إصلاح ذات البين ، هو لفظ غني في معناه ، وفي تخصيصة هو عموم ما تعارف عليه الناس. وإصلاح ذات البين هنا ، من الأمور الوقائية التي اعتمدها الإسلام للحفاظ على قوة المجتمع المسلم ، بمعنى العمل الدؤوب على إزالة أسباب الفرقة والنزاع بين المتخاصمين ، وذلك من خلال الوفاق والتحابب بينهما. وقد حث الإسلام على إصلاح ذات البين من خلال جملة من التوجيهات المباركة والنصوص القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة. كما أن هناك عدة سبل لانتهاجها لإصلاح ذات البين ، وأيضا هناك عواقب وخيمة تترتب على إفساد ذات البين. ومما لا ريب فيه أن الشقاق والنزاع ، من أخطر أسلحة الشيطان الفتاكة التى يوغر بها صدور الخلق لينفضوا بعد إتحاد ، ويتنافروا بعد اتفاق ، ويتعادوا بعد أخوة. وقد اهتم الإسلام بهاته المسألة وأخذها بعين الإعتبار ، ذلك وأن المؤمنون بشر يخطؤون ويصيبون. كما عالج مسألة الإختلاف على اختلاف مستوياتها ، بدءا بمرحلة المشاحنة والمجادلة. معنى صلاح ذات البين | مركز الهدى للدراسات الإسلامية. إقرأ أيضا: فوبيا الأماكن المغلقة مرورا بالهجر والتباعد ، وانتهاء بمرحلة الإعتداء والقتال. والإسلام دين يتشوف إلى الصلح ويسعى له وينادي إليه ، وليس ثمة خطوة أحب إلى الله من خطوة يصلح بها العبد بين إثنين ويقرب بها بين قلبين.
نسأل الله أن يجعلنا من المصلحين.
وأما قوله صلى الله عليه وسلم:(وَفَسَادُ ذَاتِ الْبَيْنِ هِيَ الْحَالِقَةُ) قال في "النهاية": "الحالقة: الخصلة التي من شأنها أن تحلق -أي تهلك- وتستأصل الدين، كما يستأصل الموسى الشعر، وقيل: هي قطيعة الرحم والتظالم". قال الطيبي: "فيه -أي الحديث- حث وترغيب في إصلاح ذات البين واجتناب عن الإفساد فيها؛ لأن الإصلاح سبب للاعتصام بحبل الله وعدم التفرق بين المسلمين، وفساد ذات البين ثلمة في الدين، فمن تعاطى إصلاحها ورفع فسادها نال درجة فوق ما يناله الصائم القائم المشتغل بخويصة نفسه". ومن مجموع هذه الأحاديث نصل إلى نتيجة مهمة وهي أن ديننا العظيم يتشوّف إلى الصلح ويسعى إليه، وقد أخبر سبحانه أن الصلح خير. قال تعالى:(فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ) النساء/128. معني اصلاح ذات البين المصدر السعودي. فالإصلاح بين الناس عبادة عظيمة يحبها الله سبحانه، والمصلـح هو ذلك الإنسان الذي يبذل جهده وماله وجاهه وسلطته ليصلح بين المتخاصمين، وهو شخص يتصف بأن نفسه تحب الخير وتشتاق إليه، فلا يهمه رأي هذا ولا غمز ذاك ما دام يعمل لله وإرضاء له، فيقع في حرج مع هذا وذاك، ويحمل هموم إخوانه؛ ليصلح بين اثنين. كم بيت كاد أن يتهدَّم، بسبب خلاف بسيط بين زوجين، فإذا بهذا المصلح يتدخل بكلمة طيبة، ونصيحة صادقة، وأحياناً بمال مبذول؛ فيعيد المياه إلى مجاريها، ويصلح الزوجين، وينقذ أسرة من التشرد والضياع.
وبعد -أيها الإخوة-: إن علينا أن نقوم بهذا الواجب وأن نبادر إليه ولا نستمع إلى تخذيل المخذلين أو نركن إلى وسوسة الشياطين، وأن نقدم على خوضه ولن تبرأ ذممنا إن لم يبادر أناس منا لتحمل هذا الواجب. أسأل الله -تعالى- بمنه وكرمه أن يمن علينا بالصلاح والإصلاح وأن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه إنه جواد كريم. إصلاح ذات البين وأهميته في حياة الأمة - ملتقى الخطباء. الخطبة الثانية: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران:102]. أما بعد: أيها الإخوة: اعلموا أن الإصلاح بين الناس تفضلُ فيه النجوى؛ وهي السرُ دون الجهر والعلانية، ذلك أنه كلما ضاق نطاق الخلاف كان من السهل القضاء عليه. ثم إن السعي في الإصلاح بين الناس يحتاج إلى حكمة وستر حتى لا تزيد الشقة ويتوسع الخلاف، قال الله -تعالى-: ﴿ لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [النساء:114]. أيها الإخوة: ولأهمية الإصلاح بين الناس رُخص فيه بالكذب، وذلك على سبيل الإصلاح؛ فعن أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتَ عُقْبَةَ أَنَّهَا قالت: سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "لَيْسَ الْكَذَّابُ الَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ فَيَنْمِي خَيْرًا أَوْ يَقُولُ خَيْرًا".
وقفات حول قوله تعالى(أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ۞ أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ۞ لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ)[الواقعة68-70]. أفرأيتم الماء الذي تشربونه لتحْيَوا به، أأنتم أنزلتموه من السحاب إلى قرار الأرض، أم نحن الذين أنزلناه رحمة بكم؟ لو نشاء جعلنا هذا الماء شديد الملوحة، لا يُنتفع به في شرب ولا زرع، فهلا تشكرون ربكم على إنزال الماء العذب لنفعكم. [التفسير الميسر]. 1 والماء يمكن أن يكون نافعا حال كونه عذبا فراتا. أي جامعا بين كونه سائغا طعمه ولذيذاً ذوقه وليناً ملمسه، وبين كونه دائرا بين طراوة الزلال وعذوبة المذاق. ألم تر أن الله تعالى قال في وصف ماء السماء الذي أنزله سبحانه (وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ وَأَسْقَيْنَاكُم مَّاءً فُرَاتًا)[المرسلات:27]. إسلام ويب - تفسير الطبري - تفسير سورة الواقعة - القول في تأويل قوله تعالى " أفرأيتم الماء الذي تشربون "- الجزء رقم23. كما يمكن للماء أن يكون على صورة الملح الأجاج شاملا لصفة الملحية ، لتجتمع معاني الضد، فلا يكون سائغا أبدا! كما أنه ينطبع بطابع الأجاج، وهو لفظ يحمل بين جنباته نفرة من مذاقه، كما أنه يحمل بينها أيضا اشمئزازا من مرارته وحرارته وملوحته! وهذه صفات مركبة للماء الملح الأجاج لتحمل الطبائع على نفرة منه فلا يكون سائغا في شراب، ولايبلغ نفعا في ريّ.
والجمع بين الضدين بيان قرآني كريم. ذلك لأنه بضدها تتميز الأشياء. وهو من بلاغة القرآن العظيم في كل شأن من شؤونه. إذ لما كان قد جاء فرضا على صورة واحدة من صورالماء كونه عذبا فراتا، ولم يأت بعده صنفه الآخر كونه ملحا أجاجا ربما لم يكن في وسع كثيرين استحضارتلكم لوحة تعبيرية يبين فيها الحسن من القبيح، والزين من الشين، والممدوح من المذموم، وهو ما يفقدها رونقها، ولايهبها جمالها، فجاء الجمع بين النقيضين دلالة على كونها لوحة صممت لتعطي معاني الإعجاز لما أبانته من معالم الانبهار أمام الصياغة الربانية للقرآن العظيم. ( أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ) تلاوة صنعانية من سورة الواقعة - YouTube. والإمعان في ذكر الصنفين من الماء إعجاز رباني كريم آخر، دلك عليه ما أنف ذكره. ودلك عليه أيضا ذلكم التركيب المتمازج بين صفات الصنف الواحد ليبدو هو الآخر مستقلا بذاته، مصقولا بصفاته، علي سبيل التمايز أيضا، مما يشي بكونه متراكبا من شقيه أن كان عذبا فراتا، أو كان ملحا أجاجا، لتأتلف أسباب التذوق والقبول والاستساغة في الأول، كما تتنافر صفات الثاني من كونه ملحا أجاجا، فلا ترى نفسا إلا وتعلوها نفرة من شرابه، فما بالك من مذاقه. إن تاقت أن تتذوقه من أساس! بيد أن الذكر الرباني له شأن آخر في بيان صفات الماء.
وإن من أسرار الحكمة الإلهية في الماء أنَّ الله - تعالى - لم يجعل للماء لونًا، ولا طعمًا، ولا رائحةً، كلُّ طعام وكلُّ شراب خَلَقه الله، له لون، وله طعم، وله رائحة، إلَّا الماء؛ وذلك لحكمة عظيمة، لا يدركها إلا أهلُ البصائر والألباب؛ فلو أن طعم الماء كان حلوًا مثلًا، لصار كل شيء خالطه الماءُ حلوًا، ولصار كل شيءٍ غُسل بالماء حلوًا، ولصارت الحياة كلها طعمها حلو، تزهقها الأنفس، وتمجُّها الألسن، ولا تستسيغها الفطر السليمة؛ ﴿ ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ﴾ [يس: 38]. أفرأيتم الماء الذي تشربون | موقع البطاقة الدعوي. حيثما كان الماء ، كان الناس، وحيثما غاض الماء، ارتحل الناس؛ فالماء رسول الرحمات، وبشائر الخيرات، وروح الأفراد والمجتمعات، وبهجة القلوب، فمع الماء الخضرة والنَّدى، والطلُّ والرِّوَى، وإذا تدفَّق الماء، تفتَّق النماء والعطاء، والهناء والصفاء، فتحيا الحقول والمزارع والحدائق، هو شريان الحياة النابض، أغلى مفقود، أرخص موجود، فيا له من خَلْقٍ عجيب، جميل المُحَيَّا، بهيِّ الطلعة، فسبحان مَن سوَّاه! سبحان من أجراه! سبحان من أنزل الماء وروَّى به الأجساد والأفواه! إنها نعمة عظيمة جليلة، ولكن لا يكادُ يشعر بقيمتها ويقدِّرها حقَّ قدرها إلا مَن حُرِمَها.
25934 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد, قَالَ: ثَنِي أَبِي, قَالَ: ثَنِي عَمِّي, قَالَ: ثَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ, عَنْ اِبْن عَبَّاس, فِي قَوْله: { أَنْزَلْتُمُوهُ مِنْ الْمُزْن} قَالَ: الْمُزْن: السَّمَاء وَالسَّحَاب. '
إن نعمةً ذُكرت في القرآن الكريم 63 مرةً، لجديرةٌ بأن يقف أمامها الإنسان متفكِّرًا ومتأمِّلاً، لكن القلوب عن هذه الآية غافلة إلاَّ مَن رحم الله، فأين المتفكِّرون؟ وأين المتأمِّلون؟ وأين هم أهل البصائر من التفكير في عظمة ربِّ الأرباب، وصُنع منشئ السَّحاب؟ ليقودهم ذلك إلى توحيده، وإفراده بالعبادة دون سواه.
أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ (68) القول في تأويل قوله تعالى: أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ (68) يقول تعالى ذكره: أفرأيتم أيها الناس الماء الذي تشربون، أأنتم أنـزلتموه من السحاب فوقكم إلى قرار الأرض، أم نحن منـزلوه لكم. وبنحو الذي قلنا في معنى قوله المُزن، قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعًا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: (مِنَ الْمُزْنِ) قال السحاب.