نفّذ الجنود أمر القائد، فوقف الجيش عند مسافة بعيدة من ديار قبيلة زرقاء اليمامة ينتظر أوامر القائد، أرسل القائد رجلا ليصعد على قمّة جبل قريب من قبيلة زرقاء اليمامة ليأتي بالأخبار. نظرت زرقاء اليمامة إلى الجبل وقالت لقومها: أرى رجلا فوق الجبل، ينظر ناحيتنا باستمرار ،ربما هو جاسوس، هو الآن ينحني ويصلح نعله. بدأ رجال الأعداء يتحرّكون من خلف الجبل في اتجاه قبيلة زرقاء اليمامة، ومع كل منهم شجرة صغيرة يختبئون ورائها. ساروا بسرعة في اللّيل، وعندما طلع النّهار رأت زرقاء اليمامة شجرا يتحرّك، وكأنّه يمشي، فقالت لقومها:أرى شجرا يمشي نحونا، ضحك الناس من زرقاء اليمامة وسخروا منها. فقالت لهم: لعلّ وراء هذا الشّجر فرسانا!. لم يهتم القوم بما تقول، وقال شيخ القبيلة: لا يوجد هناك شجر يمشي ويتحرّك، عودوا إلى بيوتكم، وعند الصّباح نرى جميعا كيف يمشي الشّجر. لكن، عندما أتى الصّباح، وصل جنود الأعداء، وهجموا على قبيلة زرقاء اليمامة، وقتلوا وأسروا منهم عددا كبيرا. جلس القائد المنتصر، وأرسل يطلب زرقاء اليمامة وسألها: ماذا رأيت؟. فأخبرته بما ذكرته لأهلها: رأيت رجلا واقفا فوق الجبل يصلح نعله، ثمّ رأيت شجرا يتحرك نحونا.
هناك مثل يقول " أَبصر من زرقَاءِ اليمامَة "و أصل المثل، هي ان امرأة من قوم "جديس" كانت تبصر الشئ من مسيرة ثلاثة أيام. و ذات يوم قتل قوم "جديس" رجلاً يدعى طمس فقام رجل من قومه إلى حسان بن تبع سيد حمير.. يرغبه في الانتقام.. على أن تكون الغنائم من نصيبه. فجهز حسان جيشاً و سار إلى "جديس".. و كان يعلم أن فيهم زرقاء اليمامة سوف تبصرهم على مسيرة ثلاثة أيام عندها يستعدون لملاقاتهم.. فأمر أن يحمل كل رجل من رجاله شجرة يستتر بها ليضلل زرقاء و قومها. و عنىما رأتهم زرقاء اليمامة على مسيرة ثلاث ليال قالت لهم: - يا قوم قد أتتكم الشجر.. أو أتتكم حمير.. فلم يصدقوها.. فقال قومها: لقد خرفت، وضعف عقلك، وذهب بصرك.. وبالطبع كذبوها. وما مرت ساعات الصباح إلا وقد هجم عليهم الأعداء، وقتلوا زرقاء وفقعوا عينيها فوجدوهما غارقتين في الإثمد " نوع من الكحل الأصيل يستخرج من حجر الإثمد" من كثرة ما كانت تكتحل به، لذلك صار هذا المثل يضرب لكل من كان بصره حادا: أبصر من زرقاء اليمامة. /انتهى/
ذات صلة ما هي زرقاء اليمامة من هي زرقاء اليمامة زرقاء اليمامة زرقاء اليمامة هي امرأة عربية من بلاد نجد وبالتحديد من منطقة كان يطلق عليها اسم جديس، وهي منطقة فسيحة ممتدة على مساحات شاسعة والتي انقرضت واختفت كما اختفت غيرها من البلاد عبر الزمان، وأمّا تسميتها بزرقاء اليمامة فيذهب بعض المؤرخين بأن لقب اليمامة يعود لاسم قبيلة اليمامة التي كانت تنتمي إليها، بينما يرجح البعض الآخر بأنّ الاسم أطلق عليها منذ لحظة ولادتها ثم عرفت قبيلتها باسمها بعد أن ذاع صيتها بين مختلف قبائل العرب. كانت زرقاء اليمامة وما زالت من الشخصيات العربية المشهورة وتمثلت شهرتها في نظرها الثاقب وقدرتها على إبصار أيّ شيء من على بعد ثلاث أيام من السير، وعلى ذلك أصبح يضرب في قوّة بصرها المثل فيقول البعض "أبصر من زرقاء اليمامة" للإشارة إلى قوة وحدة بصر شخص ما، وتعود قوة بصر زرقاء اليمامة بحسب الروايات التاريخية إلى تكحلها الدائم بحجر الأثمد العربي، والذي أكدت الأبحاث الحديثة التي أقيمت عليه قدرته على الحفاظ على صحّة العين ووقايتها من الأمراض، كما ذكرت فوائده الطبية في الطب النبوي وكان الرسول عليه السلام ينصح الناس بالتكحل به.
هي قصة تبين ضرورة سماع النصيحة ممن له سابق خبرة. ذكر الأعشى القصة في عينيته: إذْ نظرتْ نظرةً ليست بكاذبة إذ يرفّعُ الآلُ رأسَ الكلب فارتفعا قالت: أرى رجلاً في كفِّه كتِف أو يخصِف النعلَ، لهفي أيّةً صنعا! فكذّبوها بما قالت فصبّحهم ذو آلِ حسّانَ يُزْجي الموتَ والشِّرَعا فاستنزلوا أهلَ جوّْ من منازلهم وهدّموا شاخصَ البنيان فاتَّضعا يشير الأعشى الكبير في البيت الأول إلى ما كانت وصفته الزرقاء في حركة الجيش القادم، حيث أنها رأت رجلاً يحمل طعامه، وآخر يخصف نعله، فقالت: إني أرى رجلاً في كفّه كتف أو يخصف النعل خصفًا ليس يبتدر ثم إن المتنبي ذكرها كذلك في معرض فخره: وأَبصر من زرقاء جوٍّ، لأنني إذا نظرت عيناي ساواهما علمي فضل المتنبي نفسه على زرقاء اليمامة فقال: إذا نظرت عيناي ساواهما علمي: أي أنهما لا يسبقان علمي، فإذا رأيت الشيء يبصره علمي بقلبي. وروى ابن جِنّي "شأواهما علمي"، والشأو: المدّ والغاية. يقول: إذا نظرت عيناي فغايتاهما: أن تعرف ما علمته بقلبي؛ يعني أنه عارف بأعقاب الأمور. وبعد، فقد كنت كتبت قصة (وخرجت زرقاء اليمامة) نشرتها في حينه مجلة (فلسطين الثورة)، كما نشرتها في كتابي (أمام المِرْآة وقصص أخرى، ص 77)، وفيها استوحيت ما جرى لنا من هزيمة سنة 1967، وأن الأصوات التي استشرفت هذه الهزيمة لم يصغ إليها أحد.