وعن الأسباب التي تدفع به إلى الحياة في هذه الصحراء، "نريد أن نعيش في الرزق الحلال. لا نريد أن نكون قطّاع طرق. نذهب مع المواشي للري والرعي، وإلاّ المتاعب كثيرة. الماء بعيد منّا، لكن مقابل الرزق الحلال لا توجد مشقة. نحن نقطع حوالى سبعين كيلومتراً إلى منطقة تُسمى ريدان لنأتي بالماء". مصير التعليم وعن أعداد البدو الرحل الذين يقطنون الصحراء "أعدادهم كبيرة. صحراء واسعة لا يوجد فيها إلاّ أهل الخيام المساكين"، ويقصد بهم البدو. اليمن... بدو الربع الخالي صامدون برغم المعاناة | اندبندنت عربية. وعن تلقي أبنائهم التعليم، يوضح "نأخذهم عند أقرباء لهم في مأرب ليدرسوا. وفي العطلة، نعيدهم معنا في الرحلة. كنتُ قد جئتُ بمدرِّس إلى البيت لكنه رفض البقاء، سألناه "لماذا"؟ فقال "هذه صحراء من يقدر على العيش فيها"؟ سامحه الله، لذلك ذهبنا بالأولاد إلى مأرب". وحول تأثر حياة البدو الرحل في سيطرة الحوثيين على البلاد، يقول العبيدي "تضررت اليمن بكاملها. غلاء في كل الأسعار. أسعار البترول والمواد الغذائية. الحروب لا تولّد إلاّ الدمار على الشعوب. المئات من أبناء مأرب راحوا ضحية الحرب". وعن العلاقات التي تجمعهم بالبدو في دول الجوار، يشرح "كانت تربطنا علاقة قوية. الآن، لا تربطنا بهم أي علاقة.
كانوا يتمتعون ــ أي آل مرة ــ بما يمكن تسميته بالتواضع الارستقراطي الذي كان ظاهرا في أعمالهم وأحاديثهم، فهم يرفضون العيش في المدينة لأنها ملوثة ماديا واجتماعيا، ويفضلون الصحراء حيث بإمكانهم الحصول على حياة نقية ونظيفة كما يقولون". وعندما تحدث عن الربع الخالي قال "ويظن بعض سكان المملكة العربية السعودية وكذلك بعض الأجانب أن الربع الخالي يعني بالفعل أنه خال من كل شيء، ويؤكد كل من ديكسون وثيسجر أن البدو الذين تعرفوا عليهم لم يسمعوا باسم الربع الخالي من قبل ما دعاهم للتفكير بأن هذا الاسم كان يستخدم فقط من قبل سكان المدن الذين يجهلون كل شيء عن حياة الصحراء، ويخافون من تلك المنطقة بحجة أنه بإمكان الجن والشياطين فقط العيش فيها". وذكر أنه في عام 1968 و1969 توفر المرعى وتحسنت صحة الإبل وزاد عدد الغزلان في الربع الخالي كانت تعج فيما مضى بالحيوانات البرية مثل الغزلان والأبقار الوحشية وطيور النعام. من أمريكا إلى الربع الخالي ليعيش مع بدو البدو | صحيفة الاقتصادية. اقتفاء الأثر واستعانة الشرطة بهم وعند حديث المؤلف عن مهارات المعرفة الخاصة بالبدو ذكر أن سكان المدن والقرى في الجزيرة العربية يضربون الأمثال بفطنة البدو ومهاراتهم وقدرتهم على العيش في الصحراء، ويعتبرون بعض مواهبهم حاسة سادسة يفتقر إليها أهل المدن ثم يورد المؤلف بعض مهارات البدو فيقول: "وترتبط معظم مهارات البدو ومعرفتهم بشكل مباشر بأنشطة الرعي التي تتطلب في آن واحد دقة الملاحظة ومعرفة دقيقة وشاملة بالميزات الجغرافية والنباتات الصحراوية، والحيوانات ويتمتع البدوي المتوسط بمعرفة عميقة بالتسلسل الأسري، كما يمكنه إلقاء الأشعار والتحدث عن التقاليد العربية لساعات طويلة".
والإنسان البدائي ليست له سلطة تذكر على الحيوانات التي يصطادها، فهو لا يغذيها ولا يربيها ولا ينميها وهي لا تعتمد عليه في شيء البتة. أما البدوي فإن حيواناته لا تستطيع البقاء بدون رعايته وقيامه على خدمتها، فهو يرعاها ويسقيها ويحميها من الوحوش ويعالجها إذا مرضت ويجلب لها الفحل ويساعدها أثناء الولادة ويستنسل الأنواع الجيدة منها. وانتفاع البدوي من حيواناته لا يقتصر على أكلها، كما هي الحال بالنسبة للإنسان البدائي، بل هو يستفيد من حلبها وركوبها كما يستفيد من صوفها وجلودها وعظامها. كل هذه النشاطات المرتبطة بعلاقة البدوي بحيواناته، بما تتطلبه من أدوات وتقنيات ومهارات ومعارف، تشكل ثقافة أرقى من أن نقول عنها أنها بدائية. لذا لا يجوز لنا مقارنة البداوة بالبدائية لأنها تختلف عنها نوعيا وتتفوق عليها بمراحل من الناحية الثقافية ولأن متطلبات الحياة الرعوية لا تقل عن متطلبات الحياة الزراعية من حيث المستوى التكنولوجي ومستوى التنظيم السياسي والاجتماعي. وفي إطلاق صبغة البدائية وصفة التوحش على البدو تجاهل لحقيقة أنثروبولوجية مفادها أن المجتمعات البدائية بطبيعتها مجتمعات صغيرة معزولة ليس لها أي احتكاك بالمجتمعات المتحضرة، وحالما يحدث هذا الاحتكاك، خصوصا إذا كان مكثفا ومتصلا، يبدأ المجتمع البدائي في التغير بفعل تأثيرات الحضارة الأقوى.
لم يعد اليوم هناك بدو البدو، بل لم يعد هناك بدو رحل في المفهوم الذي عرفته الجزيرة العربية خلال قرون. لقد تغير العالم من حولهم وتغيروا وفق ذلك العالم ودخلوا في عالم آخر، ومع كل ذلك لازال ذلك الحنين ضاربا في سلالاتهم، حيث لازالت بعض ابلهم تجوب الانحاء.. ولكنها لم تعد تعتمد على ذلك التوازن القديم في بيئة يدركون خيرها وشحها.. إلا انها أعطتهم - مع قسوتها - القدرة على الحياة، بل والامتداد في عمق عروق تلك الصحراء ووديانها. إنهم يعيشون اليوم هم وابلهم على عوائد هذه الثروة التي اختزنتها الارض لملايين السنين حتى تفجرت في القرن الماضي لتغير ملامح كل شيء في حياتهم. السؤال، ماذا لو انحسرت عوائد الثروة النفطية الناضبة.. هل هناك امكانية لعودة حياة بدو رحل خبروا تلك الصحراء وعاشوا على رمالها وأطعمتهم نوقهم الصابرة التي ترعى في أرجائها.. بل السؤال ايضا، هل كان يمكن الاحتفاظ بتلك الحياة لكن مع تطويرها ومنحها وسائل افضل.. دون ان تفقد مواردها التي طالما أعاشت وغذت أجيالهم جيلا بعد جيل! ؟