الريا ض: ألقت الجهات الأمنية القبض على الدكتور تركي الحمد بتوجيه من وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف على خلفية تغريدات دوّنها أمس على حسابه بموقع تويتر. وأشارت مصادر وفقا لـ (أخبار 24) إلى أن توجيه وزير الداخلية جاء بإحاطة مفتي عام المملكة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ الذي أكد سماحته أن هيئة الدفاع عن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم تتابع وتنظر حاليا في تغريدات الحمد. انتقادات واسعة لكاتب سعودي بعد “تشكيكه” بصحيح البخاري- (تغريدات) | القدس العربي. وكان موقع تويتر قد انشغل أمس بتغريدات المفكر السعودي تركي الحمد الذي كتب عددا من التغريدات قال في إحداها: "جاء رسولنا الكريم ليصحح عقيدة إبراهيم الخليل وجاء زمن نحتاج فيه إلى من يصحح عقيدة محمد بن عبدالله". وقد هاجم كثير من المغردين تغريدات الحمد، مشددين على أنها حملت إساءة وتجاوزاً في حق النبي الكريم وطالبوا السلطات الرسمية بمحاسبته على ذلك، فيما أوضح آخرون أن كلام الحمد فُهم خطأً وأن المقصود أن كثيرين حادوا عن العقيدة الصافية التي جاء بها النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وأنهم بحاجة لمن يردهم إلى الصواب. من جهته، قال الدكتور عبدالله الغذامي عبر حسابه الرسمي: "تغريدة تركي الحمد حمالة معان وسيكون الرأي فيها أقرب إلى الموضوعية لو تمت مناقشة صاحبها بمنهجية واستيضاح يبعدنا عن الجزم بمعنى أو معنى مصاحب.
" إذا كنا قد اعتقلنا تركي الحمد، المتوقف عن الكتابة في أي مكان عدا تويتر، فلا أحد منكم في مأمنٍ من الاعتقال "… هذا هو "التصريح" السياسي السعودي الذي تمّ الإدلاء به – عملياً – لعامة المواطنين في 24 ديسمبر الماضي (تاريخ اعتقال الحمد). الأمراللافتٌ في اعتقال الحمد، أن لا شيء – حتى الآن – موّه حقيقته: "المشايخ" و طلابهم لا يحتفلون و لا يعتبرونه انتصاراً لهم. لا كتابات تتوالى في نقاش ما قال و ما حدث. لم ينظموا حملة ضد الحمد كما فعلوا أيام كاشغري، رغم أن تركي الحمد خصمهم التقليدي الكبير. ثم هناكَ أيضاً فشل مشاهير "الإعلام الأمني" في تسويق القصة التي تقول أن اعتقال الحمد كان على أساس المادة 23 من نظام الحكم: "تحمي الدولة عقيدة الإسلام…". بدا أن قصة اعتقال الحمد –و مؤلفاته 14 كتاباً –من أجل كلمة "تصحيح"، مثيرة للسخرية، لم يدر حولها نقاش جديّ. تغريدات تركي الحمد والشكر. بل كانت قمة الطرافة أن بعض "المشايخ" كانوا من أوائل من استحضر تغريدات تركي الحمد حول الإصلاح السياسي، مُتسائلين ما إذا كانت هي السبب الحقيقي وراء الاعتقال؟! قصة الاعتقال هذه لم تكن صالحة ليبيعها السياسي كعادته على أكثر من جهة (يغازل بها الإسلاميين، يخوّف المغرّدين، إلخ)،بَدَت حدثاً أمنياً بصورة فجّة.
و هذه المواقف شكّلت صدمة لمن كان يُراهن على أن عذاباتهم قد تغيّر أفكارهم و إدراكهم، و لمن كان يراهم رمزاً حقوقياً، و الحقيقة أنهم لا هذه، و لا تلك. الخطأ في هذه الحالة تأسس في وقتٍ أبكر، عندما أُلقـِيَ على هؤلاء الأهالي رداء دورٍ لم يطلبوه، و لا هم بالقادرين على لعبه. تركي الحمد يسيء للبخاري ويهاجم الإسلام.. تغريدات تركي الحمد - موقع شمس الاخباري. تأسس الخطأ عندما اعتُبر حراك أهالي المعتقلين حراكاً ضد الاعتقال التعسفي عموماً، بينما هو حراك ضد الاعتقال التعسفي "لأبنائهم"، و الفرق واضح، إن قضيّتهم قضية شخصية، قضية عائلة تطلب ابنها، أو تيّار محدد يُطالب بمعتقليه؛ لكنه ليس حراكاً من أجل الحقوق مطلقة و مُجرّدة، ليس حراكاً من أجل "مفاهيم". تحويل قضية أهالي المعتقلين من قضية شخصية إلى قضية عامّة، كان سببه أنّهم الفصيل الاجتماعي الوحيد الذي يملك كفايته من الأسباب الشخصية ليغامر بالنزول إلى الشارع ضد السياسات الأمنية، فألقى تيار الإصلاح السياسي (الذي يعجز عن تنظيم تحركاتٍ على الأرض) على كاهل هذا الحراك تفسيراتٍ و معاني غير موجودة أصلاً ضمن النسق الفكري لأغلبهم، و تشهد على هذا تعليقاتهم العفوية الموجودة في صفحات تنسيق أنشطتهم، منذ العام الماضي. و قد استفاد أهالي المعتقلين بدورهم من التفاف الإصلاحيين حولهم، حتى فرض اعتقال الحمد تمايزاً بين الطّيفين.
لا تختلف مهمة تركي الحمد في هذه الأطروحات عن مهمة رجال دين السلطان، أو رجالات البروباغندا الإعلامية، فالمرحلة السعودية تحتاج إلى صوت "علماني" كي تستقطب التيارات الليبرالية بمختلف مشاربها داخليًا، بعد القمع الذي طال هذه التيارات، ومنهم تركي الحمد نفسه، وكذلك الأمر بالنسبة للرسالة التي يرغبون بتوجيهها إلى الغرب، وهي أن من يتحدثون في الجزيرة العربية المُغتصبة اليوم هم حالمون بالتغيير، يتطلعون إليه، ولا مشكلة لديهم في التطبيع ، وأن السعودية "الجديدة" لم تعد تروّج لنفسها عبر الوجوه الدينية القديمة. أن يُحمّل تركي الحمد في تغريداته القضيّة الفلسطينيّة مسؤوليّة ما أنتجتهُ الأنظمة العربيّة الفاشيّة طيلة عقود، وأن يكون ذلك جزءًا من محاولات تبرير وتمرير التطبيع القادم، وأن يُضفي شرعية "علمانية" على تيار الثورات المُضادّة التي تقوده سعوديةُ ابن سلمان وإماراتُ ابن زايد؛ فذلك يعني أن مسار التحوّل يُؤسّس زورًا وبهتانًا على مثقف سلطان من نوع جديد بالغ البؤس، لا قيمة لديه لأي معنى أو قضية، إلا ما يريده ولي الأمر، مع أن ولي الأمر هذا لا يريد إلا البقاء متربّعًا على العرش. لنوافق المفكر والعبقري تركي الحمد في أن القضية الفلسطينية كانت لعنة على العرب، ولنؤيده في تغريدته التي حمّلها فيها تعثّر التنميّة العربيّة والانقلابات العسكريّة وقمع الحريّات.