قرأت عن حديث النفس وقتها، وشعرت باطمئنان والله أنه كان كذلك، لكنني أرجع وأتذكر الموقف وألوم نفسي؛ كيف أنني قلت ذلك عن هذه الإنسانة بالتحديد، وأكلم نفسي بصوت مسموع. وعدت أقرأ عن حديث النفس وفهمت المقصود منه، والآن أفكر في الكلمة قبل أن أقولها للناس، ولم أكن أعرف لما طلعت الكلمة أن هناك ملائكة تسجل كلام الإنسان حتى ولو كان لوحده في مكان منعزل، وعرفت أن قولي لم يكن حديث النفس، وممكن أن أكره نفسي كلما تذكرت الموقف. بعدها تعبت وكانت نفسيتي غير مرتاحة، فخطر ببالي أن أقرأ عن السيئات، ففرحت عندما عرفت أن السيئة لا تسجل إلا بعد ساعات، وأنا وقتها ندمت، وأذكر والله وأعلم أنني استغفرت، لكن متأكدة أنني لم أكن مرتاحة نفسيا لما صار، وتعبت كيف أقول هذا الكلام عن هذه الإنسانة وأنا أحبها، حتى قبل أن أكتب لكم سألت كثيرا عن هذا الشيء، وأنا تعبت جدا.
وروى العَوْفيُّ عن ابنِ عباس ما يدلُّ على مثل هذا القول... " انتهى ، من جامع العلوم والحكم: شرح الحديث السابع والثلاثين (2/343-353) باختصار، وتصرف يسير. والخلاصة: أن من هم بالحسنة والخير ، وعقد قلبه وعزمه على ذلك ، كتب له ما نواه ، ولو لم يعمله ، وإن كان أجر العامل أفضل منه وأعلى. ومن هم بسيئة ، ثم تركها لله ، كتبت له حسنة كاملة. ومن هم بسيئة ، وتركها لأجل الناس ، أو سعى إليها ، لكن حال القدر بينه وبينها ، كتبت عليه سيئة. ومن هم بها ، ثم انفسخ عزمه ، بعد ما نواها ، فإن كانت مجرد خاطر بقلبه ، لم يؤاخذ به ، وإن كانت عملا من أعمال القلوب ، التي لا مدخل للجوارح بها ، فإنه يؤاخذ بها ، وإن كانت من أعمال الجوارح ، فأصر عليها ، وصمم نيته على مواقعتها ، فأكثر أهل العلم على أنه مؤاخذ بها. قال النووي رحمه الله ـ بعد ما نقل القول بالمؤاخذه عن الباقلاني ـ: " قال القاضي عياض رحمه الله عامة السلف وأهل العلم من الفقهاء والمحدثين على ما ذهب إليه القاضي أبو بكر ، للأحاديث الدالة على المؤاخذة بأعمال القلوب. هل يحاسب الله العبد على مجرد حديث النفس ؟؟. لكنهم قالوا: إن هذا العزم يكتب سيئة ، وليست السيئة التي هم بها لكونه لم يعملها وقطعه عنها قاطع غير خوف الله تعالى والإنابة ، لكن نفس الإصرار والعزم معصية ، فتكتب معصية ؛ فإذا عملها كتبت معصية ثانية فان تركها خشية لله تعالى كتبت حسنة ، كما في الحديث إنما تركها من جراي فصار تركه لها لخوف الله تعالى ومجاهدته نفسه الأمارة بالسوء في ذلك وعصيانه هواه حسنة ، فأما الهم الذي لا يكتب فهي الخواطر التي لا توطن النفس عليها ولا يصحبها عقد ولا نية وعزم) انتهى.
اهـ وذكر أيضاً عن الحسن قال: لا تلقى المؤمن إلا يحاسب نفسه، وماذا أردت تعملين؟ وماذا أردت تأكلين؟ وماذا أردت تشربين؟ والفاجر يمضي قدماً قدماً لا يحاسب نفسه ـ وقال قتادة في قوله تعالى: وكان أمره فرطا ـ أضاع نفسه وغبن مع ذلك، تراه حافظاً لماله مضيعاً لدينه، وقال الحسن: إن العبد لا يزال بخير ما كان له واعظ من نفسه وكانت المحاسبة من همته، وقال ميمون بن مهران: لا يكون العبد تقياً حتى يكون لنفسه أشد محاسبة من الشريك لشريكه، ولهذا قيل: النفس كالشريك الخوان إن لم تحاسبه ذهب بمالك. هل يحاسب الإنسان عما يدور في نفسه من الخير والشر - الإسلام سؤال وجواب. اهـ. أما بالنسبة لمحاسبة المرء على ما يقول بينه وبين نفسه: فإننا قد بينا في فتاوى كثيرة منها الفتوى رقم: 6803 ، أن الإنسان لا يحاسب على حديث النفس مادام لم يتكلم به. وإن كان لا يحاسب عليه فمعناه أنه معفو عنه، ولن يفضح به بين الخلائق، أما ما سوى حديث النفس مما يتلفظ به الإنسان بلسانه أو يعمله بجوارحه عن قصد، وكذا أعمال القلوب، فإن ذلك يكتب في صحيفته، فإن تاب منه وأناب فإنه لا يفضح به أيضا على رؤوس الأشهاد، بل يغفر له ربه، ويتوب عليه، ويمحو سيئاته، ويبدلها حسنات، ويستره في الآخرة. وإن لم يتب منه فهو تحت مشيئة الله إن شاء عفا عنه، وإن شاء عذبه، وقد دلت النصوص على أن المؤمن لا يفضحه الله بذنوبه، جاء في صحيح البخاري عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله يدني المؤمن، فيضع عليه كنفه ويستره، فيقول: أتعرف ذنب كذا، أتعرف ذنب كذا؟ فيقول: نعم أي رب، حتى إذا قرره بذنوبه، ورأى في نفسه أنه هلك، قال: سترتها عليك في الدنيا، وأنا أغفرها لك اليوم، فيعطى كتاب حسناته، وأما الكافر والمنافقون، فيقول الأشهاد: هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين {هود: 18}.
وكما قلنا: كلما ذكرك ذلك العدو عليك ان تجددى الاستغفار و الذكر و التوبه و الرجوع الى الله تبارك و تعالى-، فتكسبى بذلك حسنات، وترتفعى بذلك عند الله درجات، وتغيظى عدونا الشيطان، الذى همة ان يحزن اهل الايمان. نسال الله لك التوفيق و السداد، ونكرر: لا تتوقفى عند ذلك المشهد، فان الغفور الرحيم يمحو هذي الذنوب و يقبل التوبه عن عبادة سبحانة و تعالى-. حديث النفس هل يحاسب عليه السلام. واسعدنا و اعجبنا كذلك انك رجعت بسرعه و استغفرت، فلن يكتب ذلك الذنب باذن الله و فضلة و منه. نسال الله لك التوفيق و السداد. هل يحاسب الانسان على حديث النفس تعبت من حديث النفس حديث النفس بصوت مسموع هل يحاسب حديث النفس هل يحاسب عليه الله 717 مشاهدة
ثم قال رحمه الله: " النوع الرابع: الهمُّ بالسَّيِّئات من غير عملٍ لها ، ففي حديث ابن عباس: أنَّها تُكتب حسنةً كاملةً ، وكذلك في حديث أبي هريرة وأنس وغيرهما أنَّها تُكتَبُ حسنةً ، وفي حديث أبي هريرة قال: ( إنَّما تركها مِن جرَّاي) [ مسلم 129] ، يعني: من أجلي. وهذا يدلُّ على أنَّ المرادَ مَنْ قَدَرَ على ما همَّ به مِنَ المعصية ، فتركه لله تعالى ، وهذا لا رَيبَ في أنَّه يُكتَبُ له بذلك حسنة ؛ لأنَّ تركه للمعصية بهذا المقصد عملٌ صالحٌ. هل يحاسب الإنسان على حديث النفس إن كان بصوت مسموع - إسلام ويب - مركز الفتوى. فأمَّا إن همَّ بمعصية ، ثم ترك عملها خوفاً من المخلوقين ، أو مراءاةً لهم ، فقد قيل: إنَّه يُعاقَبُ على تركها بهذه النيَّة ؛ لأنَّ تقديم خوفِ المخلوقين على خوف الله محرَّم. وكذلك قصدُ الرِّياءِ للمخلوقين محرَّم ، فإذا اقترنَ به تركُ المعصية لأجله ، عُوقِبَ على هذا الترك... قال الفضيلُ بن عياض: كانوا يقولون: تركُ العمل للناس رياءٌ ، والعمل لهم شرك. وأمَّا إنْ سعى في حُصولها بما أمكنه ، ثم حالَ بينه وبينها القدرُ ، فقد ذكر جماعةٌ أنَّه يُعاقَب عليها حينئذٍ لحديث: ( ما لم تكلَّمْ به أو تعمل) ، ومن سعى في حُصول المعصية جَهدَه ، ثمَّ عجز عنها ، فقد عَمِل بها ، وكذلك قولُ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: ( إذا التقى المسلمان بسيفيهما ، فالقاتِلُ والمقتولُ في النَّار) ، قالوا: يا رسول الله ، هذا القاتلُ ، فما بالُ المقتول ؟!
قال أبو الدرداء: من أتى فراشه ، وهو ينوي أن يُصلِّي مِن اللَّيل ، فغلبته عيناه حتّى يصبحَ ، كتب له ما نوى... وروي عن سعيد بن المسيب ، قال: من همَّ بصلاةٍ ، أو صيام ، أو حجٍّ ، أو عمرة ، أو غزو ، فحِيلَ بينه وبينَ ذلك ، بلَّغه الله تعالى ما نوى. وقال أبو عِمران الجونيُّ: يُنادى المَلَكُ: اكتب لفلان كذا وكذا ، فيقولُ: يا ربِّ ، إنَّه لم يعملْهُ ، فيقول: إنَّه نواه. وقال زيدُ بن أسلم: كان رجلٌ يطوفُ على العلماء ، يقول: من يدلُّني على عملٍ لا أزال منه لله عاملاً ، فإنِّي لا أُحبُّ أنْ تأتيَ عليَّ ساعةٌ مِنَ الليلِ والنَّهارِ إلاَّ وأنا عاملٌ لله تعالى ، فقيل له: قد وجدت حاجتَكَ ، فاعمل الخيرَ ما استطعتَ ، فإذا فترْتَ ، أو تركته فهمَّ بعمله ، فإنَّ الهامَّ بعمل الخير كفاعله.
قال الغزالي رحمه الله تعالى:.. فهذا إنما يرجى لعبد مؤمن ستر على الناس عيوبهم، واحتمل في حق نفسه تقصيرهم، ولم يحرك لسانه بذكر مساويهم، ولم يذكرهم في غيبتهم بما يكرهون لو سمعوه، فهذا جدير بأن يجازى بمثله في القيامة. اهـ. هذا، وننبه إلى أن ما يتحدث عنه السائل من محاسبته لنفسه ليس ذنبا حتى يفضح به بين الخلائق يوم القيامة، بل أمر أمر محمود يثاب عليه ـ إن شاء الله ـ وراجع لمزيد الفائدة الفتويين رقم: 243019 ، ورقم: 67094. والله أعلم
حدثنا ابن عبد الأعلى قال: ثنا ابن ثور ، عن معمر قال: كان المسلمون إذا رأوا المنافقين خلوا يتناجون ، يشق عليهم ، فنزلت: ( إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا). وقال آخرون: عني بذلك أحلام النوم التي يراها الإنسان في نومه فتحزنه. حدثنا ابن حميد قال: ثنا يحيى بن داود البلخي قال: سئل عطية - وأنا أسمع - الرؤيا ؟ فقال: الرؤيا على ثلاث منازل ، فمنها وسوسة الشيطان ، فذلك قوله: ( إنما النجوى من الشيطان). ومنها ما يحدث نفسه بالنهار فيراه بالليل. إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا - مع القرآن (من الأحقاف إلى الناس) - أبو الهيثم محمد درويش - طريق الإسلام. ومنها كالأخذ باليد. وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: عني به مناجاة المنافقين بعضهم بعضا بالإثم والعدوان ، وذلك أن الله - جل ثناؤه - تقدم بالنهي عنها بقوله: ( إذا تناجيتم فلا تتناجوا بالإثم والعدوان ومعصية الرسول) ، ثم عما في ذلك من المكروه على أهل الإيمان ، وعن سبب نهيه إياهم عنه ، فقال: ( إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا. ) فبين بذلك - إذ كان النهي عن رؤية المرء في [ ص: 243] منامه كان كذلك ، وكان عقيب نهيه عن النجوى بصفة - أنه من صفة ما نهى عنه. وقوله: ( وليس بضارهم شيئا إلا بإذن الله) يقول - تعالى ذكره -: وليس التناجي بضار المؤمنين شيئا إلا بإذن الله ، يعني بقضاء الله وقدره.
عن عائشة قالت: دخل على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يهود، فقالوا: السام عليك يا أبا القاسم، فقالت عائشة: وعليكم السام، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم:(ياعائشة إن اللّه لا يحب الفحش ولا التفحش) قلت: ألا تسمعهم يقولون: السام عليك؟ فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم:(أو سمعت ما أقول وعليكم؟) فأنزل اللّه تعالى: { وأذا جاءوك حيوك بما لم يحيك به اللّه} ""أخرجه ابن أبي حاتم"".
عن عائشة قالت: دخل على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يهود، فقالوا: السام عليك يا أبا القاسم، فقالت عائشة: وعليكم السام، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم:(ياعائشة إن اللّه لا يحب الفحش ولا التفحش) قلت: ألا تسمعهم يقولون: السام عليك؟ فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم:(أو سمعت ما أقول وعليكم؟) فأنزل اللّه تعالى: {وأذا جاءوك حيوك بما لم يحيك به اللّه} ""أخرجه ابن أبي حاتم"".
{ { لِيَحزن الَّذِينَ آمَنُوا}} هذا غاية هذا المكر ومقصوده، { { وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ}} فإن الله تعالى وعد المؤمنين بالكفاية والنصر على الأعداء، وقال تعالى: { { وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ}} فأعداء الله ورسوله والمؤمنين، مهما تناجوا ومكروا، فإن ضرر ذلك عائد إلى أنفسهم، ولا يضر المؤمنين إلا شيء قدره الله وقضاه، { { وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}} أي: ليعتمدوا عليه ويثقوا بوعده، فإن من توكل على الله كفاه، وتولى أمر دينه ودنياه #أبو_الهيثم #مع_القرآن 5 0 13, 276