فاللهم إنا نسألك صلاحًا تصلح به ذرياتنا!
المشاهدات 852 د. وائل شيخ أمين | لطالما استعملت هذه العبارة القرآنية من قبل المربّين وغيرهم للتدليل على المعنى التالي: "إذا أردت أن يحفظ الله لك أبناءك، فعليك بإصلاح نفسك، فإنك إذا أصلحت نفسك، حفظ الله لك أبناءك وتكفل بهم. " هذه العبارة القرآنية ذكرت في سياق قصة موسى والخضر عليهما السلام في سورة الكهف، حيث أمر الله نبيه الخضر أن يسافر إلى قريةٍ معينة، ليصلح جدارًا فيها يريد أن ينقضّ، وذلك كرمى لعيني أبٍ صالح مات وترك وراءه ابنين يتمين، فكان إصلاح الجدار لحفظ كنزٍ تحته حتى يكبرا فيستفيدا منه. ولطالما استعملتُ هذا المعنى واقتنعت به، إلا أنني من قريبٍ انتبهت إلى موقفٍ آخر ذكر في السورة نفسها، وهو أن الله قد أمر الخضر أيضًا أن يقتل غلامًا أبواه مؤمنين! وكان ابوهما صالحا من اجمل ما قرأت. فوجدت أن الأمر يستحق الوقوف عنده والتأمل الطويل، فلدينا موقفان: ابنان لأبٍ صالح انتفعا منه، وابن لأبوين مؤمنين لم ينتفع منهما! لماذا لم يهد الله هذا الغلام من طغيانه وكفره؟! والظاهر أن الابن أولى بالانتفاع، فأبوه مؤمن وكذلك أمه، وهي شهادة من الله لهما، فما التفسير؟ أول ما خطر ببالي لعل الأمر يتعلق بالصلاح والإيمان، فأبو اليتيمين صالح، ووالدا الغلام مؤمنان، لكن هذا لا يحلّ شيئًا من الإشكال، كما أن الشخص المؤمن هو صالح بالضرورة، فصفتا الصلاح والإيمان ليستا متباينتين بل متلازمتان، فيكون الشخص مؤمنًا بقلبه وعقيدته، صالحًا في عمله وسلوكه.
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه - وعلى آله ومن ولاه وبعد: فرغبة منا في تيسير العلم واشاعته بين طلابه سعينا لتوفير جميع المتون وشروحها المهمة لتكوين طلبة العلم ، وقد قطعنا شوطا لابأس به في ذلك ولله الحمد والمنة وحده ، إلا أنه إلى الآن يعاني بعض الأعضاء والزوار من بعض الصعوبات في الوصول للشروح والمتون المرادة لتداخل الشروح أو لقلة الخبرة التقنية. من أجل هذا وذاك جاء هذا الموضوع ليكون موضوعا مرجعا جامعا مرتبا بإذن الله لكل المواد العلمية الموضوعة حاليا في شبكتنا ومرتبا على حسب أبواب الفنون العلمية (العقيدة، الفقه، الحديث،... ) وسنحاول أيضا ترتيبها على مستويات الطلب (المبتدئ ، المتوسط ، المنتهي) سيتم تحديثه تبعا بعد إضافة أي شرح جديد. "وكان أبوهما صالحا" - جريدة الغد. من هـــــــــــنا
وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنـز لهما وكان أبوهما صالحا فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنـزهما رحمة من ربك وما فعلته عن أمري ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا الغلامان كانا صغيرين؛ كما يدل على ذلك وصفهما باليتم؛ فإنه لا يتم بعد البلوغ؛ إلا أن تكون آفة في العقل أو النفس؛ واللفظ يطلق على ظاهر ما لم يقم دليل يوجب تحويله عن الحقيقة إلى المجاز؛ وإطلاق اليتم على البالغ مجاز؛ ولقد قال ابن عباس - في هذا المجاز -: الرجل يتيم ما لم يرشد؛ ولو بلغ الأربعين؛ ولكن ذلك مجاز؛ لا حقيقة. وكان أبوهما صالحا الأب هو الأب القريب; لأنه لا يكون يتيما إلا إذا كان قد فقد الأب القريب؛ ولا يكون الصلاح ممتدا إلى الأبناء؛ كما تشير الآية؛ إلا إذا كان الولد صبيا؛ كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية؛ وعلم ينتفع به؛ وولد صالح يدعو له "؛ فصلاح الأبناء ينسحب خيرا للآباء؛ وكذلك صلاح الآباء.
والقدوة الصالحة من أعظم ما يؤثر في الولد ويوجهه؛ إذ دلالة الفعل أبلغ من دلالة القول وأوضح، قال عتبة بن أبي سفيان لمؤدب ولده: "ليكن أولَ إصلاحك بنيَّ إصلاحُك نفسَك؛ فإن عيونهم معقودة بعينك، فالحسن عندهم ما استحسنت، والقبيح عندهم ما استقبحت".