واضمم يدك إلى جناحك تخرج بيضاء... لنريك من آياتنا الكبرى) تفسير قوله تعالى: (اذهب إلى فرعون إنه طغى) قراءة في كتاب أيسر التفاسير معنى الآيات هداية الآيات قال: [ هداية الآيات: من هداية الآيات: أولاً: تقرير نبوة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم]. أولاً تقرير نبوة الرسول صلى الله عليه وسلم. كيف تقررت؟ من أين له هذا الكلام؟ هو ما عاش مع موسى ولا عاصره، لولا أنه يوحى إليه من الله. إذاً: فهو رسول الله. [ ثانياً: استحباب تناول الأشياء غير المستقذرة باليمين].
قال صاحب الكشاف: إنما سأله- سبحانه- ليريه عظم ما يخترعه- عز وعلا- في الخشبة اليابسة من قلبها حية نضاضة- أى تحرك لسانها في فمها-، وليقرر في نفسه المباينة البعيدة بين المقلوب عنه، والمقلوب إليه، وينبهه على قدرته الباهرة. ونظيره أن يريك الزراد زبرة من حديد- أى قطعة من حديد- ويقول لك: ما هي؟ فتقول: زبرة حديد. ثم يريك بعد أيام لبوسا مسردا فيقول لك: هي تلك الزبرة صيرتها إلى ما ترى من عجيب الصنعة، وأنيق السرد... والآية الكريمة: شروع في بيان ما كلف الله- تعالى- به عبده موسى- عليه السلام- من الأمور المتعلقة بالخلق، إثر حكاية ما أمر- سبحانه- به موسى من إخلاص العبادة له، والإيمان بالساعة وما فيها من حساب وثواب وعقاب. ﴿ تفسير ابن كثير ﴾ هذا برهان من الله تعالى لموسى ، عليه السلام ، ومعجزة عظيمة ، وخرق للعادة باهر ، دال على أنه لا يقدر على مثل هذا إلا الله عز وجل ، وأنه لا يأتي به إلا نبي مرسل ، وقوله: ( وما تلك بيمينك يا موسى) قال بعض المفسرين: إنما قال له ذلك على سبيل الإيناس له. وقيل: إنما قال له ذلك على وجه التقرير ، أي: أما هذه التي في يمينك عصاك التي تعرفها ، فسترى ما نصنع بها الآن ، ( وما تلك بيمينك يا موسى) استفهام تقرير.
يقال: لم الخطيب العصا بيده؟ على المنبر والعصا بيده؟ وهم محجوبون بهذه الآية والحديث [ وهم محجوجون بفعل الرسول صلى الله عليه وسلم، وللعصا فوائد كثيرة، آخر فوائدها: أنها تذكر بالسفر إلى الآخرة]. [ رابعاً: سنة رعي الغنم للأنبياء] وقد قال نبينا صلى الله عليه وسلم: ( ما من نبي إلا وقد رعى الغنم. قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا، رعيت على قراريط لأهل مكة). [ خامساً: مشروعية التدريب على السلاح قبل استعماله في المعارك] مشروعية التدريب على السلاح قبل دخول المعركة، وهذا معمول به في العالم، لكن يجب أن نذكر أنه في القرآن. [ سادساً: آية موسى في انقلاب العصا حية وخروج اليد بيضاء كأنها الثلج أو شعاع شمس] آيتان من تسع آيات أعطاهما الله موسى ليحارب فرعون وقومه وحاربهم وانتصر والحمد لله وهلك فرعون والكافرون. [ سابعاً:] وأخيراً [ بيان الطغيان: وهو ادعاء العبد ما ليس له كالألوهية ونحوها]. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
26- الواو عاطفة (لي) الثاني متعلّق ب (يسّر). وجملة: (يسّر... ) معطوفة على جملة اشرح تأخذ إعرابها. 27- الواو عاطفة (من لساني) متعلّق بنعت لعقدة. وجملة: (احلل... ) معطوفة على جملة اشرح. 28- (يفقهوا) مضارع مجزوم جواب الطلب، وعلامة الجزم حذف النون.. والواو فاعل. وجملة: (يفقهوا... ) لا محلّ لها جواب شرط مقدّر غير مقترنة بالفاء أي إن تحلل عقدة لساني يفقهوا قولي.. 29- الواو عاطفة (لي) متعلّق بمحذوف مفعول به ثان (من أهلي) متعلّق بنعت ل (وزيرا). وجملة: (اجعل... 30- (هارون) بدل من (وزيرا) منصوب، (أخي) عطف بيان لهارون منصوب، وعلامة النصب الفتحة المقدّرة على ما قبل الياء... والياء مضاف إليه. 31- (اشدد) فعل أمر والفاعل أنت (به) متعلّق ب (اشدد). وجملة: (اشدد... 32- الواو عاطفة (أشركه) فعل أمر، والفاعل أنت، (في أمري) متعلّق ب (أشركه). وجملة: (أشركه... ) لا محلّ لها معطوفة على جملة اشدد.. 33- (كي) حرف مصدريّ ونصب (كثيرا) مفعول مطلق نائب عن المصدر فهو نعت له أي تسبيحا كثيرا. والمصدر المؤوّل (كي نسبّحك) في محلّ جرّ بلام مقدّرة متعلّق ب (اجعل). وجملة: (نسبّحك... ) لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (كي). 34- الواو عاطفة (نذكرك) مضارع معطوف على نسبّحك منصوب.. (كثيرا) مفعول مطلق نائب عن المصدر.. وجملة: (نذكرك... ) لا محلّ لها معطوفة على جملة نسبّحك.
الْقَوْل في تَأْويل قَوْله تَعَالَى: { وَمَا تلْكَ بيَمينك يَا مُوسَى}. يَقُول تَعَالَى ذكْره: وَمَا هَذه الَّتي في يَمينك يَا مُوسَى ؟ فَالْبَاء في قَوْله { بيَمينك} منْ صلَة تلْكَ, وَالْعَرَب تَصل تلْكَ وَهَذه كَمَا تَصل الَّذي; وَمنْهُ قَوْل يَزيد بْن مُفَرّع: عَدَسْ مَا لعَبَّادٍ عَلَيْك إمَارَة أَمنْت وَهَذَا تَحْملينَ طَليق كَأَنَّهُ قَالَ: وَاَلَّذي تَحْملينَ طَليق.