انظر: "المحلى بالآثار" (6/282). انظر: "أحكام القرآن" لابن العربي (2/349). انظر: "بدائع الفوائد" لابن القيم (2/249). انظر: "مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين" (3/278). انظر: "شرح أسماء الله الحسنى في ضوء الكتاب والسنة" لابن وهف القحطاني (ص98). انظر: "الفتاوى الكبرى" لابن تيمية (5/236-237). انظر: "جلاء الأفهام" لابن القيم (4/131).
انتهى من (شرح سنن أبي داود) للشيخ عبد المحسن العباد. والله تعالى أعلى وأعلم. 13 59 26, 438
فهذا لا يُقال في حقِّ النبي ﷺ، حاشاه، لكن في حقِّ غيره حينما يقول الإنسانُ: اللهم اغفر لي ما قدَّمتُ، وما أخَّرتُ ، فبعض أهل العلم يقول: ما يبقى بعد موته. فهنا أنت المقدّم يعني: بعض العباد إليك بالتَّوفيق بالطَّاعات، وأنت المؤخِّر لبعضهم بالخذلان -نسأل الله العافية-، فيجتبي مَن يشاء، ويخذل مَن يشاء، هذا احتمالٌ. الدعاء بعد التشهد الأخير - الشيخ صالح المغامسي - YouTube. أو أنت لمن شئتَ في مراتب الكمال تصطفي، وأنت المؤخِّر لمن شئتَ عن معالي الأمور؛ فيشتغل في الدَّنايا. وقد قيل: إذا أردتَ أن تعرف منزلتَك عنده؛ فانظر في ماذا استعملك؟ شغَّالٌ في ماذا؟ هذه الأنفاس تقضيها في ماذا؟ اهتماماتك ما هي؟ إذا أردتَ أن تعرف منزلتَك عند الله في ماذا سخّرتَ؟ إلى أي شيءٍ تتجه نفسك، ويُقبل قلبك، وتعمل جوارحك؟ فهنا الله يُقدِّم مَن يشاء، يصطفيه للأعمال الفاضلة، ويُؤخِّر مَن يشاء فيخذلهم؛ فيشتغلون في سفاسف الأمور ودناياها. وهكذا قول مَن قال: أنت الرَّافع، والخافض، والمعزّ، والمذلّ ، وهكذا قول الخطَّابي -رحمه الله-: أنَّه المنزّل للأشياء منازلها، يقدّم ما شاء منها، ويُؤخّر ما شاء، قدَّر المقادير قبل أن يخلق الخلق، هذا كلّه داخلٌ فيه، وقدَّم مَن أحبَّ من أوليائه على غيرهم من عبيده، ورفع الخلقَ بعضَهم فوق بعضٍ درجات، وقدَّم مَن شاء بالتَّوفيق إلى مقامات السَّابقين، وأخَّر مَن شاء عن مراتبهم، وثبَّطهم عنها، وأخَّر الشيء عن حين توقّعه؛ لعلمه بما في عواقبه من الحكمة، لا مُقدِّم لما أخَّر، ولا مُؤخِّر لما قدَّم [4] ، فهذا كلّه داخلٌ فيه.
يقول: وما أسررتُ، وما أعلنتُ ، "ما أسررتُ": ما أخفيتُ، "ما أعلنتُ" يعني: ما أظهرتُ، وما أسرفتُ؛ يعني: جاوزتُ فيه الحدّ. فهذا يقوله مُبالغةً في طلب الغُفران بذكر أنواع العصيان: السّر، والعلانية، ما تقدَّم، وما تأخَّر. وما أنت أعلمُ به مني يعني: مما لا أعلمه من ذُنوبي عددًا، ولا حصرًا، ولا حكمًا، مع أنَّ العبدَ حينما يدعو بمثل هذا الدُّعاء: اغفر لي ما قدَّمتُ، وما أخَّرتُ يرد عليه معنى زائد على ما يُقال في حقِّ النبي ﷺ، فإنَّ العُلماء يذكرون معنًى في أدعيةٍ أخرى مما يقوله العبدُ فيما يتَّصل به، أمَّا النبي ﷺ فلا يُقال ذلك في حقِّه -عليه الصَّلاة والسَّلام-.