فقبل الله توبتهم وشملهم برحمته وتمنوا أن يعود يونس عليه السلام لكي يعيش بينهم يهديهم وينصحهم. لكن يونس عليه السلام أكمل طريقة وركب السفينة وكانت السفينة في منتصف البحر حتى هاج البحر وتلاطمت أمواجه وكادت أن تغرق السفينة. فاقترح من كانوا على السفيه أن يقوموا بتخفيف حمولة السفينة وذلك بإلقاء بعض الركاب في البحر. وذلك بعد ما يقوموا بعمل قرعة وعندما حدثت القرعة جاءت على يونس عليه السلام. لم يقدم أهل السفينة على إلقاء يونس لأنه كان حسن الخصال وأعادوا القرعة فجاءت عليه مرة أخرى. ثم أعادوها فجاءت عليه ثالثا. وفي المرة الثالثة أدرك يونس عليه السلام أن هذه الحكمة من عند الله لأنه خرج من قومه قبل أن يأذن الله تعالى له بالخروج. في اي بحر ابتلع الحوت سيدنا يونس مكتوبة. فأزعن لقضاء الله وقام بإلقاء نفسه في البحر. كما يمكنك التعرف على: عدد الايام التي ظل سيدنا ابراهيم وسط نيران النمرود ؟ يونس في بطن الحوت ولمعرفة كم لبث سيدنا يونس في بطن الحوت؟ يجب أن نعرف ما حدث بعد ما نفذ يونس عليه السلام أمر الله وألقى بنفسه في البحر، فلقد أرسل الله له حوتا يبتلعه. لكن قام الله بحماية يونس عليه السلام داخل بطن الحوت من أي أذى قد يصيب يونس سواء كان خدش أو كسر فكان بطن الحوت بمثابة السجن ليونس عليه السلام.
وكذلك الإنابة، ولكنهم لم يتمكنوا من العثور عليه. فجاؤوا برجل شيخ فقاموا بسؤاله عن التصرف الصحيح فقام بإرشادهم إلى الطريق الخاص بالتوبة النصوحة لله عز وجل فعملوا على جمع الكبير والصغير منهم الذكور والإناث. وكذلك أخذوا حيواناتهم معهم ولبسوا ما هو مسموح من الملابس وذلك تواضعًا منهم لله عز وجل. وأقبلوا عليه بحالتهم تلك في مشهد يتسم بالعظمة متضرعين له بأن يقوم بصرف العذاب عنهم. وأن يمنحهم فرصة للتوبة عن ذنبهم فتاب عليهم الله عز وجل وقام بقبول التوبة منهم بعد كفرهم به وعنادهم على رفض دعوة سيدنا يونس، ولكن للأسف لم يشهد هذا الموقف منهم. ركوب السفينة مقالات قد تعجبك: قام سيدنا يونس عليه السلام بالإقبال على قوم وقام بالركوب مع هؤلاء القوم في السفينة فلما أصبحوا في عرض البحر فجأة هبت الأمواج وصارت تضرب السفينة من كل جانب. ومن ثم صارت تتمايل في كافة الاتجاهات واهتزت بشكل كبير حتى ظن أن السفينة سوف تغرق. في أي بحر ابتلع الحوت سيدنا يونس - ما الحل. فقام أهل السفينة بالاجتماع وأخذوا القرار بأن يقوموا بإلقاء أحد ركاب السفينة في مياه البحر. وذلك لكي يخففوا من الحمل الخاص بالسفينة وبناءً عليه قاموا بقرعة لكي يختاروا شخص معين بشكل حيادي تمامًا ومن ثم وقعت تلك القرعة على سيدنا يونس عليه السلام.
ولا تكون القرعة في إلقاء الإنسان في البحر، وإنما كانت جائزة في دين يونس، فلعل هذا شيئاً كان خاصاً بيونس تأديباً من الله جل جلاله وتربية له؛ لكي يصبر على دعوة قومه ولا يقنط ولا يكل ولا يمل. قال تعالى: فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ * فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ [الصافات:142-144]. فالله هو الذي يعاقب ويغفر، يعفو ويصفح، يعطي ويمنع، يقول: لولا أنه سبح الله ومجد الله ونزه الله وهو في بطن الحوت لبقي إلى يوم البعث، ولجعل له قبراً أبد الآبدين، ولبعث من بطنه، ولكن يونس ما إن شعر بأنه حي حتى أخذ يسبح الله، ويستغفر الله، ويتوب إلى الله: فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ أي: قبل أن يقذف في البحر، وقبل أن يلتقمه الحوت، فهو كان في حياته عابداً لله مصلياً مسبحاً ممجداً معظماً، فهذا من باب قول النبي عليه الصلاة والسلام: ( تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة). في اي بحر ابتلع الحوت سيدنا يونس ولد فضه. فالمؤمن العابد ينبغي أن يكون مع الله في الرخاء كما يكون في الشدة، أما أن يكون عند الراحة تاركاً للعبادة وللصلاة وللصيام وللتسبيح والتمجيد حتى إذا ابتلي بالشدة ذكر ربه وأخذ يقول: يا رب!
قال الله جل جلاله: وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ * فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ * فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ * فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ [الصافات:139-144]. يقول ربنا في قصة يونس: وإن يونس كذلك من المرسلين، فيؤكد ذلك بلام الابتداء للتأكيد، وقد أرسل إلى قرية نينوى في أرض العراق، إلى مائة ألف أو يزيدون كما يقول ربنا، وقد آمنت به هذه العشائر بعد أن تركها مغضباً، ولم يشعر بذلك حتى ذهب إلى السفينة ليتركهم ويغيب عنهم. قال تعالى: وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ [الصافات:139-140] أي: إذ فر من قومه إلى الفلك المشحون، والفلك: سفينة البحر، وهي لفظة تدل على المفرد وعلى المثنى وعلى الجمع، تقول عن السفن: فلك، وعن السفينة الواحدة: فلك، وعن السفينتين: فلك، فإذا أردت أن تميز مفرداً عن جماعة فتغير اللفظ وتقول: سفينة وسفينتان وسفن. في اي بحر ابتلع الحوت سيدنا يونس ش المفضل. قال تعالى: إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا [الأنبياء:87] أي: إذ فر من قومه، ولم فر من قومه؟ لقد بقي بينهم شهراً وهو يدعوهم إلى الإسلام وهم يأبون إلا الكفر، ويأبون إلا الشرك، فأنذرهم وتهددهم أنهم بعد ثلاثة أيام سيهلكون لا محالة، فانتظر اليوم الأول وانتظر اليوم الثاني وانتظر الثالث في بدايته، وقبل تمام اليوم الثالث ذهب غاضباً عليهم فاراً منهم، فذهب إلى شاطئ البحر الأخضر -كما قالوا- فوجد سفينة فركبها.