نشأة يوسف ترعرع يوسف في بلاط العزيز مدة أحد عشر عاماً إلى أن صار شاباً حسن الوجه حلو الكلام، شجاعاً قوياً، وذا علم ومعرفة، وكان لا يمضي يوم إلا ويزداد شغف زليخا بيوسف إلى أن راودته عن نفسه ظانةً منه أنه سيطيعها في معصية الله سبحانه وتعالى. إلا أن يوسف أبى أن يرتكب المعصية وهرب خارجاً لكنهما وجدا بوتيفار عند الباب. و عندما رأى بوتيفار أن قميص يوسف قد قُدَّ من دُبُرٍ أيقن أن زوجته زليخا هي من راودت يوسف عن نفسه، فقال كلمته الشهيرة التي ذكرها القرآن: (فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ)، «سورة يوسف، الآية 28». جمال يوسف عليه السلام. واستشاطت زليخا غضب اً ولم تطلب الصفح عما اقترفت، بل سعت جاهدةً إلى ت بر ير صنيعها بإقامة حفل لنساء أكابر مصر اللاتي تكلمن عنها، ثم طلبت من يوسف أن يخرج عليهن، فإذا بالنسوة يقطعن أيديهن مبهورات من جمال يوسف. وعندما استعصم النبي يوسف وأبى ارتكاب الفحشاء، سعت زليخا إلى سجنه حتى ينصاع لرغباتها. لكنه ثبت على موقفه (قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ …)، «سورة يوسف، الآية 33». صرخة يوسف ولما دخل سيدنا يوسف عليه السلام السجن أرادت زليخا سماع صوته، فقالت للسجان أضرب يوسف لكي أسمع صوته، فقال السجان لسيدنا يوسف: لقد أمرتني الملكة أن أضربك لتسمع صوتك، ولكن سوف أضرب الأرض وأنت اصرخ، فأخذ يصرخ عليه السلام، فأرسلت الملكة للسجان في اليوم الثاني فأمرته أن يضرب سيدنا يوسف لكي تسمع صوته فرجع السجان وصنع ما صنع في المرة السابقة وفي المرة الثالثة أمرت زليخا السجان، وقالت له: ارجع ليوسف واضربه لكي أسمع صوته وفي هذه المرة أريدك أن تضربه حقاً.
ونتيجة لهذا الحقد قرر الإخوة أن يبعدوا سيدنا يوسف عن أبيه حتى يصبح قلب الأب وهو سيدنا يعقوب متعلق بقلب الإخوة دون يوسف. اقرأ أيضًا: قصة سيدنا سليمان كاملة خطة إخوة يوسف للتخلص منه من خلال الحديث عن قصة يوسف عليه السلام للأطفال يجب أن نعرف أنه بعد قرار الإخوة بإبعاد سيدنا يوسف عن أبيه يعقوب، فكان رأي منهم يشير إلى قتل سيدنا يوسف، رأي آخر يشير إلى إلقاءه في طريق بعيد حتى يحصل على بعض الرحالة ويتخلصون منه. واستقر رأيهم الأخير على إلقاءه في البئر بعيدًا عنهم، وبالفعل بدأوا في تنفيذ خطتهم، وذهبوا إلى سيدنا يعقوب يستأذنوه للحصول على سيدنا يعقوب ليلعب معهم، ولكن انتاب القلق قلب سيدنا يعقوب ورفض في بداية الأمر وقال لهم إنه يخشى عليه من الذئب عند لعبهم وعدم انتباههم له. جمال سيدنا يوسف عليه السلام. ولكنهم أصروا عليه بأن يذهب معهم وأنهم سوف يعتنون به على الرغم من اللعب، وبالفعل وافق سيدنا يعقوب في نهاية الأمر وذهب سيدنا يوسف معهم. وعندما ذهب سيدنا يوسف معهم قاموا بتنفيذ خطتهم وتركوا يوسف في البئر وقاموا بتلطيخ قميصه بدم كاذب. ورجعوا إلى أبيهم وهم يصرخون وأخبروه بأن الذئب قد هاجم سيدنا يوسف ولم يتمكنوا من حمايته، ثم أظهروا له القميص وعليه الدم.
فقصة يوسف أحسن القصص، ومن أبدعها، وأجملها، وأكثرها إثارة، وتأثيرًا على النفس، قصة يوسف عليه السلام من القصص المحببة للنفوس، المليئة بالمواقف والأحداث، والعبر والدروس، قصة يوسف فيها أحوال وحالات وتنقلات، من الحرية إلى الرِّق، ومن الاجتماع إلى الافتراق، ومن محنة إلى محنة، ومحنة إلى منحة، وابتلاء وفتنة، وسجن وبلاء، وتمكين وعز بعد ذل ورقٍّ، ومن حزن إلى سرور، وجدب إلى رخاء، وأحوال كثيرة، لذلك كانت أحسن القصص، قصة يوسف عظة وعبرة لكل مهموم ومحزون، ومبتلى ومريض، وهي كما قال العلماء: "ما قرأها محزون إلا سُرِّيَ عنه". والكثير منَّا قد يمر بهذه القصة مرورًا عابرًا، بتلاوة لآياتها فقط، وعيش مع أحداثها بشكل عام، دون تأمل ولا اعتبار، ولا استخلاص ما فيها من فوائد وعبر، لذلك قال تعالى: ﴿ لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ ﴾ [يوسف: 111]؛ أي: لا يستفيد ولا يعتبر من هذه القصص إلا أصحاب العقول المتدبرة المتأملة المتبصرة، لذلك سنقف مع قصة يوسف عليه السلام وقفات عدة في خطب متفرقة بإذن الله تعالى، نستخلص منها الدروس والعبر والفوائد؛ لتكون لنا مناهجًا نسير عليه في حياتنا وتعاملاتنا مع الآخرين.