ومع بدايات القرن الـ20 تم رسم خرائط العالم بجودة عالية فائقة الدقة والتمييز حتى تم طباعة العديد منها ، وذلك بفضل اكتشاف التلسكوب الذي ساعد على تحديد الزوايا لنجم الشمال في الليل أو للشمس عند الظهيرة كما ساعدت الطائرات في تحديد التضاريس بدقة. وفي العصر الحالي أصبح من السهل الاطلاع على خريطة العالم الحديثة سواء الورقية أو الإلكترونية ، حيث تم اللجوء إلى الاستعانة بالأقمار الصناعية عند رسم تضاريس أعماق المحيطات ورسم حدود للفضاء الخارجي وهو ما أتاح لنا خريطة العالم المكتملة. صورة تعبيرية لاستخدامات الخرائط استخدامات الخرائط للخريطة استخدامات متعددة سواء على مستوى الفرد أو مستوى المجتمع للدولة الواحدة أو حتى مستوى العالم أجمع، فالخريطة يتم من خلال فهم العلاقة بين البيئة والإنسان وفهم محيطه وحدوده وتضاريس دولته ومساحتها وهو علم قائم بذاته يهتم به عدد كبير من الأشخاص. خريطة العالم الاسلامي قديما – المحيط. يتم من خلال مطالعة الخريطة البدء في إنشاء أي مشروع جديد لمعرفة ودراسة الطرق والمساحات والمواصلات قبل البدء في التنفيذ فلا يتم التطوير المجتمعي بدون وجود خريطة كاملة حديثة للدولة. يتضح أهمية استخدامات الخرائط في أوقات الحرب أيضا، فلا يتم الهجوم على أي دولة بدون معرفة حدودها من كل الجهات، وبالتالي فلا تقل أهمية الخريطة عن أهمية الجيش نفسه.
تتميز خرائط هذه المخطوطات بأشكالها الهندسية التي تجسد "ممالك" العالم من دون محاولة تصويره. نهرا الفرات ودجلة،"الجزيرة"، من مخطوطة المسالك والممالك للاصطخري في البدء، كانت وظيفة مخطوطات المسالك والممالك إدارية، تساعد الولاة على تحديد طبيعة الأقاليم، وطرق التجارة والسفر، لكنها تطورت لتصبح توثيقاً لسفرات وانطباعات كتابها، وخرائطها أصبحت نوعاً من الفن. ومع أن النصوص المرافقة للخرائط تميز العالم الإسلامي عن غيره، وتفضل الشعوب المسلمة على بقية شعوب العالم، فإن الخرائط نفسها، على عكس ذلك، تتمتع بروح غير اصطفائية. فـ"شمال المتوسط" هو انعكاس لجنوبه، وكل أنحاء العالم تشترك بتناغم وانسجام نابعين من أشكال هندسية وزخرفات وتلاوين متماثلة. لا تبدو خرائط المسالك والممالك إسلامية بشكل مباشر. فلا توجد فيها معالم إسلامية واضحة، كتلك التي نجدها في نظيراتها الأوروبية. مثلاً ما يعرف بـ"الخرائط الأوروبية" كالخريطتين المرفقتين هنا، هي خرائط ذات طابع ديني مسيحي، تعرف أيضاً بخرائط TــO، لأن فيها تقاطعاً للحرفين: شكل حرف O هو إطار الخريطة، وشكل حرف T (وهو رمز لجسد السيد المسيح المصلوب) يصل قلب ساحل المتوسط الشرقي والأرض المقدسة (شمال الخريطة)، بقارتي أوروبا وإفريقيا.
لعل أبرز هذه المعالم البحر المتوسط. فهو مصور على شكل دمعة هي طائر كبير، رأسه في الجزيرة العربية، وقارة آسيا هي صدره، وجناحاه يمتدان مع نهر النيل في أفريقيا وبحر البوسفور شمالاً، أما أوروبا فهي ذنب الطير. في تحليل رموز هذه الخرائط، تعتقد بينتو أن رمز الطير قد يكون تجسيداً لكتابات العالم الإسلامي ابن سينا. ففي فلسفته، وفي شعره يتحدث عن مفاهيم فلسفية ودينية يصور فيها الطير رمزياً كصلة الوصل بين العالم والسماوات، لأنه يحلق بينهما. نموذج لخريطة من كتاب المسالك والممالك للاسطخري (1193م. ) من مخطوطات مكتبة جامعة لايدن مع بدايات القرن الثالث عشر، ازدادت غزارة هذه المخطوطات وتنوعت أشكالها، ولعل ذلك يعطينا فكرة عن شعبيتها الهائلة في العالم الإسلامي التي استمرت لعقود طويلة، والتي لاقت اهتماماً من سلاطين الامبراطورية العثمانية، أجدرهم بالذكر هنا هو الامبراطور محمد الثاني (1429ـ1480)، الذي ذاع صيت مكتباته الضخمة التي ضمت مخطوطات جغرافية من كل أنحاء وعصور العالم الإسلامي. خرائط الممالك والمسالك، استفادت من الحضارات المجاورة التي سبقتها، ثم أضافت عليها، وطورتها على أساس تجارب السفر والثقافة حتى أصبحت جنساً مستقلاً قائماً بذاته، ينطوي، على نحو عميق، على هويته العربية الإسلامية على شكل رموز وإيحاءات شفافة داخل تكوين الخرائط البديعة.