ابتداء من عام 1915 مروراً بعشرينيات القرن العشرين المعقَّدة سياسيا واقتصادياً خطت تويبر خطاها الأولى نحو زيوريخ – نيدردورف ووصلت إلى (شبيغل غاسيه) لتلتقي هناك بالدادائيين في (كباريه فولتير) وترسم على الجدران وتبدع في الرقص مع كل من ماري ويغمان، وإيمي هينينغز، التي وصفتْ روح الفن لدى تويبر: «تمنحنا الجدران التي قامت بِطِلائِها بألوانها، أطيافاً لِغُرَفٍ لا تنتهي، لِبَيتٍ كأنه صندوق كنز.. يستطيع المرء النظر إلى أعمالها بعيون جديدة فهي مصباح يضيء كهفاً رُخامياً». آمنت تويبر الممتلئة بالطاقة الإيجابية والشخصية الهادئة، بإمكانية الحل والتعايش مع المعاناة بإسقاط الراء من كلمة حرب، وبالتفاني والعمل الجاد لتقديم الأجمل والأكمل. تسأل نفسها في رسالة إلى هانز آرب: «إذا لم يكن هناك أي شيء أفْضَل للقيام به، فسوف أختار حتى الموت من التعب لكسب بعض المال، أريد أن أخبركَ أيضاً أن عمل الخرز جميل وأحبه كثيراً، لكنه شاقٌ بشكل غير معقول، لأنه مجرد خيال ولا يخترع أي شيء جديد». إنها إذن تعي في رسالتها مرارة الواقع وصعوبة العيش، إلا أنها وجدت الحل المناسب لاحقاً، عندما وظَّفت فنّها وخبرتها في التصميم الفني في أُطر الفن التجريدي الصِرْف.
اراد الفنان عدم الموضوعيّة في هذا النوع من الفن التجريدي لإعطاء المتلقي فُرصة تفسير العمل كما يراه بنظرته الخاصّة ،علاقة استثنائية بين المتلقي والفنان علاقة احساس بالالوان خالصة والتكوين البسيط الدال. رسم الفنان ما يصدر من الروح الإنسانية بشكل مُطلق، من خلال التكوين و اللون لنقل النص للمتلقي بالشكل ووفق الفنان إيصال الطبيعة بأسلوبه الخاص المجرد معتمد على ادواته والتكنيك بمساحات من اللون من دون فقد لخاصية الطبيعة قام بعملية اختزال وفق تكنيك الخاص محافظا للقيمة الجمالية للعمل من خلال التناسق والانسجام بالتكوين واللون فأحسن بصنع الترابط بين المتلقي والنص ، من خلال الجو العام للعمل المتناسق المنظر الطبيعي وظف جميع ادواته بحرفية اختزال مفردات العمل الطبيعية وتمكينه. من تحويلها الى اشكال ومكونات جمالية. رؤية الفنان (افضل التجريد بالرسم اعتمد على التكوين واللون اشكال مجردة عن صورتها الطبيعية والواقعية. والرسم الذي اتخيله او انقله سواء من الواقع أو الخيال بشكل اخر معتمد أسلوب وتكنيك خاص ،كما تناولت هذا في سمبوزيوم.
لوحة من الفن التجريدي أصبح الفن التجريدي ظاهرة وليس مجرد تيار، الشيء الذي دفع معظم رواد الفن التشكيلي المغاربة إلى الانغماس في هذه الظاهرة محاولين بكل أفئدتهم إخراج الفن المغربي من "فطريتهم وسذاجتهم". فلولا الصراع الغربي الشرقي بين الضفتين المتصارعتيْن عالميا خلال الحرب العالمية الثانية لن يلقى الفن التجريدي أوْجَهُ العالمي. لكن السؤال الذي لطالما يطرح نفسه هو: هل أيُّ شخص متمكّنٌ من حل شفرة اللوحة التجريدية الغنية بالخطوط والألوان ؟ هنا يمكن استحضار دلالة الألوان الرئيسية الأكثر استعمالا في هذا النوع من الفنون: أولا؛ فاللون الأبيض دلالة على السكوت والطمأنينة. اللون الأخضر دالٌّ على السلام مع امتلاك القوة. بينما اللون الأحمر دال على الثقة بالنفس والحيوية. أما اللون الأزرق دال على الغموض وامتلاك قوى هائلة. واللون الأصفر دلالة على الدفء والإثارة وأحياناً يعبر عن التشتت والجنون. الفن التجريدي يتوزّع على خمسة أنواع: أوَّلُها التجريدي الانحنائي: وهذا النوع يتميز عن باقي أبناء جنسه بالاكتفاء بالخطوط المنحنية التي تستخدم لرسم الدوامات، الدوائر الأنماط اللّولبية مثلا، يتضح ذلك في استخدامها في رسم الوجوه البشرية.
إلا إن هذا النوع لا يضم خطوط مستقيمية إطلاقاً، اشتهر كأحد الأنماط الفنية في الفنون الموجودة في منطقة خليج بابو. ثانياً، الفن التجريدي المرتبط بالألوان أو الضوء: يتميز بعدم قدرة الناظر على تمييز الصبغات اللونية يتجسد في أعمال الفنان أوسكار كلود مونييه خاصة في سلسلته الشهيرة المعنونة بـ " زنابق الماء ". كما يعد من أهم رواده جوزيف مااورد. ثالثا، الفن التجريدي الهندسي: حيث يعتمد الفنان على الأشكال الهندسية من مربعات ومثلثات لترجمة أفكاره وإبداعاته حيث يكون الإنتاج الفني فيه بعيدا عن الواقع. رابعًا، الفن التجريدي الإيمائي: في هذا النوع تعطى الأهمية لطريقة رسم اللوحة دون الاهتمام بموضوعها، إذ يعتمد الفن التجريدي الإيمائي على الحدس والمشاعر العميقة. خامسًا، الفن التجريدي البسيط: ظهر هذا النوع بعد ظهور الفن التجريدي الهندسي حيث يتم استخدام الأشكال الهندسية بشكل بسيط. المهم في هذا العمل الفني هو البساطة البالغة وقد لقي هذا شهرة شعبية كبيرة مقارنة بالأنواع الأخرى. في الختام، يمكن القول إن الفن جزء لا يتجزأ من حياة الإنسان. فقد شكّل على مر العصور وسيلة تعبيرية، وطريقة يؤكد الانسان بها تميزه وتفوُّقه على الكائنات الأخرى.
طرفا التجريد تجريدية تعبيرية. تجريدية هندسية. لوحة جاكسون بولوك «إيقاع الخريف» عام 1950 السعر: 140 مليون دولار. تشير إلى قابلية الطبيعة المستمرة للتغيير. كان التشكيلي يتحرك فوق القماش بعلبة طلاء وفرشاة. لوحات تجريدية باهظة الثمن لوحة ويليم دي كونينج بقيمة 137. 5 مليون دولار. لوحة بابلو بيكاسو بقيمة 106. لوحة جاسبر جونز، بقيمة 84. 6 مليون دولار.
في وقت يذهل البعض من ارتفاع أسعار بعض اللوحات التشكيلية، التي يتجاوز ثمن اللوحة الواحدة منها عشرات الملايين من الدولارات في بعض الأحيان، علاوة على ما تحظى به من اهتمام وتقدير كبيرين من النقاد التشكيليين ومتذوقي الفن التشكيلي، والمتخصصين في الفنون الجميلة، يرى البعض الآخر أن رسومات تلك اللوحات لا تتجاوز خربشات، وعبث تشكيلي بالألوان، لا معنى له.