وبهذا الإسناد عن محمد بن إسماعيل، قال: حدثنا مسدد، عن هشيم، عن أبي بشر بإسناده مثله وزاد ﴿ وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا ﴾ أسمعهم، ولا تجهر؛ حتى يأخذوا عنك القرآن. قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيما تدعوا. وقال قوم: الآية في الدعاء وهو قول عائشة رضي الله عنها، والنخعي، ومجاهد، ومكحول: أخبرنا عبدالواحد المليحي، أخبرنا أحمد بن عبدالله النعيمي، أخبرنا محمد بن يوسف، حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا طلق بن غنام، حدثنا زائدة، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها، في قوله: ﴿ وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا ﴾، قالت: "أُنْزِل ذلك في الدعاء". وقال عبدالله بن شداد: كان أعراب من بني تميم إذا سلم النبي صلى الله عليه وسلم قالوا: "اللهم ارزقنا مالًا وولدًا، فيجهرون بذلك، فأنزل الله هذه الآية: ﴿ وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ ﴾؛ أي: لا ترفع صوتك بقراءتك، أو بدعائك ﴿ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا ﴾. والمخافتة: خفض الصوت والسكوت ﴿ وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا ﴾؛ أي: بين الجهر والإخفاء. أخبرنا أبو عثمان سعيد بن إسماعيل الضبي، أخبرنا أبو محمد عبدالجبار بن محمد الخزاعي، أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي، حدثنا أبو عيسى الترمذي، حدثنا محمود بن غيلان، حدثنا يحيى بن إسحاق، حدثنا حماد بن سلمة، عن ثابت، عن عبدالله بن أبي رباح الأنصاري، عن أبي قتادة، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال لأبي بكر: ((مررت بك وأنت تقرأ، وأنت تخفض من صوتك))، فقال: إني أسمعتُ مَنْ ناجَيْتُ، فقال: ((ارفع قليلًا))، وقال لعمر: ((مررت بك وأنت تقرأ، وأنت ترفع صوتك)) فقال: إني أوقظ الوسنان، وأطرد الشيطان، فقال: ((اخفض قليلًا)).
ومما يدل على أن المراد بالصلاة هنا: القراءة فيها، ما رواه الشيخان وغيرهما عن ابن عباس، قال: نزلت ورسول الله صلى الله عليه وسلم مختف بمكة، فكان إذا صلى بأصحابه رفع صوته بالقرآن، فإذا سمع ذلك المشركون، سبوا القرآن، ومن أنزله، ومن جاء به، فأمره الله بالتوسط. وقيل: المراد بالصلاة هنا: الدعاء؛ أي: لا ترفع صوتك وأنت تدعو الله، ولا تخافت به، وقد روى ذلك عن عائشة، فقد أخرج الشيخان عنها أنها نزلت في الدعاء.
كتاب: الجدول في إعراب القرآن. إعراب الآيات (110- 111): {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً (110) وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً (111)}.