[٦] فمن خلال هذا الشرح للمكان ندرك وجود شخص مقبوض عليه وهو متهم في قضية كبيرة وإلا ما وقف على باب غرفته جنديان، أما عندما تحدث عن بيت محي الدين فقد أوحى للقارئ بأن هذا البيت بسيط كما هي العائلة التي تسكنه. [٧] ومما يلفت انتباه أن الكاتب استخدم على الغالب الأماكن المغلقة، السجن، البيت، ولكن عندما بات تظهر علامات الفرج والحرية بدأ يخرج من الأماكن المغلقة إلى المفتوحة بشيء من التدرج حتى وصل إلى الثورة التي عمت جميع الشوارع وكأن المكان قد ارتبط بهذه الأحداث. [٥] السارد أو الراوي تمتع السارد أو الراوي عند إحسان عبد القدوس في روايته بحرية التنقل مع أبطال روايته، ودخول بيوتهم وغرفهم وحتى عقولهم وكان يحلل الشخصيات ويشرحها للكاتب. في بيتنا رجل pdf. [٨] انظر مثلا ما يقول عن نوال أخت محي الدين ولقائها مع إبراهيم "ووقف في الصالة الصغيرة، ينظر إليها نفس النظرة القوية، لم تكن نظرة قوية فحسب... كان فيها تحد... وتعلقت بنظراته كأنها فراشة لا تستطيع أن تبتعد عن النار"، [٩] أما خطاب السرد فكان على شكل سرد مباشر وغير مباشر وذاتي [٨] المراجع ↑ سطام عواد نايف القويدر، تحليل رواية في بيتنا رجل ، صفحة 415-416. بتصرّف. ^ أ ب ت سطام عواد نايف القويدر، تحليل رواية في بيتنا رجل ، صفحة 416.
إن قراءة هذه الرواية في الزمن الحاضر يطرح في الأذهان والعقول تساؤلات ذات أهمية قصوى خاصة أن في هذه الأيام اختلفت فيه الأوضاع واختلطت فيه الأوراق وشوهت فيه الكثير من القيم والمبادئ. حتى أصبحنا لا نستطيع التفريق بين الانتماء والتخريب و بين الفدائي والإرهابي، إن مقاومة الخيانة والعمالة والفساد انتماء، والتخريب والقتل إرهاب. وهناك فرق كبير بين ما قام به إبراهيم وما يقوم به هؤلاء أو اولائك مرة باسم الدين و أخرى باسم الوطنية و ثالثة باسم التاريخ أو الإديولوجية، ان هذا الفرق يشبه الفرق بين الليل والنهار وبين الأسود والأبيض و هو مثل الفرق بين الفدائي والإرهابي بل انه الفرق بين الصواب والخطأ.
تنهل أصول تلك الواجهة حيثياتها من مخزون محلي بيتي ظهرت أعراضه الصاخبة بانتقاضة "17 تشرين" 2019 وما تلاها، وتستقوي بتقاليد مؤسساتية لبنانية عتيقة لطالما اعتبرت ساقطة متقادمة داخل مستنقع السلطة والفساد والسلاح، وتستند على مناقبية وظيفية قد تنسحب سريعا على مؤسسات أخرى (العسكرية والأمنية مثلا) تعيد تعويم الدولة منطقا أصيلا ووحيدا مقاوما لورم السقوط إلى درك الدويلة. أعلن نصر الله جهارا الحرب على رجل واحد بعينه. تحرّكت الثنائية الشيعية من خلال أحد وزرائها في الحكومة مهددا بأن "تروا ما لم ترونه من قبل" إذا لم يتم التخلص من هذا الرجل بالذات. وزّع جيش الكتروني رسائل صوتية تبلغ الأنصار بالجهوزية والاستعداد "لأن الوضع صعب" (لماذا صعب؟!! ). رُتبت كل عدّة الشغل لتكرار جولات سبق للبلد أن خبر عفنها لإرهاب لبنان واللبنانيين وكل الطبقة السياسية، الحلفاء منهم قبل الخصوم. في بيتنا رجل روايه احسان. كل ذلك جرى لإزاحة رجل واحد عن مهمة كُلف بها بعد أن أزاحت الضغوط سلفا له. تنتفخ مخازن حزب الله بترسانة استراتيجية من الصواريخ، لا سيما تلك الدقيقة التي تقلق إسرائيل. هدد الأمين العام يوما بطرد القوات الأميركية من الشرق الأوسط. ينشر الحزب ورشاته "الجهادية" في سوريا واليمن والكويت والبحرين، حتى أن أحد قادته يُشرف على تدبير أمر ميليشيات إيران في العراق بالتوازي والتناوب مع الجنرال إسماعيل قآاني.
وصلت اهتزازات الصفعة التي وجهتها صناديق الاقتراع في العراق إلى ميليشيات إيران هناك إلى حزب الله في لبنان. إحدى رسائل الانتخابات العراقية الأخيرة تكشف أن مزاج الناخب ما بعد "تشرين" العراق بات معادياً للواجهات السياسية التابعة مباشرة لطهران بما يستشرف أن يفصح مزاج الناخب ما بعد "تشرين" في لبنان عن نفس التحوّل في الانتخابات النيابية المقبلة في هذا البلد. على هذا نفهم توق حزب القوات اللبنانية (وقوى سياسية أخرى) إلى إجراء هذه الانتخابات بصفتها الآلية الناجعة والوحيدة المتاحة لإجراء أي تغيير في منظومة الحكم الراهنة. في بيتنا رجل by إحسان عبد القدوس. وعلى هذا نستنتج أن إبعاد الاستحقاق الانتخابي قد يكون خياراً لدى حزب الله وحلفائه لتجنب الخضوع لمفاجآت ليست في موعدها داخل سياق التحولات الجارية والمنتظرة في كل المنطقة. وتمثل ظاهرة القاضي البيطار ظاهرة متقدمة عن أعراض تغير في قواعد اللعبة التي احتكر حزب الله التحكم بمفاصلها منذ انسحاب الوصاية السورية من لبنان. وعلى الرغم من أن البيطار يمثل "حالة" نادرة في معاندة المنظومة السياسية في البلد، إلا أن الدعم الذي تلقاه من قبل المؤسسة القضائية اللبنانية (ووزراء من داخل الحكومة لاحقا) يؤشّر إلى أن ما هو مميّز مختلف لافت في طباع الرجل يُقابل ببيئة مؤسساتية حاضنة قلما أظهرتها "الدولة العميقة" (إذا جاز التعبير) في لبنان.
يجلس الحزب على قوة عسكرية استراتيجية يُحسب لها ألف حساب لدى العواصم ويعتبرها سعد الحريري قدرا إقليميا دوليا لا قدرة للبنان على معاندته. ومع ذلك يرتجف هذا الحزب من ذاك الرجل بالذات. في طهران من بدأ يتساءل حول حقيقة سيطرة حزب الله (الذي تستثمر فيه إيران غاليا) على مقاليد الأمور في البلد. كان الجنرال قاسم سليماني قد أعلن بعد الانتخابات التشريعية الماضية عام 2018 أن الحزب يسيطر على 70 بالمئة من مجلس النواب في لبنان، فيما أعلن منبر إيراني آخر أن بيروت ساقطة تماما داخل النفوذ الإيراني مثلها مثل دمشق وبغداد وصنعاء. خيّل لوزير خارجية إيران حسين أمير عبد اللهيان في زيارته الأخيرة إلى لبنان أنه يجول داخل محافظة إيرانية فيعدُ بالكهرباء والوقود والدواء والبناء… إلخ. فكيف لرجل واحد أن يقف أمام الفتح الإيراني المبين. منذ ولادته قدّم حزب الله نفسه مدافعا عن الشيعة في لبنان. في بيتنا رجل - روتانا | Rotana. نهل كثيرا من ثقافة "المحرومية" التي راجت قبل ذلك في صفوف الطائفة ليتقدم حاميا منتصرا لحقوقها. غير أن الحزب بدا في الأيام الأخيرة هو من يحتاح إلى الاحتماء بالطائفة والاستقواء بها. ناشدها واستدعى العصبية المذهبية لديها واستصرخ فيها العزّة للخروج إلى الشارع والزحف لـ "قبع" هذا الرجل.