فلنجاهد أنفسنا في تغير حالنا حتى يُغير الله ما نزل بنا, ونحن إن فعلنا هذا فلن نرى من ربنا الكريم الرحيم إلا كل خير. كتبه/فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ
وقد قال الإمام السِّعديُّ ــ رحمه الله ــ في "تفسيره" عند هذه الآية: ومِن ذلك: أنَّ العباد إذا كثُر ظلمُهم، وفسادُهم، ومنْعُهم الحقوق الواجبة، ولَّىَ الله عليهم ظلمة، يسومونهم سوءَ العذاب، ويأخذونَ مِنهم بالظلم والجور أضعافَ ما منَعوا مِن حقوق الله، وحقوق عباده، على وجهٍ غير مأجورين فيه، ولا محتسبين، كما أنَّ العباد إذا صلحوا واستقاموا، أصلحَ الله رُعاتَهم، وجعلَهم أئمةَ عدلٍ وإنصاف، لا وُلاةَ ظلمٍ واعتساف.
وهو تعقيب على قوله سبحانه قبل ذلك (من كان يريد العاجلة عجّلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثمّ جعلنا له جهنّم يصلاها مذموما مدحورا. ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا). القانون متعلّق بما سبقه فلا يفهم إلاّ في سياقه. (كلاّ) معناها: كلاهما سواء الذين يريدون العاجلة أو الذين يريدون الآخرة. هؤلاء وأولئك في عطاء الدّنيا سواء. ولكن بحسب إرادتهم التي تكرّرت مرّتين. فلا مدّ لا لهؤلاء ولا لهؤلاء إلاّ بإرادة من هؤلاء وأولئك على حدّ سواء. وأكّد ذلك بقوله (وما كان عطاء ربّك محظورا) فما كان ممنوعا لا على مريدي العاجلة ولا على مريدي الآخرة. ولكنّ العبرة كلّها هنا بالإرادة. هذا قانون الدّنيا كلّها بمؤمنيها وكافريها. لا يغير الله ما بقوم - لن يغير الله ما بقوم حتى؟. إذ يغدق سبحانه فيها على كلّ من طلبها وسعى لها سعيها وهو مثابر فيها بغضّ النّظر عن هويته الدينية. جاء هذا القانون مؤكّدا بنون العظمة التي عادة ما يتحدّث بها ربّ العزّة عن نفسه لعلّ النّفوس تستعظم ذلك وتخشى فتأخذ الأمر بجدّ لا هزل معه. لمّا أراد التّسوية بينهما في العطاء الدّنيويّ لم يقل (هؤلاء وأولئك) حتّى يميّز بينهم. إنّما جمعهم في قوله (هؤلاء) فحسب. دقّة عجيبة ساحرة تخلب الأبصار وتغري الأفئدة وهي تتدبّر هذا النّظم القرآنيّ العجيب.
كيف يستطيع الإنسان تغيير ما بنفسه، وهو لا يملك أمره ؟ أعطى الله لعباده عقولًا، وأعطاهم الأدوات، وأعطاهم أسباب يستطيعون بها أن يتحكموا فيما يريدون من جلب خير ودفع شر، وهم بذلك لا يخرجون عن مشيئته كما قال تعالى: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [التكوير: 28 – 29]، وقد سئل النبي صل الله عليه وسلم: قالوا: يا رسول الله إن كان ما نفعله قد كتب علينا وفُرغ منه، ففيم العمل؟ قال عليه الصلاة والسلام: «اعملوا فكل ميسر لما خلق له». فالواجب الحذر، وعلى المؤمن ان يتقي الله، ويسعى في الحق، وأن يستقيم عليه، وألا يحيد عنه إلى الباطل، فإنه متى حاد عنه إلى الباطل، فقد تعرض إلى غضب الله بان يغير قلبه، وأن يغير ما به من نعمة إلى ضدها من جدب وقحط وفقر وحاجة وغير ذلك، والعكس، إذا كانوا في معاصٍ وشرور وانحراف ثم توجهوا إلى الحق وتابوا إلى الله ورجعوا إليه، واستقاموا على دينه، فإن الله يغير ما بهم سبحانه من الخوف والفقر والاختلاف والتشاحن إلى أمن وعافية واستقامة.
عندما يقرر الإنسان أن يقبل السلام. من يدري فقد يخرج من سوريا المنكوبة من يقود كل العرب نحو الحياة. هذا يحدث لمن جرب الحرب وويلاتها وآمن بيقين أن السلام هو الحل. كلامك يكتب بالذهب "السلام " فعلا هذا فقط ما نحتاجه…….. فعلا متل ما قلت حضرتك كلمة معناها عميق وتحتاج للتضحية لتوصل لكل مواطن………. شكرا استاذ دائما كلامك بلسم س: أستاذي ، المقال هذا جاء في وقت انتشار الأخبار عن محنة إخواننا السوريين ولذلك أظنه يعني موضوعهم. اذا كان فهمي صحيح فاسمح لي ان اختلف معك في طريقة عرض الآية. اولا اتفق معك على مفهوم الآية ان ما يصيب امتنا (سوريين وفلسطينيين ومصريين وخليجيين…. الخ) هو بسبب أنفسنا. ولتغيير واقعنا فعلينا ان نغير أنفسنا اولا. لكن أخشى ان يفهم البعض من كلامك ان معنى الآية انه لا حقوق علينا تجاه إخواننا المصابيين. يجب علينا وعلى حكوماتنا ان نقدم لهم المساعدة بالقدر الذي نستطيع. نستطيع إيواء النازحين منهم في بلادنا وفي بيوتنا ونستطيع ان نساعدهم ماليا واقتصاديا ونستطيع ان ندعوا الله لهم ان يخفف عنهم وينصرهم، وواجب علينا ان نهتم لأمرهم لان المسلمين المفروض ان يكونوا جسدا واحدا. اما تغيير ما في داخل النفوس فهذا ما لا يستطيعه الا الله واصحاب النفوس ذاتها.
وقدْ أحسنَ القائلُ: إِذَا كُنْتَ فِي نِعْمَةٍ فَارْعَهَا … فَإِنَّ الذُّنُوبَ تُزِيلُ النِّعَمْ وَحُطْهَا بِطَاعَةِ رَبِّ الْعِبَادِ… فَرَبُّ الْعِبَادِ سَرِيعُ النِّقَمْ. اهـ أكرمني اللهُ تعالى وإيَّاكم بتوبةٍ نَصوح مِن عنده، وموتٍ على لا إله إلا الله، وخاتِمَةٍ طيبة، إنَّه جواد كريم. الخطبة الثانية: ـــــــــــــــــــــ الحمد لله القويِّ القاهر، الحليمِ الغافر، الذي خلقَ الكون ودبَّره، وأمضى فيه حُكمَه وقدَرَه، والصلاة والسلام على عبده ورسوله محمدٍ الهادي إلى رضوانه، وعلى آله وأصحابه وأتباعه.